أثارت الأنباء عن قيام إسرائيل بتدريبات عسكرية بهدف التحضير لضرب المنشآت النووية الإيرانية، عاصفة من ردود الأفعال التي حذَّرت معظمها من مغبة الإقدام على اعتماد الخيار العسكري لحل الأزمة النووية الإيرانية. بعد الهدوء النسبي الذي شهدته الساحة بين واشنطن وطهران، على خلفية تقديم عرض الحوافز الدولية المحسّن الى ايران، التي لم تقدّم ردّها بشأنه بعد، عادت غيوم التشاؤم واحتمال اعتماد الخيار العسكري لتلبّد سماء منطقة الشرق الاوسط. وذلك، بعد تأكيد مسؤول عسكري أميركي إجراء إسرائيل مناورات جوية فوق البحر المتوسط أوائل الشهر الجاري، معتبراً أن الهدف قد يكون إظهار قدرات تل أبيب على ضرب المفاعلات النووية الإيرانية، وموضحاً أن المسافة التي قطعتها المقاتلات الإسرائيلية تعادل تلك الفاصلة عن مفاعل «ناتنز» في إيران.الرد الإيراني الشديد اللهجة كالعادة تجاه «الكيان الصهيوني»، جاء على لسان المتحدث باسم الحكومة الإيرانية غلام حسين إلهام امس، الذي اعتبر ان الأنباء عن التدريبات لضرب إيران «تبرهن وجهة نظر الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأن إسرائيل نظام خطير وعائق للسلام والهدوء في المنطقة والعالم».وشدَّد الهام على ان «قيام هذا الكيان بمثل هذا العمل الوقح (ضرب ايران) يعد من الامور المستحيلة». واعرب عن اعتقاده بأن «استمرار وجود اسرائيل يؤدي الى استمرار التدمير والتهديد والاغتيال».وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن مسؤولين أميركيين أن إسرائيل نفّذت تدريبات عسكرية واسعة في الثاني من يونيو الجاري، مرجحين أن تكون تدريبات لغارات محتملة على منشآت إيران النووية. وأشار المسؤولون الى أن الولايات المتحدة تعتقد أن هذه المناورات هي «جزء من جهود إسرائيل لبعث رسالة علنية بأنها تملك القدرة على مهاجمة مشروع إيران النووي». وتَبَيَّن أنه شارك في هذه المناورة عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية بما فيها من طراز «أف-15 أس» و«أف-16 أس» وطائرات للتزود بالوقود جواً. ولفت إلى أن حجم المناورة كان كافياً لكي ترصده الولايات المتحدة وغيرها من دول الشرق الأوسط. لا لـ «التعليق»من جهة أخرى، جدد المتحدث باسم الحكومة الايرانية رفض بلاده تعليق انشطتها النووية المتعلقة بتخصيب اليورانيوم. وقال: «لا نقبل بتعليق انشطتنا النووية المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بأي شكل من الاشكال لأن هذا الموضوع غير منطقي وبناء على ذلك، فإن المباحثات لن تدور حول التعليق». وفي السياق نفسه، نُقل عن مبعوث طهران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، علي أصغر سلطانيه قوله أمس، ان إيران تمضي قدماً في تخصيب اليورانيوم «دون توقف» بالرغم من تقديم القوى العالمية لعرض لحوافز.وأكد سلطانيه أن أنشطة إيران «تخضع لمراقبة دائمة من خلال كاميرات الوكالة الدولية»، وأن «أعمال التفتيش التي تقوم بها الوكالة تجري بشكل مستمر». ولفت إلى أن «موضوع طلب وقف تخصيب اليورانيوم موضوع قديم يفتقر إلى أي أسس فنية وقانونية»، مضيفاً أن إيران «تريد مواصلة التعاون مع الوكالة».