كليوباترا ومارك أنطونيوس... قصة عشق تناقلها القاصي والداني على مر التاريخ وكتب عنها شعراء وأدباء بلغات عدة. وفيما يسعى مكتشفو الآثار إلى اقتفاء آثار مقبرة العشيقين خارج مدينة الإسكندرية المصرية (220 كلم غرب القاهرة) يرى آخرون أن فريق البحث يسير في الاتجاه الخطأ مؤكدين أن كليوباترا دُفنت داخل الإسكندرية، وأن ما يعلن عنه ليس حقيقة بل مجرد «استعراض إعلامي».أعلنت بعثة آثارية مصرية - دومينيكانية أخيراً عن اكتشاف أدلة أثرية في معبد «تابوزيريس ماجنا» قرب مدينة برج العرب (50 كلم غرب الإسكندرية)، قال عنها د. زاهي حواس (أمين عام المجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة المصرية) إنها قد تؤدي إلى الكشف عن مقبرة كليوباترا ومارك أنطونيوس. البحث عن مقبرة كليوباترا، بحسب د. حواس، يتم وفق تنسيق علمي بين علماء الآثار والتاريخ والجيوفيزيقيا والأنثربولوجيا. ويضيف: «ما كُشف عنه أخيراً نفى أقاويل عدة حول أصل كليوباترا وشكلها روّج لها بعض علماء الآثار. فقد كشفت البعثة عن وجه خاص بالملكة من الألباستر بالإضافة إلى 22 قطعة عملة برونزية عليها صورة الملكة (وجهها ورقبتها)، وتمثال ملكي من دون رأس، وقناع قد يكون خاصاً بالقائد الروماني مارك أنطونيوس. وتؤكد ملامح صورة الملكة أن ما قاله بعض علماء الآثار بأن كليوباترا كانت قبيحة وأنها إفريقية الأصل ليس صحيحاً».مقبرة ملكيّةيعلّق حواس: «ربما نصل إلى مقبرة كليوباترا قريباً، فقد اكتشف الخبراء مقبرة ضخمة ومقابر عدة لنبلاء المصريين القدامى ومومياوات ذهبية، ما يؤكد أن المصريين خلال عصر كليوباترا دُفنوا في هذه المقابر».ويعتبر أمين عام المجلس الأعلى للآثار في مصر أن الوصول إلى المقبرة سيعتبر أحد أهم الاكتشافات في مصر في القرن الحادي والعشرين، ويفوق بأهميته اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون.بدورها تقول نائبة رئيس البعثة الدومينيكانية البروفسورة كاترين مارتينز إن دراسات البعثة تثبت أن الملكة كليوباترا ومارك أنطونيوس دفنا في معبد «تابوزيريس ماجنا» بالقرب من مدينة برج العرب، غرب الإسكندرية، مؤكدة توافر أدلة تاريخية من خلال كتابات المؤرخ بلوتارك، الذي يشير إلى أن أنطونيوس دفن مع كليوباترا.تشير مارتينز إلى أن عدد المقابر المكتشفة حول المعبد وصل إلى 27 مقبرة تأخذ أشكال التابوت المقبى، وبعضها محفور في الصخر، وأخرى تبدأ بسلالم توصل إلى حجرة الدفن. كذلك عثرت البعثة على عشرات المومياوات داخل المقابر من بينها مومياوات ذهبية.شكوكيصرّح خبير الآثار في المعهد القومي للبحوث في مصر د. عباس محمد عباس: {بعد مسح المعبد بالرادار توصلنا إلى ثلاثة أماكن قد تكون المقبرة موجودة فيها وبدأت البعثة الحفر داخل الأماكن. وسبق للبعثة خلال الفترة الماضية اكتشاف أنفاق عدة داخل المعبد، بعضها يصل عمقه إلى نحو مائة متر تحت سطح الأرض».يستبعد د.عبد الحليم نور الدين (عميد كلية الآثار - جامعة القاهرة الأسبق ورئيس هيئة الآثار الأسبق) أن تسفر أعمال البحث عن الوصول إلى مقبرة كليوباترا موضحاً: «لا شك في أن الآثار المكتشفة، عملات وبقايا تماثيل، لها أهمية كبيرة في علم الآثار، لكن أعتقد أنها تشير إلى وجود مقابر للنبلاء أو حكام الإقليم وليس إلى مقبرة كليوبارا». وتساءل: «لماذا نبحث عن مقبرة كليوباترا على بعد 50 كلم من الإسكندرية عاصمة مصر آنذاك؟».يوافقه الرأي د. عزت قادوس (رئيس قسم الآثار اليونانية الرومانية في جامعة الإسكندرية): «لم تقم كليوباترا بإنجازات حضارية أو آثار معمارية كبيرة في منطقة برج العرب، ما يجعلنا نستبعد دفنها في تلك المنطقة خارج الإسكندرية». ويلفت قادوس إلى أن الدلائل التاريخية أولى خطوات البحث أو التنقيب عن الآثار، فالمؤرخ سترابون ذكر أن كليوباترا دفنت مع عشيقها أنطونيوس في مقابر الحي الملكي داخل الإسكندرية، أي أسفل المنطقة السكنية عند تقاطع الشارعين الرئيسين النبي دانيال وفؤاد.يضيف قادوس: «قد تقودنا دلائل البعثة المصرية – الدومينيكانية إلى اكتشاف مقبرة شخصية مهمة أو لأحد النبلاء، لكن لا يتوافر دليل تاريخي على دفن كليوباترا في هذه المنطقة، خصوصاً مع اهتمام المؤرخين بفترة حكم كليوباترا التي لم تخرج من مصر عقب هزيمتها من جيوش الروم أوكتافيان، وانتحارها وأنطونيوس، بالإضافة إلى وقوع مصر تحت سيطرة الرومان}.
توابل - ثقافات
مقبرة كليوباترا... هل أوشك الوصول إليها؟
24-04-2009