تتجه الأنظار الى الكويت التي تحتضن القمة الاقتصادية العربية الأولى، التي ستنطلق فعالياتها اليوم وتستمر يومين، بمشاركة 22 دولة عربية وبحضور 17 من قادتها الذين بدأوا بالتوافد امس الى البلاد، وسيغيب عنها الملك المغربي وسلطان عمان والرئيس الليبي والرئيس الصومالي.

Ad

وإذ تسعى القمة الى وضع أسس مستقبلية قوية ترتكز عليها خطط واضحة المعالم للاقتصاد العربي والقضايا الاجتماعية والتنموية الاخرى المرتبطة به، يأتي على رأس جدول أعمالها الوضع في غزة وتداعيات العدوان الاسرائيلي على القطاع، ومن المتوقع أن تنعكس التطورات التي حصلت في الساعات الـ24 الأخيرة والمتضمنة وقف النار الإسرائيلي وموافقة «حماس» عليه وقمة شرم الشيخ ارتخاءً نسبياً في الأعصاب المشدودة من جراء «قمة الدوحة» التي عُقِدت «بمَن حضر» محاولة إدانة «عرب الاعتدال»، فالزعماء الذين سيناقشون مسألة غزة في الكويت سيجدون أنفسهم أمام وضع جديد يفرض عليهم الانطلاق من وقائع مختلفة عن تلك التي رافقت لقاء الدوحة، ويدفعهم الى تضييق شقة الخلاف والخروج بقواسم مشتركة تسمح بإعادة الأمل بالعمل العربي المشترك بديلاً عن الفوضى التي اعترته خلال الأيام السابقة.

وعلمت «الجريدة» من مصادر مطلعة ان الكويت أجرت أمس سلسلة من الاتصالات مع الأطراف الرئيسية المشاركة في القمة بهدف تقريب وجهات النظر ولملمة الخلافات حول النقاط الجوهرية، خصوصا تلك المتعلقة بالموقف من المبادرة العربية والعلاقات مع اسرائيل.

وحسب المصادر، فإن الاتجاه يميل الى إصدار «بيان قوي» يتناول الوضع في غزة ويعتبر «المبادرة العربية» للسلام «الفرصة الأخيرة»، محذراً من ضياع هذه الفرصة، ومشددا على وجوب التوجه الجدي نحو السلام استناداً إلى المبادرة العربية والقرارات الدولية.

وتضيف هذه المصادر، ان أبرز ما سيتفق عليه القادة العرب هو صندوق اغاثة غزة الذي سيُعلَن إنشاؤه مع آليات تضعه موضع التنفيذ الفوري.

ومن جانبه، جدد امس وزير الاعلام الكويتي الشيخ صباح الخالد تأكيد ان القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية -قمة التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة- ستولي القضية الفلسطينية اهتماما خاصا في ضوء العدوان الاسرائيلي على القطاع.

وصرح الوزير الخالد امس بأن «القمة ستبحث في مقدمة جدول اعمالها العدوان على غزة، وإنشاء صندوق لدعم أهالي غزة وإعادة اعمار القطاع بعد الدمار الذي تعرض له جراء العمليات الحربية الاسرائيلية»، مشيرا إلى أن «القمة ستناقش تشكيل مؤسسات مالية لتقييم الأضرار والخسائر ودراسة الآليات اللازمة لعملية تمويل اعادة الاعمار لقطاع غزة بمبلغ سيصل الى ملياري دولار».

وأكد ان «حضور قادة الدول العربية سيعطي زخما كبيرا للقمة»، لافتا الى أن «القمة العربية الاقتصادية تعقد في ظروف بالغة الصعوبة، اذ ان العالم يمر بأزمة اقتصادية ومالية لم يشهد لها مثيلا من قبل، كما ان تداعياتها وتأثيراتها الاقتصادية طالت الجميع بلا استثناء».

واعرب عن قناعته بانه «يمكن للدول العربية ومن خلال القمة التكاتف في ما بينها للتقليل من تلك التداعيات بقدر الإمكان على شعوبها». موضحا أن «القمة وضعت نصب أعينها عشرة مشاريع تنموية واقتصادية واجتماعية حيوية للتركيز عليها والعمل على تفعيلها من اجمالي أكثر من 400 مشروع»، مشيرا الى أن «كل الظروف مواتية للقمة بوضع آليات ومقررات قابلة للتنفيذ والتطبيق على أرض الواقع لتلك المشاريع الحيوية للعالم العربي».

