من المنتظر من الإدارة العامة للمرور السبَّاقة دائماً إلى كل ما فيه مصلحة المواطنين والمقيمين أن تتحرك سريعاً من أجل مواجهة ظاهرة قيادة بعض المستخفين بالقوانين مركباتهم من دون إضاءة أنوارها لتصبح مظلمة الجوانب مظلمة العواقب.

Ad

تسعى الادارة العامة للمرور دائما الى تحقيق كل ما يرنو إليه المواطنون، لا سيما مع اطراد النتائج الايجابية التي تحققها الادارة في القضايا المختلفة وإيجاد حلول لها سواء كانت قضايا متعلقة بالطرقات أو أخرى داخل أروقة الادارة نفسها، في تجسيد واضح لجهود وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون المرور اللواء ثابت المهنا، وقياديي المرور متمثلين في المدير العام لتنظيم السير اللواء محمود الدوسري ومساعده العميد عبدالفتاح العلي ومدير تراخيص المرور العميد محمد بتال الديحاني ورجال المرور كلهم بلا استثناء، الا ان هناك ظاهرة يجب الالتفات اليها من قبل الجميع، من اجل إيجاد أفضل الوسائل التي تحد من انتشارها في البلاد، وخصوصا انها باتت تهدد ارواح مرتادي الطرقات السريعة، والطرق البرية على وجه الخصوص، وفي الشاليهات المظلمة، والتي تتزايد ضحاياها مع مرور الوقت ألا وهي «قيادة المركبة مطفأة الأنوار».

تهديد للحياة

لقد أصبحت تلك الظاهرة تنتقل بين الشباب الذي لا يقدر المسؤولية، وتتزايد بشكل كبير وملحوظ في الآونة الاخيرة، الامر الذي يضايق مرتادي الطرق، بل ويهدد حياتهم، اذ يقود هؤلاء المستهترون سياراتهم ليلا وأنوارها منطفئة، وفي طرق مظلمة أصلا فضلا عن انطلاقهم بالسرعة القصوى التي تجعل السيطرة عليها في أقل درجاتها، وهو ما يؤدي إلى كوارث حقيقية بفقدان أسر بكاملها أو فقدان عائلها أو العيش لمن قدر له النجاة بإعاقة تمنعه من الاستمتاع بالحياة الطبيعية.

إننا -ولهول نتائجها- نستطيع القول إن هذه القضية غير محتملة، لذا فإن حلها لا يقبل التأجيل، إذ لا يمكن القضاء عليها الا عند توافر قوة أمنية مشددة لديها الرغبة الأكيدة في التصدي لمثل هذه الأعمال الخطيرة، التي تمنع إهدار الطاقات والثروات البشرية وتعريضها للخطر على يد ثلة من الشباب الذين لا يعرفون أهمية الحياة.

صرعى ومعوقون

وتأتي هذه الثلة من المستهترين بهذه السلوكيات في عدم وجود قوى أمنية تردعهم وتمنعهم من القيام بمثل هذه الاعمال الصبيانية في الطرقات الرئيسية والفرعية، غير مكترثين بحياة الاخرين الذين يرتادون الطريق من عائلات وشبان، وخصوصا في أيام العطل والاجازات ونهاية الاسبوع، حيث تبدأ هذه الظاهرة في الانتشار كما تنتشر النار في الهشيم بين الشباب الذين يجرون وراء المتع اللحظية بتجريب ما يظنونه مغامرة أو إحساسا جديدا ممتعا عند قيادة السيارة بلا أنوار وبسرعة عالية في الطرق السريعة التي تكون الإنارة فيها غير عاملة، ولا يدرون أن ذلك التصرف يعني ضحايا من المواطنين والمقيمين ما بين صريع ومعوق ويتيم مشرد.

تصرف إرهابي

الجدير بالذكر أن هؤلاء القلة من الشباب المستخف بالحياة يستغلون تأخر وزارة الاشغال في إصلاح الأعطال الطبيعية التي تلحق بالإنارة في بعض الطرق في القيام بمخططهم الذي يصلح أن نطلق عليه «مخطط إرهابي» غير ناسين التحلي بكل الآداب المرورية عند اقترابهم من المناطق التي توجد فيها دوريات المرور وما إن يتجاوزونها حتى يعودوا إلى ما هم عليه من سوء أخلاق أو بالأحرى انعدام أخلاق، إذ إن هذه الظاهرة تتسبب بكثرة الحوادث المؤلمة، وتزايد عدد الوفيات، في الوقت الذي يسعى فيه كل القائمين على الشأن الامني بوزارة الداخلية إلى خفض عدد الوفيات الناتجة عن الحوادث المرورية بسن القوانين التي تكفل سلامة مرتادي الطريق وليس قانون منع استخدام الهاتف النقال باليد أثناء القيادة عنا ببعيد، من هنا يجب سن القوانين الرادعة للوقوف في وجه هذه الظاهرة والقضاء عليها من جذورها، حرصا على حياة الابرياء لا سيما ان الإدارة العامة للمرور سباقة إلى ما فيه مصلحة المواطنين والمقيمين.

