يأخذ معظم الناس عطلتهم للابتعاد عن عملهم، لكن سيرياك رودينغ أخذ عطلة للعمل.

Ad

عوضاً عن الاسترخاء على الشاطئ، جال رودينغ، وهو خبير في تكنولوجيا الاتصال الخلوي ومتحمس جداً لعمله، حول العالم ليرى كيف يستعمل باقي العالم الهاتف الخلوي. رأى عدادات لتحديد مدة وقوف السيارات تتحدث عبر الهواتف في نيوزيلاندا، ورهبانًا مراهقين يبعثون برسائل نصية في دير في جبال الهملايا، ومحطات لشحن الهاتف الخلوي على امتداد نهر الغانج في الهند، على مقربة من محرقة للجثث تشتعل فيها النار.

استقال رودينغ (35 عاماً) من منصبه كنائب مدير تنفيذي لشركة CBS Mobile في مارس (آذار) الماضي بعدما وجّه القسم الجديد من تلك الشركة العملاقة في مجال الإعلام في خلال سنواته الثلاث الأولى، وبعدما أسس منتجات ترتكز على الهاتف الخلوي لتلك الشركة التي تضم برامج كتلك التي في مجموعة the «CSI» franchise.

كذلك، قال رودينغ، الذي أسس شركة للهواتف الخلوية في ألمانيا قبل أن يلتحق بشركة CBS، إنه ترك الشبكة لأنه يميل إلى العمل على مشاريع معيّنة، وما إن تأسست شركة CBS Mobile وبدأت عملها، حتى أصبح جاهزاً لبداية جديدة.

قبل أن يبدأ مشروعاً جديداً، شعر رودينغ بالحاجة إلى «أن يعرِّض نفسه لمجموعة من الأوضاع الصعبة ويخرج من حياته المريحة نوعاً ماً» بحسب ما قاله في مقابلة حديثة أجريت معه.

في هذا الإطار، أعدّ وصديقته لائحة بالأماكن التي يرغبان في زيارتها. عند سؤال رودينغ عن لائحته، لاحظنا أكثر من مجرد رغبة في رؤية مشاهد مميزة: أراد أن يرى كيف تستعمل الهواتف الخلوية في أنحاء العالم التي لم يتعامل معها أو يفكر فيها أبداً أثناء عمله لدى شركة CBS.

في ذلك الوقت قال رودينغ: «أحتاج إلى معطيات»، فتمثلت في رحلة بدأت في 8 يوليو (تموز) الماضي في لوس أنجليس وامتدت إلى 20 أغسطس (آب) الماضي. سافر وصديقته إلى فيجي، نيوزيلندا، سنغافورة، بهوتان، النيبال، تايلاند، جنوب افريقيا، البرازيل، كوستا ريكا، رافضاً الإفصاح عن كلفة تلك الرحلة.

انتشار واسع

ما حصل عليه رودينغ من خلال تلك الرحلة حول العالم (إلى جانب التهاب في الأذن)، عبّر عنه بالتالي: «عرفت مدى أهمية الهاتف الخلوي حتى الآن، لكن عليّ إخباركم أنني صُدمت أحياناً للدرجة التي وصل إليها استعمال الهاتف الخلوي وفوجئت كثيراً بأنه يصل إلى أقاصي العالم».

في نهاية السنة الماضية، بلغ انتشار الهاتف الخلوي في العالم 50 % بحسب شركة أبحاث Informa وارتفعت مبيعاته العالمية بنسبة 12 % في الربع الثاني من عام 2008، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب أبحاث Gartner. جاء الربح الأكبر في سوق آسيا والمحيط الهادئ، حيث ارتفعت المبيعات بنسبة 21 % وحيث أمضى رودينغ معظم رحلته.

يُذكر أنه في البلدان التي زارها رودينغ، تعتبر الرسائل النصّية أكثر شيوعاً من المكالمات الهاتفية لأنها أقل كلفة. في معظم الأحيان، تتضمن الهواتف الخلوية راديو بموجتي AM وFM. بالنظر إلى الكلفة المرتفعة لنقل البيانات، بالكاد بدأ تصفّح الانترنت عبر الهاتف الخلوي بالانتشار في الدول الفقيرة.

على الرغم من أن معظم لوحات المفاتيح في الهواتف الخلوية هي بالإنكليزية، يستعمل من لا يجيدون تلك اللغة أحرف الأبجدية الإنكليزية كرموز لكلمات وجمل في لغاتهم الخاصة، تماماً كما يستعمل اليابانيون لغة كانجي الصينية.

