ذكر مدير دائرة السواحل وتلوث الهواء في معهد الكويت للأبحاث العلمية أن الكويت تمتلك محطتي قياس للملوثات المشعة، إحداهما ضمن شبكة عالمية تابعة للجنة التحضيرية لمنظمة الحظر الشامل للتجارب النووية والأخرى تم إنشاؤها بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

أكد مدير دائرة السواحل وتلوث الهواء في معهد الكويت للأبحاث العلمية د. مانع السديراوي أن الوضع البيئي في الكويت لا يطمئن، وأن المشاكل البيئية نتيجة حتمية للتراكمات التي بدأت مع نشأة دولة الكويت، منبهاً إلى أن الملوثات التي لا لون ولا رائحة ولا طعم لها اخطر من تلك التي يمكن الاستشعار بها عبر الحواس، وأوضح أن هذه الملوثات «المخفية» موجودة بنسبة عالية في الكويت.

Ad

كاشفا أن «نسبة التلوث في أم الهيمان ليست الأعلى في الكويت بل هي كغيرها في مناطق الكويت وتعتبر في بعض المناطق السكنية مثل المنصورية والعمرية الأعلى بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت واكاسيد النيتروجين، إضافة إلى الهيدروكربون من محطات توليد الطاقة»، محملاً في الوقت ذاته المواطن «مسؤولية التعدي على البيئة من خلال بناء الشاليهات والمسنات وترك المخلفات في المخيمات البرية».

ورأى السديراوي أن الكويت في «موقع يجعلها في مرمى الفعل ورد الفعل الذي قد ينجم عما يحدث بين الجانبين الإيراني والأميركي وسط خضم من التهديدات الأميركية لإيران في ما يخص وقف تخصيبها اليورانيوم... فهل تمتلك الكويت محطة إنذار مبكر لكشف أي تسرب نووي؟ وكيف يمكن تقييم الوضع البيئي بشكل عام في الكويت؟... هذان اثنان فقط من التساؤلات التي أجاب عنها السديراوي خلال محاورة أجرتها معه «الجريدة» وسارت أحداثها كالتالي:

خطة طوارئ

• سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح طالب الجهات المعنية بوضع خطة طوارئ عاجلة استعدادا لأي طارئ يمكن أن تتعرض له دول الخليج في ظل التصعيد الإيراني-الأميركي الذي تشهده المنطقة، هل تمتلك الكويت أجهزة إنذار مبكر؟

- تمتلك الكويت محطة لقياس النويدات المشعة، تقع ضمن شبكة عالمية تابعة للجنة التحضيرية لمنظمة الحظر الشامل للتجارب النووية التي تعمل على تحديد أي تسرب إشعاعي غير طبيعي بسبب تفجير أو تسرب نووي أو عمل إرهابي وتمتلك المنظمة تكنولوجيا أخرى حول العالم مثل قياس الزلازل والصوت فوق الماء، لتحديد وقت ومكان أي حادث نووي في العالم، والعمل على معالجته، فضلاً عن أن الكويت من الدول الموقعة على اتفاقية الحظر الشامل للتجارب النووية، وعضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما خوّلها إنشاء محطة للإنذار المبكر ضد أي تلوث إشعاعي.

• لماذا تراجعت مشاريع تأهيل جون الكويت على الرغم من زيادة التطور العمراني وارتفاع نسبة التعديات البيئية على سواحل الكويت؟

- هذا الأمر منوط بالهيئة العامة للبيئة والحكومة، وأسباب التراجع موجودة لديهما.

الوضع البيئي

• كيف تصف الوضع البيئي بشكل عام في الكويت؟

- الوضع البيئي غير مطمئن، والمشاكل البيئية ليست وليدة الساعة، بل هي تراكمية نتيجة التطور العمراني السريع، فمصافي النفط مثلاً أنشئت منذ عشرات السنين، بعيداً عن العاصمة، وكانت الأحمدي مجرد مدينة سكنية للعمال، لكن مع المد العمراني أصبحت المنطقة الصناعية الجنوبية متاخمة للمناطق السكنية والشاليهات، لذا يجب بذل جهد مضاعف في مجال البيئة لمواكبة التطور العمراني السريع للمحافظة على صحة سكان الكويت.

