استغرب عضو مجلس الأمة السابق مشاري العصيمي حدوث أزمات في البلد، كلما تم التلويح باستجواب رئيس الوزراء أو أحد وزرائه، مؤكداً أن الحكومة الجديدة لم تأت بجديد.

قال عضو مجلس الأمة السابق، المحامي مشاري العصيمي إن الحكومة الجديدة لم تأت بجديد، مشيراً إلى أن الجديد في البلد هو اختلاق الأزمات، ووقف عجلة التنمية، وعدم القدرة على اختيار الكفاءات، والارتجال والتخبط في المرافق الحكومية المختلفة.

Ad

وأوضح أن الجميع محبط من جراء الأزمات التي نعيشها، مستغرباً العرف الجديد الذي يطلقه البعض من أن «استجواب رئيس الوزراء خط أحمر»، لافتاً إلى أن ذلك المصطلح خارج عن رحم الدستور، مضيفاً أن المطلوب هو تقنين هذا المبدأ.

وقال العصيمي إن إحدى الأزمات التي عشناها أخيراً، كانت قضية «داو كيميكال»، وهو المشروع الذي طرح منذ أكثر من سنتين، مستغرباً الضجة التي صاحبته وأدت إلى إلغائه، رغم اعتماده من 5 جهات حكومية هي: شركة الكيماويات البترولية، ومؤسسة البترول التي تُعد الجهاز الحاضن لجميع مؤسسات البترول في الكويت، والمجلس الأعلى للبترول، الذي يرأسه رئيس الوزراء، ثم المجلس الأعلى للتخطيط، ومجلس الوزراء الذي رفع إليه المشروع واعتمده، مضيفا أن موافقة جميع هذه الجهات على المشروع الاستراتيجي، ثم الإلغاء بشكل مفاجئ يشعرني كغيري من المواطنين بالقلق.

ارتجالية

وأضاف مشاري العصيمي في الندوة التي أقامتها ديوانية جمعية الخريجين أمس الأول، تحت عنوان «قراءة في الحكومة الجديدة»، «أنا لست فنياً كي أحكم على أن المشروع في مصلحة البلد، أم ضده، لكني كغيري من المواطنين ينتابني القلق من القرارات الارتجالية التي شابت المشروع».

وأضاف أن إلغاء المشروع في لحظاته الأخيرة رغم موافقة 5 جهات حكومية عليه يمثل علامة استفهام كبيرة، وهذا يعني احتمالين، إما ان كل هذه الجهات الحكومية كانت خاطئة وبالتالي يجب محاسبتها، أو ان ما أثير من بعض أعضاء مجلس الأمة والتلويح بالاستجواب وعدم صعود رئيس الوزراء إلى المنصة، هو الذي أدى إلى إلغائه.

وقال العصيمي إن الشركة تكبَّدت نفقات كبيرة، مؤكداً أنها سوف تطالب بتعويض، بغض النظر عن الشرط الجزائي وهو 2.5 مليار دولار، مشددا على أن هناك دواعي للشركة للتعويض المادي والأدبي، إذ انها تعد من أكبر الشركات في العالم، لافتاً إلى أن سمعة الكويت بسبب هذا المشروع وضعت على المحك، مؤكدا أن إلغاء مشروع «الداو» مسؤولية رئيس الوزراء لأنه من اتخذ القرار.

ظاهرة صوتية

وقال العصيمي إن الاستجواب هو الأداة الفاعلة في الدستور، ومتى ما فرغ من محتواه أصبح مجلس الأمة ظاهرة صوتية، مستغرباً دخول البلد في أزمات، حينما يتم التلويح بتقديم أي استجواب سواء إلى رئيس الوزراء أو أحد وزرائه، متسائلا: لماذا كل هذا الخوف من الاستجوابات؟ مضيفاً انه حينما قُدم الاستجواب الأخير إلى رئيس الوزراء كان هناك ترتيب من 40 عضواً داخل المجلس، إضافة إلى الوزراء، بتأجيل الاستجواب، على الرغم من أنه يعد «وأداً» لأداة دستورية وقتلا للاستجواب، ومع ذلك ورغم الاتفاق فإننا فوجئنا بخروج الحكومة من الجلسة، وهو أمر يدعو إلى الحيرة.

