افتتح الرسام الأرمني - اللبناني زوهراب معرضه الجديد بعنوان «تحت هذه الشمس» (سبق أن سمى معرضاً «عالم تحت الشمس») في قاعة Les Cimaises في الـ «هوليداي بيتش» (نهر الكلب - شمال بيروت). يتضمن المعرض 60 لوحة تنوعت بين الزيتيات والمائيات والأكليريك والغواش وغيرها، يتابع من خلالها الرسام مغامرة اكتشاف ذاته التي استهلّها في معرضه الأول في سبعينيات القرن الماضي، ضمن أسلوب فني خاص به أتقن فيه مزاوجة الألوان والأشكال في تعبير أنيق عن الجمال.يحكي زوهراب في معرضه الجديد قصصاً بطلها الإنسان والطبيعة الهادئة والنورانية والطفولية، يركز على الإنسانية والحياة بمراحلها الممتدة من الطفولة الى الشيخوخة، فيرسم لغة العائلة وحكايتها من خلال صورة الأجداد والأباء والأبناء والأحفاد. ترك الرسام تفاصيل الحكاية الملوّنة لعين الزائر أو متذوّق الفن الجميل. نهاية الحكاية الزوهرابية حياة وشوق وموت وانبعاث، لأنه يرسم الواقع كما هو ويجعله مسرحاً للعين، وهو اختار للوحاته أسماء تبدو رومانسية بامتياز منها «الوعد»، «الحلم»، «عندما التقينا»، «المرآة»، «فتاة القمح»، «الأجنحة»، «عصفور صغير جداً»...كما في معارضه السابقة، يلوّن زوهراب في «تحت هذه الشمس» عالمنا بخطوط نافرة تظللها أخرى رقيقة، وترسم ألوانه وجوهنا الكثيرة وتبرّجها بريشة يقظة توحّد ضحكاتنا وغصّاتنا، وتعود بأجدادنا من الماضي البعيد الغابر ليعانقوا أباءنا ويعانقونا. إنها لعبة شوق الأجيال من خلال الألوان والريشة الحاذقة السارقة لجمال الأشياء والروح والطبيعة.العتمة القليلة البادية في بعض اللوحات، ليست إلاً دليلاً واضحاً على انبعاث الضوء مجدداً، كما يقول زوهراب، وهي لا تصوّر الألم فحسب بل تؤكد سيرة اللون الطويلة وتدرجاته وظلاله. تحت أي شمس تسبح اللوحات؟ يجيب زوهراب: «تحت شمسنا، شمس لبنان وشمس العالم وكل ما تكتنزه من نور ودفء، لتنبض الروح في دواخل النفس البشرية التي اعتادت عدم البوح بمشاعرها، وتفضي عمّا يختلجها بلا خجل أو خوف...». لوحات زوهراب تجدّد نفسها كل يوم، وشخصياته تمارس وجودها كل حين، وكأنما بها تصرّ على التجوال بحرية تحت هذه الشمس، فتولد وتحيا وتموت وتنبعث...المرأةيعشق زوهراب المرأة، فيرسم تفاصيلها واتحادها مع الرجل وعاطفتها اللامتناهية، لتؤدي الأم والفتاة والعروس والطفلة ومريم العذراء دوراً رئيساً في معارضه في الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وإيطاليا وقبرص ولبنان والكويت وغيرهما من البلدان العربيّة، وتقاسمها البطولة خـيوط بيض لم يتخلَّ عنها زوهراب يوماً لأنها، بحسب تعبيره، «ضياء يلف اللوحة ويوازن بين عناصرها». يرسم زوهراب المشاهد الحميمة بألوان حميمة، يقترب من روح الجسد من خلال الألوان الصارخة والقوس قزحية. لا يتقصّد البحث عن اتجاهات فنيّة مختلفة ولا يجنح نحو التغيير رغبة في التغيير فحسب، بل يرسم بلمسة رومانسية زرقاء وخضراء وصفراء وحمراء وبنفسجية، شخصيات جديدة، ربما تتلاقى مع شخصياته القديمة لتكمل الحكاية أو لتبدأ حكاية جديدة تمارس البراءة كينوتها في أحداثها، ويستقبلها المتذوّق بعفوية وكأنما ينظر الى مزهرية من ورد يعبق أريجاً في غرفة الجلوس صباح يوم ربيعي!حب، شفغ، تقدير، ارتباط، ترجي، تلاقٍ... مصطلاحات ترسمها لوحات زوهراب فتأخذك بعيداً للتفتيش عن حالة عاشها الرسام وتعيشها أنت، هي شبكة من العلاقات الإنسانية التي لا تنتهي، وكلما ماتت تولد مجدداً!زوهراب المولود عام 1961، تابع دراساته في كلية الفنون الجميلة في جامعة «الروح القدس» وفي «محترف جوليانو الإيطالي» في لبنان. في معارضه، تنوّعت لوحاته بين الزيتيات والحبر الهندي والغواش والباستيل والأكواريل (لوحات مائية) والحبر الصيني والحبر الصيني الملّون، والأكليريك، تشعر من خلالها بأن الفنان اهتدى الى بوتقة من قيم لونيّة وشكليّة يتجلى فيها العنصر البشري، كاشفاً مكنوناته بقدر ما يحجبها عبر عيون غابت عنها الملامح تارة وتوهجت فيها الروح تارة أخرى.يتعامل زوهراب مع اللون بمهارة، يلاعبه ويستدركه فيرسمه فرحاً «تحت هذه الشمس»....• يستمر المعرض حتى 30 نوفمبر الجاري.
توابل - ثقافات
زوهراب تحت هذه الشمس... الإنسان وحكاياته الرومانسيّة
06-11-2008