بعد اخراجه الفيلم الوثائقي Little Dieter needs to fly عام 1997 عن الطيار ديتر دنغلر، يعود المخرج ورنر هيرزوغ الى الموضوع نفسه، العزيز على قلبه، ليروي قصة هذا الطيار الألماني المولود في الولايات المتحدة، كان بمثابه صديق له الى حين وفاته عام 2001، في فيلم طويل سينمائي ذات منحى درامي حقاً، علماً أن أفلام هيرزوغ قلما تبلغ مرحلة توتر عالية.

Ad

ربما توازي المشاهد الأولى فيRescue Dawn فعلاً تلك الموجودة في فيلم المخرج فرانسيس فورد كوبولا الشهير Apocalypse Now. طبعاً ليس ذلك المشهد العنصر الوحيد الناجح في فيلم محوره حرب فييتنام، فمشاهد السجن عنيفة وهي الأكثر تأثيراً منذ فيلم مايكل شيمينو الشهير The Deer Hunter.

تدور الأحداث عام 1965: يتحضر الطيار ديتر دنغلر (كريستيان بايل)، ملازم في القوة الجوية الأميركية، لجولته الجوية القتالية المقبلة بعد مرور أيام قليلة على استخفافه بفيلم مؤلم عن البقاء على قيد الحياة في أراضي العدو. خلال مهمة التفجير السرية فوق لاوس تصاب طائرته فور دخولها أرض العدو وتتحطم في الغابة، فيحاول البقاء على قيد الحياة إلى أن يقبض عليه الجنود اللاويّون.

عندما يرفض التوقيع على أي وثيقة تدين البلد الذي استخدمه، يخضع دنغلر للتعذيب قبل ان يرحّل إلى سجن في مكان ناء. هناك، يتعرف الى زميلين أميركيين دواين (ستيف زان) وجين (جيريمي جايفس) يعيشان على أمل أن ينقذا يوماً. يعاني دنغلر من الأوضاع الفظيعة في المخيم قبل أن يقرر الهرب مشركاً معه زميليه اللذين استبعدا تلك الفكرة لمدة سنتين. بعد أشهر من التجويع والتعذيب وقضاء ليالي من دون نوم، يبدأ تنفيذ خطته، لكنه سرعان ما يدرك أن حتى الأصدقاء يصبحون أعداء!

لا يوجد الكثير ليقال عن قصة حقيقية منقولة الى فيلم سينمائي، التزم الراوي بالأحداث الواقعية، ولا يبقى على المشاهد الا الجلوس ومشاهدة، بذهول، كيف يمكن لرجل أن يمر بكل تلك المصاعب العنيفة ويتحمل العذاب كله. أما المخرج هيرزوغ فقام بعمل رائع عبر تخفيف الموسيقى لسماع الاصوات في الغابة وتخيل وجودنا هناك، إلى مشاهدة دنغلر يمر بين الأغصان وهو يستعمل مطواه لفترة طويلة. عادةً تحذف البعض من تلك المشاهد لعدم إضاعة الوقت، لكن يدخلنا هيرزوغ الى أجواء الفيلم عبر المناظر المؤلمة، واللافت أنه لم يضعه في خانة الأفلام الإستعراضية.

تألق بايل

من أجل تجسيد القساوة والعذاب اللذين مرّ بهما دنغلر بالإضافة إلى ذكائه وقدرة تحمله، وجد هيرزوغ ما كان يبحث عنه في الممثل كريستيان بايل، الذي استطاع أن يقدم دوراً، ينجح به قلة من الممثلين. يأكل بايل الدود في الفيلم ويجري في الحبال ويجول في الغابات ويقطع الأنهر الأكثر خطورة ويقدم أداء أكثر عمقاً من أي دور قام به سابقًا. في الشخصيات الثانوية أدى الممثلان جيريمي دايفس وستيف زان دوريهما بطريقة جيدة وداعمة للممثل بايل.

للمرة الاولى في حياته المهنية، يقدم مخرج الافلام الألماني ورنر هيرزوغ ( 64 عامًا) فيلماً يشعرنا بمعالجة ذكية لموضوع يتمحور حول فرار من السجن، فيه وعي كامل للطبيعة المحيطة به. يمكن القول أن Rescue Dawn هو خليط من فيلم The Great Escape والأفلام الوثائقية الحربية التي تعرض على The discovery channel.