يوم العاشر من المحرم هو يوم تاريخي مهم، ويعتبر يوم الحزن لدى المسلمين الشيعة، ففيه استشهد سبط الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم الحسين بن علي عليهما السلام وأبناؤه وإخوانه وأصحابه، إضافة إلى سبي نسائه بالشام.

لبيك يا حسين، لو تحت السيوف اعداك لو خلونا، وبالنار يا بن الهادي لو حرقونا، لبيك نهتف خلهم يسمعوها، لبيك يا حسين لبيك يا حسين... كلمات رددها الآلاف من المسلمين الشيعة امس في ذكرى ملحمة كربلاء وواقعة «الطف» التي استشهد فيها سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسين بن علي بن أبي طالب عليه وعلى ابيه وعلى جده السلام واخوته وابنائه وأبناء عمومته وانصاره.

Ad

وتحولت الحسينيات امس إلى خلايا نحل من الرواد من كافة ارجاء الكويت والعالم لإحياء شعائر الذكرى الأليمة لاستخلاص العبر والدروس الإيمانية، كما ألقيت الخطب والمحاضرات، إضافة الى الذكر والأدعية والصلاة تيمناً بما قام به الامام الحسين عليه السلام مع أصحابه بمثل تلك الليلة، حيث كان ما بين ساجد وراكع، كما كان يهدئ أهل بيته ورفاقه، وكان ينتقل بين خيام الانصار لإرشادهم وتوجيههم ونصحهم، بل كان يخيرهم بالبقاء أو الرجوع الى الديار ومن يريد ان يتخذ الليل جملا، ولكنهم أصروا ان يقتلوا بين ايدي الحسين عليه السلام وأن يدافعوا عن ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن ينصروا الحق ويهزموا الباطل.

الرموز الدينية

وفيما توجه عشرات الآلاف من المسلمين الشيعة الى الحسينيات والمراكز الدينية في البلاد لإحياء هذا اليوم، شدد الخطباء في هذه الليلة على ضرورة التفاف المسلمين حول المشتركات التي تعتبر أكثر بكثير من الخلافات بينهم، مؤكدين ان الفتنة اذا دخلت قرية فسيخسر الجميع ولا رابح فيها سوى الاعداء ، كما شددوا على البعض الذين يتصفون بالابتعاد عن الطرح الطائفي وعدم التعرض للرموز الدينية الشيعية من الخطباء والسادة. وفي خطبة للسيد حسن الكشميري، اشار الى ان الانسان في حياته يقع تحت المراقبة الإلهية من خلال حافظين له عن يمينه وشماله، من اجل ان يلتزم بالقانون السماوي، مضيفا ان الدول تدفع الملايين من الاموال لوضع اجهزة مراقبة لرصد المخالفات التي يقوم بها الشخص، سواء على الطرقات او الجرائم الاخرى، ولكن الفرق بين سلطة القانون ورقابة الله للانسان، ان الاولى سلطتها محدودة مرتبطة بوجود المنفذ وهو الشرطي مثلا، ولكن رقابة الله تختلف، فهو يعلم ما بداخل الانسان، من خلال رقابة المتلقين اللذين يحفظانه من الزلل، وهما ليسا كاتبين في الصحافة ليزورا الاحداث، ولا يتصرفان تحت أي مؤثرات، كل ذلك حتى نصبح «خوش اوادم». وأوضح أن دول الغرب استطاعت من خلال العلم الوصول الى المريخ ولكنها عاجزة عن ان تصل الى ما يدور في نفس الانسان، ونحن نرى المحققين في جرائم كثيرة يبذلون جهودا كبيرة حتى يصلوا الى اسم المتهم، بينما علم الله يعلم ما يوسوس في نفس الانسان، مبينا أن الفرد لا يعلم ما سيكون مصيره بعد ثوان معدودة، ولكن علم الله قادر على كل شيء.