واستغرب العصيمي ما جاء في كتاب استقالة الحكومة والعبارات التي حواها مثل: «مجلس الوزراء تداعى، الفوضى والانحراف في الممارسة البرلمانية، الاستجواب جسد خروج الممارسة البرلمانية وانحرافها»، مؤكداً أن كتاب الاستقالة احتوى على خمسة بنود، كل بند فيه يؤدي إلى كارثة في البلد، ومن بينها، إساءة للوضع العام والإضرار بالمصلحة الوطنية وخروج عن الثوابت، مستغرباً من حدوث كل ذلك، بسبب أن أعضاء مجلس الأمة يقدمون استجواباً إلى رئيس الوزراء.

إرجاع وزراء التأزيم

وأوضح العصيمي أن الإصرار على إرجاع وزراء التأزيم يدل على أن هناك رغبة في «ململة» الناس من مجلس الأمة والوصول إلى المثل القائل، «فخار يكسر بعضه»، مما يؤدي إلى ملل المواطنين من مجلس الأمة، وعدم رغبتهم لا في الانتخابات ولا الدستور، لافتاً إلى أن هذا هو مبتغى البعض، فهم «يريدون الناس أن تصل إلى هذه المرحلة».

وأوضح أنه لم يكن يتوقع عودة وزير الداخلية في الحكومة الجديدة، إذ ثبت أن الأخير قدم مرسوماً بإعطاء أشخاص الجنسية لا يستحقونها، حيث تبين أن عندهم جنسيات ومن ثم سحبت جنسياتهم، متسائلا: لماذا لا يساءل وزير الداخلية؟ وهناك مثال آخر، وهو رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء الكويتية (كونا) الذي دفع إعلانا لصحيفة الأهرام المصرية من المال العام، للإساءة إلى الوضع السياسي في الكويت، ورغم صدور حكم جنحة عليه، فإنه مازال على رأس عمله، موضحاً أن قضية الخط الأحمر التي يرددها البعض ستؤدي إلى حدوث كارثة.

وأوضح العصيمي أن عدم صعود رئيس الوزراء إلى المنصة يؤدي إلى ظهور نواب الابتزاز السياسي، مفسراً إصرار رئيس الوزراء على عدم الصعود إلى المنصة بأمرين، إما انه ليس لديه القدرة الشخصية للدفاع عن قراراته وبالتالي لا يستحق الاستمرار في منصبه، أو انه يخاف من الاستجوابات لأنه يعلم خطأه، موضحاً أن رئيس الوزراء إذا صعد إلى المنصة فسيريح المواطن الكويتي ويشعره بالراحة، لأن رئيس وزرائه يفنّد قراراته ويقنع الرأي العام بها، وكذلك سيؤدي إلى التخلص من نواب المساومات والابتزاز السياسي، مشيراً إلى أنه رغم معرفتا بمن كان وراء الاستجواب الأخير والنفس الطائفي البغيض، فإن رئيس الوزراء كان عليه أن يصعد إلى المنصة ويدافع عن قراراته.

وأشار العصيمي إلى إن هناك تعارض مصالح لأصحاب النفوذ داخل مجلس الوزراء، مؤكدا أن التأزيم قادم وكذلك استجواب رئيس الوزراء قادم لا محالة، لافتاً إلى أن الحكومة هي من تعطل مشاريع التنمية في البلد، كما أن هناك استجوابات جادة قادمة وسنقف وراءها وسندعهما لأنها تحقق المصلحة العامة، مؤكداً أن تعطيل مادة من مواد الدستور أمر غير مقبول، متسائلا: هل سيصعد رئيس الوزراء إلى منصة الاستجواب مستقبلا أم سيستمر التأزيم، مؤكداً أن الإجابة عند الحكومة.

غياب الشفافية

قال خبير القانون الدستوري د. محمد الفيلي في مداخلته، إن مشروع «داو كيميكال» شابه مشكلة شفافية، إذ كان أعضاء مجلس الأمة يتحدثون عن المشروع من خلال التسريبات الصحافية، مؤكدا أن من يطالب بحماية إضافية لمنصب رئيس الوزراء، عليه أن يراجع النص الحالي للدستور الذي يعطي حصانة كبيرة للمنصب، مشيرا إلى أن المطالبة بحماية إضافية يعد استثناء على الاستثناء الموجود أصلا.

وتساءل المحامي مصطفى الصراف عن جدوى استجواب رئيس الوزراء الذي لن تطرح فيه الثقة إلا إذا كان الغرض هو التصعيد فقط، وقال عبد الرحمن الحمود إن ما تعيشه الكويت في الأزمة الاقتصادية الحالية ليس مشكلة موارد وإنما مشكلة إدارية، مشيرا إلى أن التغيير الذي حصل في الحكومة الجديدة يثير الاستغراب.