قد يكون من الخطير جداً إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين لاتزال محتجزة في خليج غوانتنامو، لكن من غير المناسب محاكمتها في محاكم خاصة بجرائم الحرب، لذا يجب تشكيل نظام يستحدث محكمة أمن قومي معينة، تعمل بموجب مجموعة متناسقة من المعايير والإجراءات يديرها قاض مدني. حين نزع الرئيس باراك أوباما غطاء السرية عن مذكرات قانونية من وزارة العدل وأطلقها، فتح الباب أمام معركة طويلة الأمد ضد تطبيق إدارة بوش تقنيات استجواب قسرية على إرهابيين مشتبه فيهم. نعتقد أن أي محاولات لاحقة لمحاكمة من زوّد بمثل هذه الاستشارات القانونية أمر خاطئ، لأن هذه المحاولات سيكون لها أثر مخيف على الصدقية التي يقدم بها مسؤولو الحكومة المستقبليين أفضل مشوراتهم. يجب أن تتخطى البلاد الجدالات حول الماضي، لأن التساؤلات العاجلة حول سياسية الاعتقال الأميركية في الحرب على الإرهاب تتطلب اتخاذ خيارات صعبة، وفي وقت قريب. في يناير، أعلن الرئيس من خلال إصداره أمرا تنفيذياً أن أبواب منشأة الاعتقال في خليج غوانتنامو ستُغلَق في غضون عام، وكان الإعلان سهلاً، لكنه خلّف أصعب التساؤلات بشأن السياسة التي يجب اتباعها تجاه المعتقلين في المستقبل. كيف نحاكم المعتقلين المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب اليوم، وقد عُلِّق عمل اللجان العسكرية؟ كيف نتولى مسألة أولئك المعتقلين الذين لا يمكن محاكمتهم، ولكن من الخطر إطلاق سراحهم؟ أين سنؤويهم؟ وكيف يجب أن نتعامل مع معتقلين إذا ما أُطلقَ سراحهم قد يعودون للقتال ضدنا؟ وكيف نتعامل مع السجناء المحتجزين في قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان حيث يوجد معتقلون ألقي القبض عليهم خارج أفغانستان؟ ليس هناك إجابات سهلة، بصفتنا سيناتورين تصارعنا وهذه المسائل لسنوات، نعتقد أن بعض المبادئ الأساسية قد تساعدنا في إيجاد طريق مشتركة لسلكها مستقبلاً: - أولاً، لا يجب الخلط بين الحرب والجرائم العادية. إن المعتقلين في سجن غوانتنامو بأغلبيتهم لم يرتكبوا جرائم عادية، بل هم محاربون ملتزمون بشكل أساسي بتدمير أسلوب عيشنا. لذلك فإن قانون الحرب هو الأساس القانوني المناسب الذي يجب بناء سياسة المعتقلين عليه، فضلاً عن أن الإجراءات تتكيف مع نظام القضاء العسكري في بلادنا. - ثانياً، تظل اللجان العسكرية مكان المحاكمات المناسب لهؤلاء الأفراد. قد نعارض بشدة أي مسعى لمحاكمة المقاتلين الأعداء في محاكمنا المدنية، فقد أقر الكونغرس، بتصويت كبير حظي بتأييد الحزبين في عام 2006، قانون اللجان العسكرية، الذي طرح إجراءات لمحاكمة المقاتلين الأعداء لارتكابهم جرائم حرب. لا تناسب قوانيننا الجنائية المحلية- بما في ذلك علاجها للمعلومات السرية- مسائل الأمن القومي المعقّدة المتأصلة في محاكمة المقاتلين الأعداء، ولدينا ثقة كبيرة بنظام القضاء العسكري في بلادنا- المعدّل على نحو مناسب لمحاكمات جرائم الحرب- ونؤمن بأن القضاة والمحامين العسكريين يقدّمون العدالة المنصفة