«دافني، لا آبه لزوج أختي الراحلة علي زرداري أو لأي شخص آخر في باكستان. ما من أحد قد أتصل به اليوم في باكستان وأحاول مساعدته... كل مَن أهتم بأمرهم ماتوا». هذه كانت كلمات سنام بوتو التي تأكلها المرارة، بعد ظهر يوم الأحد الماضي.

صدمتني كلماتها هذه. لذلك رُحت أتحدث مجدداً عن سوء الوضع السياسي في ظل حكم الرئيس آصف علي زرداري المثير للجدل. أخبرتها بإيجاز أن الوضع يتفاقم بسرعة وقد يتحول إلى حمام دم مريع. لكن ذلك لم يبدل لامبالاة سنام؛ فردت بكل بساطة أن الوحيدين الذين تأبه لهم في باكستان ماتوا.

Ad

سنام هي شقيقة الراحلة بنازير بوتو. وقد قُتل والدها ذو الفقار علي بوتو وشقيقاها وشقيقتها الكبرى بنازير. وتعيش اليوم مع أولادها في لندن بعد أن عانت الأمرّين في زواجها، كما تقول: «تزوجت به لأنني أردت الهرب من الحياة في باكستان. تحوّل زواجي إلى كابوس: الحياة معه ثم الانفصال...».

عرّفتني بنازير بشقيقتها الصغيرة سنام (تصغرها بأربعة أعوام) في نيويورك، والتي عاودت الاتصال بي بعد مقتل بنازير. أخبرت آصف، زوج الأخيرة الذي ترشح عوضاً عنها، أنني أريد مقابلة سنام. ولاحقاً اتصلت هي بي، فكان لما صرّحت به في أول مقابلة تلفزيونية مؤثرة لها معي رثت فيها بنازير وسائر أفراد عائلتها الغنية عن التعريف، تأثير كبير، إذ أعادت إحياء مشاعر تأججت إثر اغتيال بنازير في 27 ديسمبر عام 2007.

قررتُ نشر المقابلة حول العالم بسبب الانتخابات الباكستانية التي أرجأها الرئيس الباكستاني برويز مشرف بعد اغتيال بنازير.

اعتمد آصف، الذي تعرّض للكثير من السخرية في باكستان ولُقّب بـ«سيد 10 في المئة»، على دعم زوجته المغتالة. فخشي أن يتضاءل الدعم العاطفي بسبب تأجيل الانتخابات. وهذا ما خطط له مشرّف بذكاء.

شكلت مقابلتي مع سنام التي نُشرت في مختلف أرجاء العالم إحدى «مناوراتي» لتصحيح ذلك الوضع ومساعدة زوج صديقتي الراحلة (الذي أخبرني أنه يؤمن بالديمقراطية وحرية الصحافة) كي يفوز في الانتخابات ويتابع ما أمّلت بنازير تحقيقه من عودتها إلى باكستان.

أقر مشرّف، حين التقينا أخيراً في لندن، بأهمية مقابلة سنام، معتبراً إياها عاملاً أساسياً في فوز آصف خلال انتخابات فبراير عام 2008. وهذا ما ذكره كثيرون آخرون. إلا أن الشقيقة لم تُعامل كورقة سياسية رابحة على أقل تقدير. أخبرتني أنها تواجه صعوبات مالية، قائلة: «لا يحاول زوج شقيقتي مساعدتنا. كانت بنازير تساهم في تسديد أقساط مدارس أولادي».

قصدت سنام مركزاً تجميلياً اعتادت التردد عليه هي وبنازير، وحين طلبوا منها بطاقة ائتمانها، توترت جداً. وعندما اصطحبتُ بعد ذلك سنام المرتجفة إلى العشاء، قالت لي: «دافني، شعرت بتوتر كبير حين طلبوا مني بطاقة ائتماني. ظننت أنها فرغت من المال. خفت كثيراً...».

ألم وغضب

تألقت سنام عند حضورها حفلة عيد مولد بنازير في باكستان واحتفال إدلاء آصف علي زرداري القسم كرئيس للبلاد. حضرت مع بيلاول وابنتَي بنازير. لكن بخلاف ذلك، أُرغمت على البقاء بعيدة عن أولاد بنازير. لطالما أدت سنام دور الخالة الحنون، وكانت أشبه بأم حتى تلك المرحلة. فقد لاحظتُ علاقتها القوية ببيلاول بعد مقتل بنازير. لذلك جن جنوني حين تلقيت رسالة إلكترونية من بيلاول في شهر أبريل (نيسان) عام 2008، جاء فيها «بالكاد أرى سنام...».

قلما تتحدث سنام عن السياسة. إلا أنها فقدت أعصابها بعد عشاء معي وبيلاول ومنتجي إربيل. ففي طريق العودة، انفجرت غضباً، قائلة: «لن أسامحه مطلقاً. لمَ يستولي على الحزب؟ ليترك الديمقراطية تأخذ مجراها. ليدع أنصار حزب الشعب الباكستاني يقررون مَن هو قائدهم. لطالما انتقد أختي مدعياً أنها تحيط نفسها بالأشخاص الخطأ وأنها لا تعرف صالحها وأنه هو أخبر منها... كانت تعمل بكد. اعتاد انتقادها باستمرار... كانت تحب تمضية وقت طويل معه، في حين أراد هو البقاء مع أصدقائه. بذلت قصارى جهدها لإرضائه... لننتظر ونرَ ماذا يستطيع أن يفعل، لنرَ إن كان بإمكانه تحقيق إنجازات أفضل...».

اخترت ألا أستخدم عبارات الغضب التي تكررت في مناسبات عدة، لأني لم أكن واثقة من أن سنام أرادت الكشف عن رأيها وألمها الحقيقيين. لكن تصريحها الجريء جاء معبراً جداً.