في المعركة الانتخابية المقبلة، هناك من يريد تحويل الناخبين من مواطنين أحرار إلى قطعان تُقاد إلى صناديق الاقتراع مسلوبة الإرادة وليس لديها حرية الاختيار... والمسؤولية في الانجراف إلى هذا يتحملها الناخبون قبل غيرهم، فعلى الناخب أن يمارس دوره الوطني كاملاً لا عند صناديق الاقتراع فحسب... عليه أن يحاسب ويعاقب ويكافئ. يحاسب أولئك المرشحين الذين كانوا نواباً سابقين على ما حملوه من شعارات، وما جسدوه من ممارسة ومواقف تتسق مع تلك الشعارات أو ممارسات مناقضة لها، ويطالب من ترشحوا حديثاً بمواقف واضحة ومحددة من قضايا الساحة، ويتابع أداءهم ونشاطهم، ويقيّم درجة انسجامهم مع ما كانوا ينادون به ويطرحونه في حملاتهم الانتخابية... وعليه أن يعاقب من أخلَّ بميثاقه وناقض مبادئه التي أعلنها وخالف ما وعد بتنفيذه، وأسهل طرق العقاب حجب الصوت عن أولئك وفضحهم أمام جموع الناخبين. ومثلما هو مطالب بممارسة مسؤولياته الوطنية في المراقبة والمحاسبة والعقاب، فإن عليه أن يكافئ من أدى الأمانة بإخلاص وقام بدوره ضمن المؤسسة التشريعية بما كان منسجماً مع مبادئه وآرائه وما وعد ناخبيه به... عليه أن يكافئ مثلما عليه أن يحاسب ويعاقب. لقد اتسمت الممارسة الانتخابية بسلبيات كثيرة خلال العقود المنصرمة، أهمها وأقساها سلبية الناخبين الذين تنتهي علاقتهم بالممارسة السياسية بإقفال صناديق الاقتراع... أولئك الذين لا يتابعون ممارسات من انتخبوا ولا يقيّّمون أداءهم ولا يقوِّمون اعوجاجهم عن الطريق الصواب أو سيرهم في طريق معاكس لما كانوا يدعون إليه... وغياب هذا النهج جعل عدداً لا بأس به من النواب ومن المرشحين يدخلون الممارسة الانتخابية وكلهم قناعة بقدرتهم الفائقة على الضحك على الناخبين، وتحقيق مكاسبهم الشخصية على حساب الوطن ومواطنيه. ومع تطور وسائل الاعلام وأدواته وقدرة هؤلاء على إتقان اللعبة الإعلامية، أوعلى تجييرها وتوجيهها وتضليل الناخبين، أصبح لزاماً على من يدلي بصوته أن يعي مسؤوليته ويدركها. هذه الانتخابات ستحدد إن كان الناخبون قد تعلموا، وسوف تكشف مدى تطور وعيهم وإدراكهم دورهم الوطني، وهم من بيدهم أوراق الاقتراع، فإن لم يعوا أنهم المسؤولون عما يمكن أن تؤول إليه نتائجه، فكأن شيئا لم يكن... وعليهم أن يضعوا ضمائرهم نصب أعينهم، فلا يبيعوا الوطن لمال أو لعصبية أو لطائفية فهم شركاء، بل مسؤولون عن هدم المسيرة وتقويضها، هم من يختار، وهم من يراقب ويحاسب بعد اختياره، فمَن يبع وطنه فقد باع ضميره وتخلَّى عن شرفه الحقيقي، فإذا أدركت، ونحن نأمل ذلك، مجاميع الناخبين مسؤولياتها وواجباتها، وإذا مارست دورها بما يقتضيه ذلك نكون قد خطونا خطوة إلى الامام... نقول هذا كي لا يأتي اليوم الذي نندم فيه على سوء اختيارنا وظلامية مستقبلنا. الجريدة
آخر الأخبار
حاسبوهم... عاقبوهم... كافئوهم
12-04-2009