غالباً ما تثار مسألة عزوف بعض الفتيات عن الزواج بسبب تمسكها بحلم الوظيفة المرموقة. ولكن هذا لم يمنع اختصاصيي علم الاجتماع من التأكيد بأنّ المرأة مهما علا منصبها لا تستطيع الاستغناء عن حياة الأسرة والأبناء. «الجريدة» سلطت الضوء على الموضوع، واستطلعت عدداً من الآراء.«ليس هناك ما يعوض المرأة عن الأسرة والأبناء، توضح تهاني القلاف، فالمرأة بطبيعتها شبّت على ممارسة حياتها الاجتماعية على هذا النحو، بحيث تكون أماً وربة منزل ترعى أبناءها وتحرص على تربيتهم وتهتم بشؤونهم فكثيرات ممن لم يتزوجن يتمنين ان تكون لهن حياة اسرية خاصة بهن، إلا ان هناك تفاوتاً في هذا الموضوع فبعض النساء يجد تعويضاً في نجاحه الوظيفي فيتخلى نوعاً ما عن الحياة الاجتماعية وخصوصاً في حال تقدمه في العمر إذ نجد هؤلاء النساء يعوضن عن فشلهن في تكوين أسرة بالتفاني في العمل للارتقاء في سلّم المناصب. النجاح الوظيفيليست فريدة البناي بعيدة عن هذا التفكير فهي تؤكد: «قد تشعر المرأة المثابرة وصاحبة المراكز المرموقة في عملها بنشوة النجاح خصوصاً إذا ما توالت عليها النجاحات واصبحت محط انظار كل من مسؤوليها وزملائها في العمل، إلا أن هذا الشعور من وجهة نظري الشخصية لا يدوم طويلاً فالمرأة مع تقدمها في السن تصبح عاطفية وحساسة اكثر مما هي عليه في مرحلة « شبابها» لذا فهي بحاجةٍ الى أسرةٍ تهتم بها وتشبع غريزة الأمومة من خلالها. وهناك كثيرات ندمن على القرار الخاطئ بالعزوف عن الزواج وتفضيل الوظيفة على الأسرة والأبناء». وفي السياق ذاته تؤكد عنود الرفاعي بأن معظم النساء اللواتي يفضلن العمل الوظيفي على الأسرة والأبناء هن في الواقع غير مستعدات لتحمل الأعباء والمسؤوليات الاسرية وتقول حول ذلك: «ثمة نساء يجدن في الزواج عائقاً أمام النجاح الوظيفي بمختلف أشكاله، خصوصاً إذا كنّ لم يعتدن قط على تحمل المسؤولية، من هنا رفض فتيات الجيل الحالي فكرة الإرتباط وتكوين الاسرة، ولعلّ السبب الفعلي هنا هو الخوف الدائم من الإخفاق والفشل خصوصاً إذا ما كنّ يشغلن وظيفةً شاقة تتطلّب ساعاتٍ طويلة من الجهد المضاعف الذي يستنزف طاقاتهن ويحول دون رغبتهن في تحمل أعباء الأسرة وتربية الأبناء. رأي آخرلا توافق شيخة سلامة على هذا الرأي فهي ترى أنّه يستحيل على المرأة رفض الزواج أو العزوف عنه مهما بلغ بها الطموح لأنها بطبيعتها قادرة على التوفيق بين الأسرة والعمل بعكس الرجل الذي يبرع في وظيفته على حساب الاسرة أحياناً وتعلّق: «غالباً ما يثار موضوع عمل المرأة سواء كانت متزوجة أو لا ذلك أنّ المجتمع ما زال رافضاً لفكرة نجاح المرأة بشتى أشكاله، ورجلنا الشرقي ما زال مقتنعاً بأن المرأة لا تبرع إلا في المطبخ و تربية الأبناء وبأنّ مكانها المناسب هو المنزل، ولكنّ هذه النظرية خاطئة طبعاً ولم تنجح في ثني كثير من الفتيات عن تحقيق المعادلة الصعبة المتمثلة في التوفيق بين العمل والأسرة، مما اعطى «بنات