انتعشت خلال الأعوام الأخيرة حركة السفر على ما يسمى بطريق الحج الذي يرجع تاريخه إلى العصور الوسطى، والمؤدي إلى ضريح القديس جيمس في الشمال الغربي من إسبانيا. ويسير الآن عشرات الآلاف من الأشخاص على الطريق الذي يطلق عليه اسم «كامينو»، متوجهين إلى كاتدرائية سانتياغو دي كومبوستيلا، حيث يوجد الضريح الذي دُفن فيه القديس جيمس، كما تقول الحكايات المتوارثة.وأصبحت فكرة الحصول على «وقت مستقطع» للهروب من سباق الحياة العصرية اللاهث والبحث عن معنى جديد للحياة عبر السير على طريق «كامينو»، ظاهرة حقيقية. وقد أشارت الأرقام التي بثتها السلطات المعنية في سانتياغو، إلى أن عدد الزوار ارتفع من 55 ألفا عام 2000 إلى 114 ألفا العام الماضي. ويسير معظم هؤلاء على الطريق الرئيس «الكامينو فرانسيز»، عبر مدن لوجرونو وبرجوس وليون.ويبدو أن عددا من البلدات الإسبانية فوجئت بهذا العدد من الزوار، ولذا بوغت الزوار الذين وصلوا إلى لوجرونو في مايو الماضي، بأن كل أماكن الإقامة كاملة العدد، فاضطر الكثيرون منهم إلى النوم على الأرضيات الصلبة في الكنائس وغرف مجلس المدينة وسط الجو البارد.واشتهرت شعبية طريق «الكامينو» جزئيا، بسبب الكتب التي دُوِّنت عنه، وحققت أعلى مبيعات مثل «رحلة الحج» للروائي باولو كويليو، والفيلم الوثائقي البريطاني «الحاج العاري».ويصف نجم الكوميديا الألماني هابه كيركلينج رحلته عبر «الكامينو» في كتاب أصبح أكثر الكتب غير الروائية الألمانية مبيعا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ وزع ثلاثة ملايين نسخة، وسيتم نشر النسخة المترجمة إلى الإنكليزية من الكتاب، العام المقبل.ويقول كيركلينج إن الكتاب يحكي بأسلوب مرح تشوبه المغامرات وكذلك الطابع الروحاني، رحلته إلى سانتياغو على مدى 800 كيلومتر.وثمة سهام صفراء اللون ولوحات على شكل محار مروحي، موضوعة كعلامات إرشادية على الطريق الرئيس «كامينو فرانسيز»، وتتاح أماكن إقامة للزوار المعترف بهم، أي الذين يحملون «جوازات سفر للحج»، في نزل تشبه نزل الشباب وتتكلف ما بين ثلاثة إلى أربعة يورو في الليلة الواحدة.ويوجد أيضا الكثير من النزل والفنادق التي يديرها القطاع الخاص على طول الطريق لإقامة الزوار، وتقدم المطاعم قوائم خاصة بالزوار بأسعار منخفضة، تصل إلى سبعة يورو للوجبة وتشمل حساء وطبقا رئيسا وشرابا محليا وحلوى.ومع ذلك، فإن العديد من الزوار المخضرمين يرون أن «الكامينو فرانسيز» صار مزدحما بالحافلات المكدسة بالسائحين الذين يسعون إلى اختصار الطريق، من دون المتاعب التي تشكلها حقائب الظهر الثقيلة أو الإقامة في النزل البسيطة.وثمة أساطير تقول إن «الكامينو» كان أيضا طريقا للزوار من قومية السلت الذين كانوا يقيمون احتفالات للخصوبة، وإن رمز المحار المروحي الشكل يرجع تاريخه إلى هذه الفترة، وتم اكتشاف عدد من أقدم رسومات الكهوف في أوروبا، وكذلك رفات بشرية على طول طريق «الكامينو»، حيث يبدو أن البشر القُدامى ساروا على هذا الطريق وهم في طريقهم من إفريقيا إلى أوروبا.وسواء كان ذلك حقيقة أم أسطورة، فإن هذا الأمر يشكل إضافة إلى الطابع الروحاني الغامض للسير على الطريق المؤدي إلى القديس جيمس، (مدريد - د ب أ)
توابل - مسك و عنبر
الآلاف يعبرون طريق الحج لزيارة القديس جيمس
22-08-2008