زيف التاريخ

من جانب آخر، تحدث الخطيب الدكتور محمد جمعة في حسينية الرسول الاعظم في الدعية عن تاريخ الكوفة وعلاقة اهلها بالامام الحسين واهل البيت رضوان الله عليهم، حيث قال: «ان الكوفة ترتبط ارتباطا مباشرا بأهل البيت، ولا يمكن تجاوز الحديث عن الكوفة ونحن نتحدث عن نهضة الامام الحسين»، مضيفا ان البعض يرتكب مغالطة تاريخية حق اتباع اهل البيت في الكوفة عندما يذكرون ان الذين خذلوا الحسين هم من شيعته في الكوفة، وهذا كلام زائف.

الى ذلك، أكد مصدر أمني أن جميع الترتيبات اللازمة قد اتخذت في حماية المعزين في ذكرى عاشوراء من صباح اليوم، حيث وزعت قوات الامن على الحسينيات، كما نظمت حركة المرور وأغلقت بعض الطرقات لتسهيل حركة الناس خلال الفترة المقررة لإقامة مراسم العزاء. واستمرت مجالس العزاء في الكويت وغيرها من دول العالم حتى ظهر الأمس الذي يصادف وقت مقتل الامام عليه السلام في الواقع، حيث تمت قراءة المقتل كاملاً، كما تخلل مجالس العزاء تقديم الحلوى والمشروبات، اضافة الى وجبات الغداء.

سبطا الرسول

وقد بيّن بعض الخطباء أن يوم العاشر من المحرم يعتبره المسلمون يوم الأحزان، ففي عام 61 للهجرة استشهد الحسين بن علي عليهما السلام حينما رفض أن يبايع يزيد بن معاوية الذي نصّب نفسه خليفة للمسلمين بعد وفاة والده معاوية بن ابي سفيان الذي قلّد خليفة للمسلمين بعد مقتل بطل خيبر الامام علي بن ابي طالب عليه السلام وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مجموعة من الأحاديث التي توصي بمحبة الحسن والحسين عليهما السلام، ومنها: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الحسن والحسين ابناي، من أحبهما أحبني، ومن أحبني أحبّه الله، ومن أحبّه الله أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار» (مسند أحمد 2 : 288. وسنن الترمذي 5: 656 ـ 660)، وفي حديث أبي هريرة، قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في الحسن والحسين: من أحبني فليحبّ هذين» (مسند الطيالسي 10 : 327. وتاريخ الاِسلام ـ الذهبي 5 : 100). كما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : «من سره أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوالِ علياً من بعدي، وليوالِ وليّه، وليقتدِ بأهل بيتي من بعدي، فإنّهم عترتي، خلقوا من طينتي، ورزقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين بهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي» (شرح ابن أبي الحديد 9 : 170 | 12 . وحلية الأولياء 1 : 86 . وكنز العمال 12 : 103 | 24198. وكفاية الطالب : 214 . ومجمع الزوائد 9 : 108 . وترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق 2 : 95).

غاندي والحسين (ع)

وهذه كلها احاديث قد قالها الرسول الكريم في ابنه الحسين عليه السلام تدل على علو مكانته، فالحسين يعتبر مدرسة يقتدي بها الجميع، فقد قال غاندي الذي حكم الهند «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر» وبهذا نرى ان الحسين للجميع وليس لفئة واحدة فقط.

ساهم أبناء الجالية الإيرانية في توزيع المشروبات وخاصة في منطقة بنيد القار التي تحولت معالمها ولبست الثوب الاسود من خلال رفع الرايات السوداء في كل شارع من شوارع المنطقة.

السلام على الحسين

وأخيراً لا يسعنا الا أن نقول السلام على من غسله دمه والتراب كافوره ونسج الريح اكفانه والقنا الخطية نعشه وفي قلوب من والاه نعشه، السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أبناء الحسين وعلى اصحاب الحسين، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ الْحَسَنِ الرَّضِيِّ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبَارُّ التَّقِيُّ، السَّلَامُ عَلَى الْأَرْوَاحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ، وَ أَنَاخَتْ بِرَحْلِكَ، السَّلَامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلَاةَ، وَ آتَيْتَ الزَّكَاةَ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَ نَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ عَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُه.

