أول العمود: ما إن يصدر تقرير الاتجار بالبشر عن الخارجية الأميركية في كل سنة، إلا وتجد المسؤولين الحكوميين يتحركون يميناً وشمالاً، فهذا يهاجم، وذاك يَعْد بتطبيق الإجراءات الرادعة... وتبقى جليب الشيوخ وخيطان مسرحاً لبطولات أفراد وزارة الداخلية في القبض على مصنعي الخمور المحلية وبنات الهوى!

Ad

***

يحدث أحيانا أن تكون لأحدنا مصلحة ما في جهاز حكومي، ونفاجأ بمناظر لا يمكن أن تصنف إلا كونها «قلة ذوق»... وأدب!

مكتب الوظيفة العامة أصبح غير محترم، وبدأت تغزوه سلوكيات غريبة تثير أسئلة حول دور المسؤولين المباشرين وديوان الخدمة المدنية في تعليم الموظف الفرق بين المكتب العام وصالة المعيشة في البيت!

تناول الأطعمة بشكل جماعي أصبح دارجاً في كثير من المؤسسات الحكومية، ويزيد بعضهم من قلة ذوقه بافتراش أرض المكتب لتناول إفطار «شلة القسم» من دون مراعاة للجمهور، أو وقت العمل الرسمي. وهناك نوعية أخرى من الموظفين يتفننون بشتى الطرق لفرض تميز مكاتبهم عن الآخرين بجلب أثاث خاص ومفروشات لاعلاقة لها بما اعتمدته الجهة الرسمية للجميع، وأحيانا من مالهم الخاص!

بالطبع دور ديوان الخدمة المدنية متدن في هذا الشأن، والدليل أنه من النادر أن ينبه مسؤول موظفيه على شكل مكاتبهم ونظافتها، وحسن التعامل مع الجمهور، واللبس اللائق، والسبب يأتي من تاريخ صدور قرار التعيين، فيقال للموظف: مبروك ... روح استلم شغلك! هكذا وبهذا الاستخفاف، فيذهب الموظف في اليوم التالي ويجد زملاءه يتناولون إفطارهم ويضحكون ويؤخرون مصالح الناس... فيفعل ما يراه، إلا مَن رحم ربي.

لم نسمع من حديثي التوظف أنهم تلقوا دورة أو تعليمات حول احترام المكتب والجمهور، ولم نسمع أن موظفاً قال إنه استلم توصيفاً وظيفياً مكتوباً يعلم من خلاله المطلوب منه مهنياً، فالغالب ما يسمع هذه الكلمات: «مبروك، وحياك الله عندنا... الشباب راح يشرحون لك الشغل... شوفلك مكتب وبعدين نعطيك تكليف»!

دخلت على موقع ديوان الخدمة المدنية الإلكتروني أبحث عن مدونة سلوك، أو شيء له صله ببرنامج إجباري حول حديثنا يكون اجتيازه شرطاً للتوظيف فلم أجد!

ما نتمناه وجود مثل هذه البرامج التي تُعلم «الأدب والذوق» من الثامنة صباحاً وحتى الثانية بعد الظهر، وبعدها كل واحد حرٌ في بيته... «يتغدى» على الطاولة... أو على الأرض أو فوق السطح... فهو حر.