وتتناول القمة محاور رئيسية عدة مثل اقامة اتحاد جمركي والاتفاقية العربية لتجارة الخدمات وبطاقة المستثمر التي تسمح بسهولة انتقال رجال الأعمال بين الدول العربية، كما تتناول موضوعات التجارة والتكامل الاقتصادي والارتباط بمنظومة النقل بين الدول العربية من سكك حديدية وطرق بحرية وقضايا التعليم والصحة والفقر والحد من البطالة وتحديات المستقبل ومتطلبات الأمن الغذائي والتغيرات المناخية.

الى ذلك اجمع عدد من القادة العرب في تصاريح صحافية ادلوا بها عند وصولهم الى البلاد لحضور القمة امس على دعم غزة وإدانة العدوان الإسرائيلي عليها والعمل على اعادة بنائها. فمن جانبه، قال صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر «نتطلع الى فتح آفاق جديدة للعمل العربي المشترك في المجالات الاقتصادية والتنموية، تسهم في دعمه وتعزيزه من اجل تلبية حاجات وتطلعات شعوبنا نحو غد افضل ومستقبل مشرق بإذن الله، كما نتطلع الى ان يسفر لقاؤنا عن قرارات من شأنها وضع حد للعدوان الاسرائيلي على غزة وتوفير الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني».

وقال الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة ملك مملكة البحرين الشقيقة: «نؤكد اليوم ونحن في قمة الكويت وقوفنا ومساندتنا لاخواننا الفلسطينيين في غزة اثر ما تعرضوا له من اعتداء اسرائيلي وحشي، الامر الذي يحتم علينا جميعا العمل على وحدة الكلمة الفلسطينية والعمل والمصالحة بين كل الفصائل الفلسطينية».

واضاف: «لاشك ان حكمة سمو الامير الشيخ صباح الاحمد ستقود هذه القمة نحو القرارات المناسبة لكل ما هو مطروح امامنا في جدول اعمالها من موضوعات تهم مسيرة التعاون العربي المشترك في المجال الاقتصادي والاجتماعي والتنموي». ومن جهته، اشاد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بما «بذلته دولة الكويت من جهود كبيرة، من اجل توفير كل اسباب النجاح لقمتنا هذه، التي تنعقد في ظرف شديد الدقة بسبب ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة من عدوان اسرائيلي غاشم خلف آلاف الضحايا من القتلى والجرحى واوضاعا مأساوية بالغة الخطورة على المستوى الانساني وعلى مستوى الدمار والتجويع والتهجير، وهي كارثة تفرض علينا التحرك الشامل والعاجل والناجع لوضع حد لمعاناة اخواننا الفلسطينيين».

أما الرئيس اليمني علي عبدالله صالح فقال: «نحن في الجمهورية اليمنية لدينا رؤية سنتقدم بها إلى القمة ازاء ما يجري في غزة، وسنعمل على ان تخرج القمة بقرارات في طليعتها الانسحاب الاسرائيلي الفوري من قطاع غزة، وإزالة آثار العدوان، وفتح كل المعابر، وانهاء الحصار الجائر المفروض على ابناء الشعب الفلسطيني، واعادة النظر في العلاقات وكل اشكال التعاون الاقتصادي والسياسي مع اسرائيل، والتحرك العربي من اجل فرض الحصار الاقتصادي والسياسي والعسكري على اسرائيل، ومنع توريد الاسلحة لها لمخالفتها قرارات الشرعية الدولية، ومحاكمة القادة الاسرائيليين المسؤولين عن المجازر التي ارتكبت ضد الابرياء في قطاع غزة امام القضاء الدولي اسوة بما تم مع مجرمي الحرب في صربيا، وانشاء صندوق لاعادة اعمار غزة ودعم نضال الشعب الفلسطيني، ومطالبة اسرائيل بدفع تعويضات للفلسطينيين ازاء ما ارتكبته من جرائم ودمار ومحرقة».