اليوم» سمة التوازن الاجتماعي حيث استطاعت المرأة ان تقف الى جانب زوجها بشكل داعم مؤديةً دورها على أكمل وجه كأم ومربية وسندٍ مادي لزوجها. تشاركها انتصار الرميح الرأي وتقول: «لم يعد دور المرأة في الحياة مقتصراً على تربية الأبناء والأعمال المنزلية فحسب، فالمرأة الكويتية على مدى سنوات عدة برهنت نجاحها في حياتها الإجتماعية والعملية على حد سواء، وهي قادرة على إدارة المنزل ومشاركة زوجها في تحمل الأعباء المادية التي غالباً ما تشكل عبئاً كبيراً عليه. شخصياً أرى بأنّ عزوف بعض الفتيات عن الزواج يعود لأسباب شخصية بعيدة كلّ البعد من عدم قدرتهن على تحمل المسؤولية أو رغبتهن في المحافظة على وظائفهن».أما أمل الحربي فترى بأن عزوف بعض الفتيات عن الزواج بحجة الوظيفة والعمل هو في الواقع رهاب يطلق عليه اسم «رهاب الفشل» وتوضح: «تشكل حالات الطلاق المتزايد في مجتمعنا قلقاً لمعظم فتيات الجيل الحالي، لذا نجد بأن معظم الفتيات يفضلن البقاء عازبات معللات سبب عزوفهن عن الزواج برغبتهنّ في إكمال دراستهن او انشغالهن الدائم في العمل. شخصياً أعتبر أنّه من المهم جداً توعية هؤلاء على أهمية الأسرة والأبناء حتى لا يقعن في شرك العنوسة خصوصاً بأن هناك نسبة لا يستهان بها من العانسات بسبب الخوف من فشل العلاقة الاسرية.رأي علم الإجتماعيؤكد اختصاصيو علم الاجتماع أن الزواج ليس عائقاً أمام نجاح المرأة ويشير الدكتور فهد الناصر رئيس مركز دراسات الخليج في جامعة الكويت بأنّ النساء نادراً ما يقبلن بالوحدة في حال نجاحهن وظيفياً وإن كان ذلك الامر صحيحاً فإن عدد هؤلاء قليل جداً ويؤكد الناصر: «أنا ضدّ مفهوم العنوسة فثمة حالات فردية يعزف فيها بعض النساء عن الزواج بحجة المحافظة على الوظيفة ولكن هل نستطيع أن ننكر وجود عدد كبير من اللواتي يتألقن في العمل والاسرة على السواء؟ فالمرأة عموماً تتمتع بمشاعر الأمومة الغريزية ومهما بلغت من نجاح مهني هي دائماً تطمح الى بناء الأسرة، والعازبات غالباً ما يشعرن بالذنب لرفضهن الزواج خصوصاً عندما يتقدّم بهن العمر. لذا من المهم ان تدرك كلّ فتاة مسبقاً أهمية تكوين أسرة، علماً انّها يجب أن تأخذ بعض الامور في الحسبان قبل ان تقدم على خطوة الزواج، أهمها محاولة فتح باب النقاش بينها وبين والديها خصوصاً في حال كانت طالبة، لأنني أرى أن ّالدراسة والتحصيل العلمي اهم بكثير من الزواج، فالمسألة متعلقة بالزمن فبعد فترة تصبح المرأة أكثر وعياً ونضجاً وبإمكانها الزواج والعمل في آن. ولا ننسى أننا في مجتمعنا الكويتي نحثّ المرأة على المثابرة والعمل عبر وسائل الاعلام المختلفة، وأنا شخصياً أرى بأن فتيات الجيل أكثر قدرةً على تحمّل المسؤولية وذلك بسبب توافر البنية التحتية التي تسهّل على المرأة الكويتية التوفيق بين الأسرة والوظيفة.
توابل - علاقات
نساء يعزفن عن الزواج طمعاً في المناصب نجاحها الوظيفي هل يُغنيها عن الأسرة؟
15-04-2009