عن ذلك يقول رودينغ: «ما يعنيه ذلك بالنسبة إلى الشركات واضح: ينبغي على تلك التي ترغب في تقديم خدمات عبر الهاتف الخلوي أن تكون «متخصصة في هذا النوع من المنتجات» فحسب التي تختص بالهاتف الخلوي، وألا تحاول تشكيل محتوى وخدمات وأجهزة لوسائل الإعلام التي تستند إلى الهاتف الخلوي وجهاز الكمبيوتر». في معظم العالم النامي، أجهزة الكمبيوتر والكمبيوتر المحمول غير موجودة تقريباً، والهاتف الخلوي هو الملك وقد يبقى كذلك.

يذكر أن الدول الأكثر فقراً لم تُقِم بنية تحتية شاملة لخطوط الهاتف الأرضية وقد لا تفعل ذلك أبداً. لكن استعمال الهاتف الخلوي منتشر على نطاق واسع، ما يعني أن تلك الدول تقدمت بخطوات واسعة نحو ما افترضت معظم الدول المتحضّرة أنه خطوة ضرورية للنمو التكنولوجي. في بعض الدول، ثمة قفزة أخرى قيد التحضير، مع بدء العمل بتكنولوجيا اتصال WiMax التي تسمح بتصفّح الانترنت عبر الهاتف الخلوي بسرعة.

وظائف متنوّعة

• في خلال رحلته، رأى رودينغ أموراً فاجأت شخصاً مثله يعمل منذ وقت طويل في مجال الهاتف الخلوي ومنها:

• في مملكة بهوتان في جبال الهملايا، اتبع تبني الزبائن للهاتف الخلوي المسار نفسه الذي اتبعته الولايات المتحدة: في البداية سوِّقت الهواتف الخلوية للأمان الشخصي، ثم تحوّلت إلى مجال الأعمال عندما بدأ الزبائن يستعملونها لأغراض التسلية والترفيه كتبادل الرسائل مثلاً.

• في دير بوذي في جبال الهملايا على ارتفاع نحو 3000 متر، رأى رودينغ راهباً في الرابعة عشرة من عمره يتحدث عبر الهاتف إلى عائلته الموجودة في الجزء الآخر من الدولة. قبل أن يحصل على الهاتف الخلوي، قال الراهب الشاب إنه لم يكن يستطيع الاتصال بعائلته. لكن الآن، يقول إنه يمضي معظم وقته وهو يتبادل الرسائل النصّية مع الرهبان الآخرين.

• في النيبال، تعتبر النغمات الأكثر انتشاراً. رأى رودينغ مجموعة من الشبان الذين يجلسون القرفصاء حول هاتف خلوي في الشارع، فقالوا له إنهم يستمعون إلى النغمات المختلفة الموجودة فيه بالطريقة نفسها التي يستمع فيها الآخرون إلى الأغاني عبر جهاز iPod.

• أدت الهواتف الخلوية دوراً أساسياً في موجة التمرّد الماوية ضد الحكم الهندوسي، وذلك عبر السماح للمتظاهرين بتنظيم الأمور بسرعة. أصبحت تلك الهواتف فاعلة جداً كأداة للمعارضة، وحاولت الحكومة مرتين أن تمنع الرسائل النصية. خلال انتخابات فصل الربيع، أرسل الماويون رسائل للناخبين وفيها، «تفكير جديد وقيادة جديدة للنيبال... أعطوا الماويين فرصة هذه المرة».

• في جنوب أفريقيا، يملك المحامون الذين يتولون قضايا الأضرار الشخصية برنامجاً تجارياً تلفزيونياً يطلب من المشاهدين أن يرسلوا رسالة نصية إلى البرنامج، وفي خلال 48 ساعة سيتصل بهم محامٍ. في المطارات، تُقدَّم للوافدين الجدد قسائم للمشاركة في سحوبات من نوع «أرسل رسالة واربح».

اكتشف رودينغ أنه، بطريقة ما، تتطور الولايات المتحدة ببطء بالنسبة إلى الدول الفقيرة في ما يتعلق بالاطلاع والمعلومات العميقة بشأن الهاتف الخلوي. عن ذلك يقول: «نعتقد هنا أنه من الرائع الإعلان عن نائب الرئيس من خلال رسائل نصّية، ونعتقد أنّه في بلدان أخرى ما من وسيلة للقيام بذلك إلا من خلال الصحف».

في نهاية المطاف، سيأخذ رودينغ معه المعطيات التي اكتسبها حديثاً إلى وظيفته الجديدة التي سيباشر بها قريباً كمقاول ملتزم بالإقامة والعمل لحساب شركة KPCB في وادي سيليكون، يبتكر أفكاراً للأعمال التي تستند إلى الهاتف الخلوي.

عقدت شركة KPCB حديثاً شراكة مع شركة Apple لابتكار جهاز iFund بقيمة 100 مليون دولار في سبيل الاستثمار في تطبيقات ومنتجات جديدة لجهاز iPhone.