وغير المتحيزة ليس لفرقنا العسكرية فحسب، بل للمقاتلين الأعداء، أيضاً. - ثالثاً، سيكون للاعتقال الوقائي دوماً مكان في الحرب على الإرهاب. بموجب قانون الحرب، تعتبر فكرة ضرورة محاكمة أي مقاتل عدو أو إطلاق سراحه خياراً خاطئاً، وفي المقابل، من المسلّم به إمكان منع المقاتلين عن أرض المعركة طالما أنهم يشكّلون تهديداً عسكرياً. على الرغم من أننا رمينا الشبكة في البداية واسعاً في تحديد من يستحق أن يوصف كمقاتل عدو، تقدر وزارة الدفاع بأن واحداً تقريباً من أصل عشرة معتقلين أطلق سراحهم من غوانتنامو عاد إلى أرض المعركة، بمن فيهم سعيد علي الشهري (الرجل الثاني في تنظيم «القاعدة» في اليمن)، وعبد الله غلام رسول، الذي يعمل اليوم على ما يفترض كقائد عمليات في حركة «طالبان» في جنوب أفغانستان. لكننا لا نستطيع السماح لذلك بالاستمرار. قد يكون من الخطير جداً إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين لاتزال محتجزة في خليج غوانتنامو، لكن من غير المناسب محاكمتها في محاكم خاصة بجرائم الحرب، وفي هذه الحالات، يجب تشكيل نظام حيث تستمع محكمة أمن قومي معينة، تعمل بموجب مجموعة متناسقة من المعايير والإجراءات يديرها قاض مدني، لعرائض خاصة بقانون إحضار المعتقلين أمام المحكمة للنظر في شرعية حبسهم الذي تجيزه المحاكمة العليا، وحيث تُجرى مراجعة سنوية بين الوكالات لتحديد ما إذا كان المعتقل لايزال يشكّل تهديداً أمنياً على الولايات المتحدة. - رابعاً، علينا معالجة وضع المعتقلين في قاعدة باغرام في أفغانستان. المطلوب إنشاء نظام محسّن لمراجعة الحاجة إلى تمديد فترة اعتقال المعتقلين في قاعدة باغرام، لكن علينا ألا نتجاهل بأن أفغانستان لاتزال مسرحاً ناشطاً للحرب ولا نستطيع إعاقة قدرة قواتننا المسلّحة لقتال العدو. ما يشجّعنا أن وزارة العدل استأنفت حكماً صادراً عن محكمة مقاطعة واشنطن العاصمة قضى بتمديد حقوق النظر في شرعية حبس المعتقلين الذين أُمسكوا في أرض المعركة في أفغانستان. في سياقها، أشارت وزارة العدل إلى أن السماح للحكم بالصدور قد يضر بقدرة جيشنا على الفوز في الحرب. في النهاية، يجب أن يشارك الكونغرس في إعداد سياسة تجاه المعتقلين. من الضروري إذن لفروع الحكومة كافة أن تعمل معاً لإيجاد حلول للمشاكل القانونية المعقدة التي تطرحها هذه الحرب. نعتقد أن الوقت قد حان للتركيز على هذه المسائل العاجلة، عوضاً عن هدر طاقة الأمة على جدالات الماضي، نحن مستعدان للعمل مع الرئيس أوباما لتطوير مسار اعتقال خاص بالمقاتلين الأعداء شفاف، يؤمّن محاكمة مشروعة قويّة لا تتناقض وقانون الحرب، ويستعين بقضاة مستقلين، ويحمينا من عدو خطير. بالنتيجة، سيرى الشعب الأميركي والمجتمع الدولي مثل هذا النظام ليس كممارسة عشوائية للسلطة، إنما كتوازن ذكي بين المحاكمة المشروعة والأمن القومي. * غراهام سيناتور جمهوري من كارولاينا الجنوبية، وماكين سيناتور جمهوري من أريزونا.
مقالات
كيف نعالج مسألة المعتقلين في غوانتنامو؟
10-05-2009