تقليد ليس إلا

وكشفا لحقيقة تلك الظاهرة تطرقت «الجريدة» إلى مناقشتها مع أحد هؤلاء الشباب الذي فضل عدم ذكر اسمه أو نشر صورته، شارحا دوافعه للقيام بهذه العملية، فقال «بدأت القيام بهذه التصرفات حينما رأيت شبابا يقومون بها، فبدأت أقلدهم من دون ان أجد تفسيرا مريحا لها»، مبينا انه لا يجد الامر مسليا أو ممتعا بالقول «انا لا أجد متعة في هذا الامر إلا أنه شعور بالرغبة في المحاكاة، من دون أن أفكر في الموت الذي قد يجلبه علي هذا التصرف، وكذلك مصير الطرف الاخر الذي من الممكن أن اصطدم به».

وأوضح هذا الشاب أنه أقلع عن هذا التصرف الأهوج بعد سماعه عن حوادث مرورية جمة، نتيجة «القيادة المظلمة»، بل أصبح ينصح الآخرين بعدم القيام بهذه الاعمال.

رجال الشرطة لا يقصرون

ومن الجهة المقابلة شكا مواطن كان يمارس رياضة المشي في أحد الطرقات في إحدى مناطق الشاليهات من «شبان يستعرضون بسياراتهم في الطرقات السريعة البرية وأنوار سياراتهم مطفأة، ويدخلون الطريق بعكس الاتجاه، ويقومون بحركات بهلوانية بسياراتهم، من دون التفكير في ما قد يحدث من ضرر لمرتادي الطريق، فيمكن أن يصطدموا بهم من الخلف، أو أن يخرج أحد الاشخاص من الطرق الفرعية على الطرق الرئيسية ويصطدم بهم، لأنه لا يستطيع رؤيته وسيارته بلا أنوار».

وأوضح ان «هذه مشكلة عانينا بسببها كثيرا، على الرغم من ان رجال الشرطة لا يقصرون فعندما يشاهدون أحدا من هؤلاء يسرعون بضبطه وإحالته إلى التحقيق، ولكننا لا نريد أن يعتمد رجال الامن على المصادفة في ضبط هؤلاء الاشخاص، بل يجب أن تقوم الشرطة بتكليف قوات مرورية بمتابعة مثل هذه الاعمال الصبيانية التي تهدد حياة الناس، وخصوصا أن القائمين بها لا يفعلونها إلا حينما يشعرون بأنهم آمنين من الشرطة».

اجتماعات متوالية لمناقشة القضايا المرورية

علمت «الجريدة» من مصادر أمنية مطلعة أن وكيل وزارة الداخلية المساعد اللواء ثابت المهنا يجتمع بشكل شبه يومي بقيادات المرور وعلى رأسهم مدير عام الادارة العامة للمرور اللواء محمود الدوسري ومساعده العميد عبدالفتاح العلي، لمناقشة القضايا المرورية، لتفادي السلبيات والحرص على تدعيم الايجابيات، من أجل التوصل الى افضل النتائج وتطبيقها على أرض الواقع.

ومن المؤكد ان ما يعانيه الجميع من مشكلات تهدد امن مستخدمي الطريق يشكل محورا مهما من محاور تلك المناقشات لا سيما قضية «القيادة المظلمة»، التي يئن منها الشارع الكويتي، ويطالب بحلول جذرية لتلك المشكلة العويصة ليطمئن الناس على حياتهم، وتقل نسبة الحوادث التي تؤرق الجميع.

المشعان: ظاهرة تؤدي إلى تدمير الذات لا إثباتها  على الداخلية معالجة الظاهرة بالنصح لا القمع

شدد رئيس قسم علم النفس في جامعة الكويت الدكتور عويد المشعان على أن ما يعرف بـ«القيادة المظلمة»، نوع من السلوك الدخيل على شبابنا، وان القائمين بهذل التصرف لا يعرفون كيف يثبتون انفسهم في مجتمعهم الا عن طريق مثل هذه التصرفات التي تهدد حياتهم وحياة الآخرين، لافتا إلى أن «الشباب بطبعهم مقلدون، لأن رغبتهم في التحدي تحتاج إلى مثال يقتدى به وإذا لم تستغل هذه الرغبة في ما يصب في مصلحة المجتمع فإنهم سينحون منحى يفرغون فيه طاقاتهم من خلال تصرفات هوجاء مثل تلك التي نعانيها حاليا».

وأكد المشعان أن «هذه التصرفات غير المسؤولة تؤدي الى الحوادث التي لا تحمد عقباها»، ولا يجني منها القئم بها إلا الموت أو الإعاقة وفي أحسن الظروف التسبب بضرر الآخرين في محاولة لإبراز ذاته بأي وسيلة كانت، ولا أرى في هذه الاعمال إلا تدميرا للذات من دون شعور».

وكشف أن علاج هذه المشكلة له عدة محاور منها التربية إذ يجب ان تحرص على توعية أبنائها وترشدهم الى الطريق الصحيح الذي يضمن سلوكهم المسلك الصحيح، ومنها المتابعة الامنية الجيدة بما في ذلك تنظيم الحملات التوعوية من قبل الوزارة وسن القواعد واللوائح التي تضمن عدم الإقبال على مثل هذه الأعمال والسير قدما على نفس الخطى التي سبق أن اتخذت بشأن استخدام الهاتف النقال وأخيرا محاسبة المستهترين وردعهم بالعقوبات الشديدة».