تنوّعت الأفلام التي قدمتها السينما المصرية عام 2008 بين اتجاهات سينمائية مختلفة، وتراوحت بين مستويات شتى، وهذا هو الوضع الطبيعي لأي سينما في العالم، لكن السينما المصرية كانت خرجت بشكل استثنائي ومثير للدهشة عن هذا الوضع قرابة العشر سنوات، سيطر فيها اتجاه واحد هو الكوميدي ـ أو بالأحرى الفكاهي الخفيف ـ وغلب على الإنتاج المستوى المتوسط أو الضعيف، وقد تكرر عيب الإسفاف الواضح وسمة الإهمال الحرفي في عدد لا يستهان به من تلك الأفلام!.

Ad

أبرز نجوم موجة الإضحاك خلال تلك المدة (ما بعد 1997) حاضرون أيضاً في موسم 2008، وقدموا بعض أفلامه منها أيضاً ذلك الضعيف والذي لا يخلو من إسفاف (مثل محمد سعد في «بوشكاش» وهاني رمزي في «نمس بوند»)، ومنها الناجح (محمد هنيدي في «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة»)، ومنها الكوميدي الإنساني بمستوى فني لا بأس به لكن من دون بريق خاص (أشرف عبد الباقي في «على جنب يا أسطى»، وأحمد آدم في «شعبان الفارس»..)، ومنها الكوميدي السياسي المقبول (طلعت زكريا في «طباخ الريس»).

لحق بهؤلاء المضحكين مضحكون جدد، لكن على الطريقة نفسها، وقدموا هزليات ونوعية «الفارس»، من دون تطوير أو نضج درامي وفني.. (مثل أحمد مكي في «إتش دبور»، ورامز جلال في «شبه منحرف»..).

لكن أحد البارزين في موجة الكوميديا المعاصرة، أحمد حلمي، استطاع في فيلم «آسف على الإزعاج»، إخراج خالد مرعي، أن يقدم فيلماً محكماً كسيناريو ومقنعاً كمعالجة، وحلّق خارج سرب الأعمال الفكاهية تماماً.. هو دراما نفسية مشوّقة، تحلل جوانب في شخصية بطل يقاوم الإحباط والضياع في الواقع بالتحليق في الخيال، إلى حد «معايشة» ما يريده ويهواه ويتصوّره موجوداً حياً حاضراً، حتى لو كان سراباً أو راحلاً (كالأب) أو بعيد المنال (كالحبيبة).

«آسف على الإزعاج»، فيلم ذكي جمع بين القدرة على جذب متفرّج السينما الجماهيرية، والنضج الفني الذي يحمل تأملاً ووجهة نظر، وحرفية متقنة لمخرج، وإحكام درامي لكاتب، إنه من أحسن أفلام سينما 2008 في مصر ، ويستحق أيضاً مكانة أحسن سيناريو وحوار لأيمن بهجت قمر، وأحسن ممثل أحمد حلمي، وأحسن ممثل في دور ثان محمود حميدة، وأحسن ممثلة في دور ثان (دلال عبد العزيز إلى جانب كارولين خليل في «احنا اتقابلنا قبل كده»).. وبطبيعة الحال فإن مكانة أحسن فيلم تعني «أحسن مخرج»، إنه خالد مرعي (إلى جانب المخرج الكبير يسري نصر الله في «جنينة الأسماك»).

مثلما حلّق نجم الكوميديا الشاب أحمد حلمي خارج سرب الأعمال الفكاهية، كذلك فعل عادل إمام قطب الكوميديا الأول ـ على مدار أكثر من ربع قرن ـ وقدم فيلم «حسن ومرقص»، شاركه فيه عمر الشريف ممثل السينما المصرية والعربية العالمي، من إخراج الشاب رامي إمام، وتأليف يوسف معاطي الذي كتب أيضاً خلال العام فيلمي هنيدي وطلعت زكريا.

«حسن ومرقص» يعرض بحرص مسألة ما آلت إليه العلاقة بين المسلم والقبطي في مصر، عرض لا تنقصه الجرأة والوضوح والصراحة، لكنه يحتاج مقدرة على تحليل أسباب الظاهرة والدوافع الحقيقية، ورصد المناخ والظرف السياسي العام!.

وعلى رغم أن «حسن ومرقص» مكرَّس لهذه القضية، إلا أن اقتراب فيلم «الوعد»، إخراج محمد ياسين وتأليف وحيد حامد، من القضية نفسها، بدا مؤثراً أكثر لأنه قدمها من خلال صداقة جميلة بين مسن قبطي (محمود ياسين) وشاب مسلم (آسر ياسين)، نشأت ببساطة في سياق الفيلم، وبدت طبيعية، وكان التناول سلساً من دون أدنى إقحام أو افتعال.

نتصوّر أن تتضمن قائمة أحسن عشرة أفلام في موسم 2008 في السينما المصرية وأكثرها جدية ومدعاة للاهتمام، من بين50 فيلماً هي حصيلة هذا العام:

1. «آسف على الإزعاج» (المخرج خالد مرعي).

2. «جنينة الأسماك» (يسري نصر الله).

3. «ليلة في القمر» (خيري بشارة).

4. «الغابة» (أحمد عاطف).

5. «الوعد» (محمد ياسين).

6. «كباريه» (سامح عبد العزيز).

7. «زي النهارده» (عمرو سلامة).

8. «ألوان السما السبعة» (سعد هنداوي).

9. «بلطية العايمة» (علي رجب).

10. «طباخ الريس» (سعيد حامد).