جلسة سريةفي هذه الأثناء، أعلن عضو الهيئة الرئاسية لمجلس الشورى الاسلامي حميد رضا حاجي بابايي امس، أن المجلس سيدرس في جلسة سرية اليوم، آخر التطورات المتعلقة بملف بلاده النووي. ونسبت وكالة الانباء الايرانية الرسمية «ارنا» إلى باباي قوله: ان رئيس منظمة الطاقة النووية الايرانية رضا آقازاده وامين المجلس الاعلى للأمن القومي سعيد جليلي سيحضران في اجتماع غير علني لدراسة آخر التطورات المتعلقة بالملف النووي. وأوضح: «سيقدم كل من آقازاده وجليلي تقريراً عن التطورات الاخيرة للقضية النووية لنواب مجلس الشورى». دمشق وبيونغ يانغ وفي معلومات صحافية ذات صلة، ذكرت مجلة «در شبيغل» الالمانية ان «دمشق وبيونغ يانغ ساعدتا طهران على تطوير برنامجها النووي عبر بناء موقع نووي في سورية دمرته اسرائيل في سبتمبر الماضي».وذكرت المجلة في عددها الذي يصدر غداً الاثنين، نقلاً عن تقارير اجهزة الاستخبارات الالمانية، ان الرئيس السوري بشار الأسد «يفكر حالياً في سحب دعمه للبرنامج النووي الايراني».وبحسب المصدر عينه، فإن موقع «الكبر» في سورية الذي «دمره الطيران الاسرائيلي بدعم من واشنطن»، كان مقرراً ان يُستخدم لبناء مشروع عسكري «مشترك بين سورية وكوريا الشمالية وايران»، وهو عبارة عن مفاعل نووي لغايات عسكرية.وبحسب مصادر «در شبيغل»، كان مقرراً ان تساعد بيونغ يانغ العلماء الايرانيين على التقدم في برنامجهم النووي عن طريق تزويدهم بـ «معلومات اضافية». وكان مقررا ايضا ان يكون «الكبر» موقعاً موقتاً لايران تطور فيه قنبلتها النووية بانتظار تمكنها من القيام بذلك على اراضيها.تفتيش في سوريةوتستضيف دمشق مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم، لكن هذه الزيارة ربما لا تفسد الشعور بالثقة الذي ولدته محادثات السلام غير المباشرة مع إسرائيل، والمكاسب التي حققها حلفاء سورية في لبنان والتقارب مع فرنسا.ومن الواضح أن السوريين لا يشعرون بالرضا تماماً تجاه زيارة فريق الوكالة، إلا أن مزاجهم العام يتسم بالتفاؤل في الوقت الحالي، حسب بعض المصادر.البرادعيمن ناحية أخرى، حذّر المدير العام للوكالة الدولية محمد البرادعي من ان توجيه ضربة عسكرية إلى ايران سيحول منطقة الشرق الاوسط الى كرة من اللهب، ويشجع طهران على بدء خطة عاجلة لصنع اسلحة نووية.وقال البرادعي: ان « ضربة عسكرية في رأيي ستكون أسوأ من اي شيء... ستحول منطقة الشرق الاوسط الى كرة من اللهيب». واضاف انه لا يعتقد ان ما يراه في ايران اليوم «خطر بالغ وملح»، مشيرا الى ان القيام بعمل عسكري ضد ايران في هذا الوقت سيجعله «غير قادر على مواصلة عمله».وحذرت روسيا ايضاً من التهديدات العسكرية امس الاول، وقال سفيرها لدى الأمم المتحدة فيتالي شوركين، ان تهديد إيران بعمل عسكري بشأن برنامجها النووي قد يقوض قوة الدفع الجديدة في حملة القوى الكبرى العالمية الست لحل المواجهة النووية مع طهران.(واشنطن - أ ف ب، رويترز، يو بي آي، كونا)
دوليات
طهران تردُّ على إسرائيل: نظام خطير... وضرب مفاعلاتنا أمر مستحيل جلسة إيرانية سرية لمناقشة العرض الدولي مفتشو الوكالة الذرية في دمشق اليوم
22-06-2008