في مظاهرة تأييد لغزة، أعلن «حزب الله» اللبناني «أنه جاهز للانتصار لكل قضية حق ولمواجهة أي حماقه وأنه لن يسمح بأن يستهدف تحت أي ذريعة»... وقال رئيس كتلتها محمد رعد في سياق إشارته إلى الصواريخ المجهولة التي أُطلقت من جنوب لبنان على شمال إسرائيل «إننا نملك من الحكمة والرصانة والقوة ما يدفعنا لهدوء أعصاب كي لا نُُستدرج إلى ما لا نرتضيه وما لا نقرره بأنفسنا».من الذي يقرر عن «حزب الله» توقيت المعركة ويستدرجه إلى ما قد يشكّل ذريعة لاستهدافه، خصوصا أن «حزب الله» في أجواء التوتر واحتدام الصراع لن يستطيع أن يواصل تخفيه خلف عباءة الاعتدال لأن المرحلة مرحلة ليّ أذرع وصراع استراتيجي في ما بين الدول الإقليمية حيث المطروح بقوة هو «نكون أو لا نكون»، وبالتالي سيجد «حزب الله» نفسه مضطرا لمراعاة الأجندة والمصالح السورية الإيرانية. «حزب الله» يواجه معضلة في ظل خطابه عن فلسطين، إذ إنه ليس لديه الكثير ليفعله بشأن غزة سوى توريط لبنان في كارثة أخرى، وبالتالي فهو يقود رد الفعل الشعبي، ومن هنا كانت محاولة زعيم «حزب الله» الذي يحجم عن التحرك عسكرياً تجاه المذبحة التي تقوم بها إسرائيل في غزة، أن يذكي الغضب الشعبي ضد مصر والدول العربية الأخرى التي يتهمها بالاشتراك في خطة تدعمها الولايات المتحدة لسحق حركة «حماس». وردد نصر الله كلام الزعيم الإيراني علي خامنئي باحيائه الخطاب الذي شاع استخدامه في الثمانينيات حين سعت إيران إلى تصدير الثورة الإسلامية التي قامت بها، ووجه انتقادات لاذعة لحلفاء واشنطن العرب لسلبيتهم- أو ما هو أسوأ من ذلك- في أزمة غزة، وحدد دولا يراها متواطئة مع إسرائيل وتبنى دعوة زعيم «حماس» خالد مشعل للقيام بانتفاضة، ظنا بأنه بذلك يكون قد عوّض عن عدم إطلاقه لأي صاروخ دفاعا عن غزة وأهلها.إن إيران تعمل من خلال الدفاع عن قضية حليفتها «حماس» في قتالها مع إسرائيل إلى تصدير أزماتها السياسية والاقتصادية للخارج، والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي يسعى إلى إعادة انتخابه في يونيو المقبل، أتته أزمة غزة على طبق من ذهب لإسكات الانتقادات الموجهة لإدارته للاقتصاد وتراجع عائدات النفط.إيران تسعى إلى تثبيت دورها الإقليمي في المنطقة وتتطلع إلى لعب سياسة «خذ وأعطي» مع الولايات المتحدة الأميركية، فهي قدمت سلفا في العراق وأفغانستان ومستعدة لأن تقدم وتتعاون في لبنان وفلسطين، وهي تتطلع مقابل ذلك إلى اعتراف الولايات المتحدة بذلك الدور وتكريسه. القنبلة النووية الإيرانية، وتدخلات سورية في لبنان من خلال صواريخ مجهولة الهوية، وثورة الحوثيين في اليمن، وما يجري على الساحة العراقية، وتسليح «حزب الله»، والسلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وأخيرا وليس آخرا غزة وتداعياتها، كلها منتجات إيرانية الصنع بامتياز وترتبط مباشرة بتكريس دورها الإقليمي.إلى أن يستلم أوباما الإداره الأميركية الجديدة ويحدد موقفه من إيران ودورها الإقليمي، ستمر المنطقة بإرهاصات أقلها استهداف المصالح الأميركية والإسرائيلية، كما بشرنا مسؤول الجبهة الديمقراطية للقيادة العامة في لبنان من دمشق في سياق تعليقه على إطلاق صواريخ «الكاتيوشا» المجهولة... والآتي أعظم.*كاتب لبناني
مقالات
مَن يستدرج حزب الله؟
19-01-2009