بينما رُشّح فيلم «فالس مع بشير» لمخرجه الاسرائيلي آري فولمان لجائزة «أوسكار عن أفضل فيلم أجنبي»، اعتبر وزير الاعلام اللبناني طارق متري أنّ عرض الفيلم غير قانوني في لبنان. جاء هذا التصريح في أعقاب الضجة التي أثارها قيام جمعية «أمم للتوثيق والأبحاث» (تعنى بتوثيق الذاكرة الجماعية في لبنان)، وهي منظمة غير حكومية يديرها لقمان سليم ومونيكا بورغمان، بدعوة عدد من أصدقاء الجمعية لمشاهدة الفيلم، في عرضٍ خاص في مقرّها في حارة حريك، في الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعتبر عاصمة «حزب الله». يسترجع المخرج، وهو جندي سابق في الجيش الاسرائيلي شارك في الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982، ذكريات ومشاهد من مجزرة صبرا وشاتيلا (اتهمت بارتكابها ميليشيا «القوات اللبنانية» بقيادة ايلي حبيقة عقب اغتيال الرئيس بشير الجميل) بحق اللاجئين الفلسطينيين في المخيم عام 1982. ويروي الفيلم الأحداث من خلال شخصيات كرتونية، ومقاربةٍ تمزج بين الواقع والخيال، ومشاهد غامضة وسريعة. وإذا كان وزير الاعلام اللبناني، الذي سبق وقدّم اقتراحاً بشأن إلغاء الرقابة، أوضح أنّ الفيلم لن يعرض في لبنان بسبب سياسة مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، فقد اعتبر في الوقت عينه في حديث الى صحافيين أجانب في بيروت، انّ «منع الفيلم أمر عبثي، لإمكان الحصول على كل شيء عبر الانترنت»، مؤكداً على ضرورة إلغاء الرقابة «لنتمكن من رؤية أفلام على غرار هذا الفيلم»، لافتاً الى انه «يمكن للأطراف التي تعتبر نفسها معنية بالأمر أن تراجع القضاء». وخصصت الصحف الاسرائيلية مثل «يديعوت أحرونوت»، و»هآرتز»، بعد نشر المجلة الأميركية «Variety» مقابلة مع بورغمان حول عرض الفيلم، مساحاتٍ واسعة على مواقعها الإلكترونية للخبر، معنونةً بالعريض: «فالس مع بشير» في بيروت. وادّعت «هآرتز» إجراءها حواراً مع بورغمان مقتبسةً أقوالها من المقال المنشور في المجلة الأميركية من دون ذكر المصدر. ونفت بورغمان للـ «الجريدة» الأمر موضحةً انها حصلت على نسخة الفيلم مباشرة من الموزع الألماني للفيلم ولديها وثائق تثبت ذلك. وأشارت الى أن عرض الفيلم لم يكن ضمن نشاطٍ عام مفتوح للجمهور، بل عبر دعوة عدد محدود من المثقفين والاعلاميين، ولكنها فوجئت بحضور ما يفوق الـ 90 شخصاً غداة حصول الفيلم على جائزة «غولدن غلوب». وذكرت بورغمان أنها تتلقى اتصالات من أشخاص يودون الحصول على نسخة من الفيلم، مبدية أسفها «لعدم عرض الفيلم في لبنان، خصوصاً أنه يتطرق الى فترة حاسمة من تاريخ اللبنانيين والفلسطينيين والاسرائيليين» مشدّدةً على أنّ الاطلاع على وجهة نظر الآخر لا تعني تبنيها بالضرورة بل على العكس، تعطي فكرة عن طريقة تفكير الآخر ونقله للأحداث. وفي السياق عينه، استغرب لقمان سليم منع عرض الفيلم في بيروت متسائلاً: «لماذا يمكننا شراء كتب اسرائيلية مترجمة إلى العربية في بيروت، وتخصص وسائل الإعلام اللبنانية والعربية مساحاتٍ واسعة لمواد مستقاة من الإعلام الإسرائيلي، ولا يُسمح بمشاهدة فيلم اسرائيلي يتحدث عن موضوع «لبناني» بامتياز؟ وإذ اعتبر سليم تصريح الوزير متري «نموذجياً» من حيث إظهاره بوضوح الانفصام الجوهري بين تخلّف القوانين وقناعات المولجين بالسهر على تطبيقها، شدّد على أنّ ما تحرمه القوانين اللبنانية البائسة تحلّله الشرائع الدولية، وفي مقدمها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنصّ على أنّ «لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء من دون أي تدخل، وحرية استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت من دون تقيد بالحدود الجغرافية».
آخر الأخبار
فالس مع بشير في عاصمة حزب الله
25-01-2009