المجنّد الإسرائيلي المعروف بـ «زوهان» المتخصص في مكافحة الإرهاب يستغل فرصة معركته الحاسمة مع المناضل الفلسطيني المعروف باسم «الشبح» في البحر على الحدود بين لبنان وإسرائيل للسباحة بعيداً حيث يتسلل الى قفص كلاب في طائرة متوجّهة الى نيويورك ويختفي فيه. غايته ليست اقتناص المزيد من المناضلين (او «الإرهابيين» العرب) بل على العكس: نبذ العنف والتقاتل بين الفريقين وهجران ماضيه العسكري وتحقيق ما ينشده قلبه: التحوّل الى مصفف شعر.

Ad

أخيراً، هناك فيلم - كوميدي من بين كل الأنواع- يحقق نجاحاً تجارياً جيّداً (44 مليون دولار في أسبوع) متحدّثاً عن الصراع في الشرق الأوسط وذلك بعد إخفاق معظم الأفلام السابقة التي تناولت هذا الوضع الصعب والتي كانت، في معظمها الكاسح، دراما جادّة او تشويقية.

العدو اللدود

أدام ساندلر ليس معروفاً عنه إنه يفكّر في هذا المنهج. إنه كوميدي تمتلىء أفلامه باللون التهريجي من الكوميديا، وبقدر كبير من استخدام الكلمات النابية والمشاهد البذيئة وحتى ما يُعرف بنكات التواليت٠ وهو بالتأكيد هنا لا يستغني عن مثل هذه العناصر بانياً شخصيّته على فحولته ودالاً عليها بوضع بطانية داخل سرواله الداخلي لكي يشخّص حال زوهان على أساس أنه يملك الماكينة التي لا تتوقّف عن العمل. لكن الملاحظ في هذه الناحية، والى جانب أن هذه البطّانية كانت تضايقه في المشي أحياناً، هو أن الفيلم يخلو من المشاهد الجنسية، فقط ما يوحي بها. هذا أوّلاً، وثانياً أن كل من ينام زوهان معهن هم ممن تجاوزوا سن الشباب. او بالأحرى ممن تجاوزن سن الستّين. لكن الفيلم، الذي كتبه ساندلر بنفسه وفي باله طرح موضوع الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي مباشرة، يصوّر أن هذه الماكينة تتعطّل عن العمل حين يقع زوهان في الحب. ومع من؟ مع صاحبة المحل الفلسطينية وتقوم بالدور الممثلة اليهودية من أصل مغربي إيمانويل شريقوي.

أما عدوّه اللدود، «الشبح» فهو الممثل جون تورتورو، الذي يقدّم صورة كاريكاتورية عن الفلسطيني لكنها لا يمكن أن تكون وضيعة او مسيئة. بل في النهاية، ينبذ بدوره العنف ويعلن أن حلم حياته المدفون كان إفتتاح محل أحذية في نيويورك.

والحلمان، تصفيف الشعر الذي يريده زوهان الذي يتزوّج في نهاية الفيلم من الفلسطينية التي هي شقيقة المناضل الشبح، ومحل الأحذية الذي يسعى اليه الشبح نفسه، يتحققّان على الرغم من سعي رأسمالي أميركي جشع لشراء دكاكين الحي النيويوركي العربية واليهودية لهدمها وتطوير العقار الى مجمّع عصري. وحين يفشل في ترغيب أصحاب الدكاكين العرب واليهود، ويفشل في ترهيبهم أيضاً يستعين بمجموعة من البيض الأميركيين الذين يكرهون العرب واليهود والسود والآسيويين والمثليين وأصحاب القضايا البيئية وتقريباً كل عنصر آخر، فينقضّون على المحال لإشعالها حتى تسود الفرقة والضغينة وتقع الفتنة ويحل العنف.

بذلك فإن الأميركي، يقول الفيلم، هو الشرير وذلك على الرغم مما يعلق في البال أحياناً من شخصيات عربية نمطية. حتى الشبح، كما يؤديه تورتورو الجيّد، ليس عدوّاً حقيقياً إذ ينتصر عنصره الطيّب. طبعاً لا يتحدّث الفيلم عن حقوق مهدورة او مفروضة، ويبتعد عن أي منحى سياسي، لكن حتى في ذلك الإطار هو نسمة منعشة لمن ملّ السياسة الجادّة في الأفلام التي قلّما صوّرت الأمور، على أي حال، بالصورة الصحيحة.

أكثر من ذلك، وفي فصل نهائي حين يبدأ زوهان بتلقين المعتدين البيض درساً قاسياً يضرب بقدمه رجلين ارتديا عباءات حاخامات في بادرة رمزية. صحيح أنهما في الفيلم أبيضان متخفّيان بذلك الزي المميّز واللحية المعروفة، الا أنه لم يحدث في وقت مضى على شاشة فيلم أميركي أن تم ضرب حاخام بقفا القدم على الوجه حتى ولو كان رمزاً.