وزير الداخلية: أصحاب الحسينيات وزوّارها برهنوا على صدق انتمائهم

أعرب وزير الداخلية الفريق الركن م. الشيخ جابر خالد الصباح عن خالص الشكر والتقدير لجميع المواطنين والمقيمين ولأصحاب الحسينيات الذين أحيوا ذكرى يوم عاشوراء، لتعاونهم الفعال وتواصلهم مع وزارة الداخلية من اجل تحقيق أمن الوطن وأمان مواطنيه. وأكد الخالد أن «الحسينيات جسدت خلال إحيائها يوم عاشوراء هذا العام، كما في كل عام، عمق انتمائها الى هذه الأرض الطيبة مما يبرهن على المعدن الأصيل والانتماء الحق، والتمسك العميق بالقيم والمبادئ النبيلة المنبثقة عن شريعتنا السمحة، ولا أدل على ذلك من ان مناسبة ذكرى يوم عاشوراء التي لها مكانة في نفوسنا مرت دون ان يعكر صفوها شيء»، موضحا أن التعبير عنها بطريقة مناسبة هو الذي يعطيها معناها النبيل وأبعادها الحقيقية. جاء ذلك في أعقاب الجولة التي قام بها وزير الداخلية مساء امس الأول، والتي زار خلالها عدداً من الحسينيات، وتفقد خلالها الاستعدادات الأمنية والمرورية لإحياء ذكرى يوم عاشوراء. وألمح الخالد الى ان الوجود الأمني والمروري خلال إحياء هذه الذكرى هدف بالدرجة الأولى الى تكريس الحفاظ على النظام، وتسهيل عملية الوصول الى الحسينيات والخروج منها. وجدد الشكر لمن قاموا بإحياء هذه الذكرى، لأنهم برهنوا على أنهم أمناء على هذا الوطن العزيز وأبناء بررة يكنون له كل الحب والإخلاص ويتصفون بالإحساس بالمسؤولية، كما وجه الوزير الشكر الى منتسبي وزارة الداخلية من قيادات وضباط وضباط صف وأفراد على ما بذلوه من جهد وتفان في إطار عمل أمني متكامل، كما هو العهد بهم دائما.

المهنا يشيد بجهود رجال الأمن

أعلن وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الأمن العام اللواء ثابت المهنا أنه تم تنفيذ الخطة الأمنية الخاصة بتنظيم عملية الاستعداد الأمني لإحياء ذكرى يوم عاشوراء على خير وجه. وأشار إلى أن الاهداف المقررة تحددت في حفظ الأمن والنظام حول «160» حسينية واقعة ضمن نطاق مديريات الأمن العام بالمحافظات الست، وإبراز التواجد الأمني وفرض هيبة القانون، والعمل على تسهيل الحركة المرورية.

وأضاف أن القيادات الأمنية تولي مثل هذه المناسبات اهتماماً كبيراً، حتى يتمكن من يشاركون فيها من إحيائها بكل سهولة ويسر، وأيضا لتوفير الأمن والسلامة للجميع.

حب الحسين

ذكرياتٌ جَدّد الحزنُ صداها  بمَصاب دهشَ القلبَ فتاهـا

فسلِ الأحزانَ عنْهـا كربلا  يُذرَفُ الدَّمعُ حزيناً بثراهـا

رُبَّ شَهْمٍ أُغمدَ السيفُ به  بثَرى الطفَّ ، وبالحزن كساها

ونساءٍ رُوِّعت في ستْرهـا  فدهاهـا من بلاها ما دهاهـا

ودم من أطهر الخلق جرى  فلذات المصطفى أُريق دماهـا

أهلُ بيتٍ سادةٌ من سيّـد   سيّد النّاس وأزكى من هَداهـا

سادةٌ قدّمـوا النّفس فِدى   بعد أن حلّ على الدنيا دُجاها

أشرق العدل على الدنيا بهم  جاهدت في الله والله يراهـا

قف على الأطلال واذكر هامة  من حسينٍ لا وربّي ما حناها

ثورة من نفحـةِ الله ، علَتْ   وسيوف تحتوي العـزَّ قناهـا

يابني هاشم ما مصرعكُـم   غيـرَ أمثال الهدى والحرُّ وعاها

يرسلُ الأمثالَ تسرى بالورى  ينتهي الشِّعـر ولا يفنى جَداها

في خطى الصدّيق والفاروق على   سنن الإيمان قد شُد عُراها

  سنن الإيمان قد شُد عُراها

الشيخ العلي