• من المسؤول في رأيك عن تردي الوضع البيئي؟

- إذا استثنينا المنشآت النفطية والصناعية، فالمواطن والحكومة هما المسؤولان عن هذا التردي، لأن الحكومة غير مبالية بأهمية الوعي البيئي عند المواطن، فلو أدرك المواطن حجم الأضرار البيئية التي تعرّض صحته وغذاءه للمخاطر، لثار على مصادر التلوث وطالب الحكومة بإعادة تأهيل البيئة، وحمايته من الملوثات التي يتعرض لها يومياً.

ثورة أم الهيمان

• سبق لأهالي أم الهيمان إعلان الثورة مراراً على المنشآت النفطية وما تصدره من انبعاثات ملوثة فلماذا لم يتغير أي شيء؟

- قضية أم الهيمان ليست الأهم في الكويت، فحتى الآن لم تسجل القراءات التي تم رصدها عبر أجهزة رصد تلوث الهواء، في أم الهيمان ومحيطها أي نسب أعلى من النسب التي تم رصدها في جميع مناطق الكويت، لأن التلوث الموجود في أم الهيمان هو نفسه الموجود في كل المناطق الكويتية، لا بل إن بعض مناطق الكويت كالمنصورية والعمرية تسجلان مستويات تلوث أعلى من تلك التي تسجل في أم الهيمان، مع أن المنصورية تقع في العاصمة، انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين، إضافة إلى الهيدروكربون التي تصدرها محطات توليد الطاقة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن نسبة الـ 80% من ثاني أكسيد الكبريت في أرجاء الكويت سببها هذه المحطات، والمشكلة في ام الهيمان أن هذه الملوثات التي تصل إليهم ذات لون ورائحة، ويتم الاستشعار بها، في حين أن مناطق أخرى تصل اليها ملوثات لا رائحة لها ولا لون وقد تكون أخطر.

• الانبعاثات الملوثة التي نشعر برائحتها مخيفة، لكن «المخفي أعظم»، هل ينطبق هذا المثل على التلوث في الكويت؟

- الانبعاثات الملوثة التي لا طعم ولا رائحة لها تعتبر مخيفة إلى حد كبير وما أكثرها في الكويت، لذلك أعود وأقول إن الوضع البيئي في الكويت غير مطمئن.

• إلى أي حد ساهم «الدفان» في المنطقة الحرة في تغيير جيومورفولوجية الساحل؟

- دفان المنطقة الحرة عبارة عن ردم المسافة ما بين الساحل وجزيرة صغيرة مقابلة له، ولا شك أن هذا الردم اثر في حركة مياه الخليج وعلى الترسيبات الطينية في المنطقة.

المردود البيئي

• ماذا عن دراسة المردود البيئي للمنطقة الحرة ألم تكن نتائجها مطابقة لما يحدث الآن من تغيرات في البيئة الساحلية؟

- ما من مشروع أقيم في الكويت وبصدد إقامته إلا ويتم إجراء دراسة مردود بيئي خاص به، لكن يبقى المعهد جهة استشارية تقدم الدراسات والمشورات للحكومة والمؤسسات الخاصة، في حين أن الأمور الرقابية من مهام الهيئة العامة للبيئة التي لديها اشتراطات وقوانين بيئية.

• ما الذي يهدد البيئة الساحلية في الوقت الحاضر؟

- التعديات على البيئة كثيرة، لكنها درجات ويمكن تصنيف أبسطها بتلك التي يقوم بها المواطنون، والمتمثلة في بناء الشاليهات والمسنات أي مرسى القوارب، إضافة إلى رمي المخلفات، وللأسف الشديد لا يدرك هؤلاء المواطنون أن الساحل يحتاج إلى عشرات السنين حتى يستعيد خاصيته البيئية الأصلية التي كان عليها قبل إنشاء المسنات، ناهيك عن التعديات الموجودة في البيئة الصحراوية من جراء المخيمات البرية