استيقظ السوق الكويتي يوم الأحد الماضي (26 أكتوبر) على تصريح من محافظ البنك المركزي يخبره فيه أنه تم إيقاف التداول بأسهم بنك الخليج في البورصة الكويتية، وذلك بسبب تكبد البنك خسائر نتيجة لرفض بعض عملائه تغطية خسائرهم الناتجة من هبوط سعر صرف اليورو مقابل الدولار من جراء تعاملهم في المشتقات المالية من خلال البنك. وعليه فان بنك الخليج سيتكبد، في المرحلة الراهنة، هذه الخسارة، وذلك إلى حين الفصل في هذا الموضوع بينه وبين عملائه. وأكد البنك المركزي في تصريحه ضمانه لأموال المودعين في البنك، ودعمه المالي لبنك الخليج، ثم عيّن فريقا لتقييم الوضع الجديد للبنك ومركزه المالي.

Ad

ومع مرور الأسبوع توالت الأخبار عن خسارة بنك الخليج وحدث الآتي:

1 - استقال السيد بسام الغانم من منصبيه كرئيس وعضو منتدب في بنك الخليج، وتسلم أخوه السيد قتيبة الغانم مهام منصب الرئيس في مجلس إدارة البنك.

2 - ذكر أن عدد العملاء الرافضين لتغطية خسائرهم هو 5 عملاء، حسب تصريح السيد محمود حيدر رئيس مجلس إدارة مجموعة الزمردة القابضة التي تملك ما يفوق %10 من أسهم بنك الخليج ويمثلها السيد مهدي محمود حيدر في مجلس إدارة البنك.

3 - تبين أن بعض العملاء من كبار المساهمين في بنك الخليج وأنهم أعضاء في مجلس إدارة البنك، إذ صرحت مجموعة الزمردة القابضة- المساهم وعضو مجلس الإدارة في بنك الخليج- بأن إحدى الشركات التابعة لها التي تمتلك فيها ما يفوق %50 وهي شركة اللؤلؤة العقارية، قد تعاملت بتلك المشتقات عن طريق بنك الخليج وبلغت خسارتها حوالي 7 مليون دينار (25 مليون دولار).

4 - صرحت شركة اللؤلؤة العقارية التي تملك أغلبيتها مجموعة الزمردة- المساهم وعضو مجلس الإدارة في بنك الخليج- بأنه كان من واجب إدارة المخاطر في البنك إبلاغ المسؤولين في البنك والشركة عند وصول خسائرها إلى ما قيمته 20 مليون دولار، وإيقاف تعاملاتها في المشتقات المالية، ولكن ذلك لم يحدث، مما أدى إلى الخسائر الحالية.

5 - توقع بعض المصرفيين أن تكون خسارة البنك بين 200 و300 مليون دينار كويتي. وجدير بالذكر أن في نهاية سبتمبر 2008 كانت أرباح بنك الخليج 86 مليون دينار وبلغت حقوق مساهميه 490 مليون دينار.

ويتضح مما سبق أن هناك أخطاء ارتكبها بنك الخليج، وتعود أسبابها إلى عدة عوامل، نذكر منها ما يلي:

1 - الجمع بين المساهمة والإدارة: شركات الغانم هي من أكبر المساهمين في البنك بنسبة تفوق %30، وكان يمثلها السيد بسام الغانم في مجلس الإدارة بمنصب الرئيس. كما أنه كان رئيس الجهاز الإداري في البنك بشغله منصب العضو المنتدب. وهذا الجمع بين المساهمة والإدارة يؤدي إلى تضارب المصالح. إذ إنه من مصلحة مساهمي أي شركة أن تكون الإدارة مستقلة عنهم حتى يمكنهم محاسبتها وإقالتها في حال أساءت إدارة الشركة وكبدتهم الخسائر. أما إذا كان المساهمون هم أنفسهم المديرون فمن الصعب أن يحاسبوا أنفسهم.

2 - قلة الخبرة في إدارة المصارف: السيد بسام الغانم رجل معروف في الأوساط التجارية الكويتية والعالمية، وله شركات لها سمعة جيدة وتقدم خدمات ممتازة، ولكنه لا يملك خبرة مصرفية ولم يقم بإدارة بنك قبل شرائه حصة الأغلبية في بنك الخليج. وإدارة البنوك تحتاج إلى مصرفيين ذوي خبرات طويلة وعريقة في المهنة، وذلك لأن البنوك تحصل على أموال مودعين لا يريدون المخاطرة بأموالهم.

3 - سوء إدارة المخاطر: رفض بعض عملاء البنك تغطية خسائرهم الناتجة من تعاملهم في عقود المشتقات المالية يعني أن البنك لم يكن لديه ضمانات كافية من هؤلاء العملاء، وأن البنك لم يكن يعرف عملاءه جيدا ولم يقيّم وضعهم الائتماني وملاءتهم المالية تقييما صحيحا. وهذا يدل على وجود خلل كبير في إدارة المخاطر لدى بنك الخليج.

وهذه الأخطاء ليست حكرا على بنك الخليج وحده، بل نجدها كذلك في بنوك أخرى وعدد كبير من الشركات في الكويت. ولا يكفي أن نطلب من السلطات الرقابية أن تزيد من رقابتها على الشركات فحسب، فالمخالفون للقوانين والنظم سيظلون معنا دائما، بل يجب المطالبة بالكفاءة والخبرة في إدارة جميع الشركات، وخصوصا البنوك منها. وكذلك يجب على المساهمين أن يلعبوا دورا أكبر في محاسبة إدارة الشركات التي يملكون أسهماً فيها.