تصرُّ الأكثرية النيابية اللبنانية (قوى 14 آذار) على الربط بين المعركة السياسية والإعلامية الدائرة في لبنان بشأن ملف التنصت الهاتفي وتعقب الاتصالات من جهة وبين اقتراب موعد انطلاق عمل المحكمة الدولية الخاصة التي ستنظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وجرائم التفجير والاغتيال ومحاولات الاغتيال الواقعة ضمن صلاحياتها من جهة أخرى.

وتشرح مصادر الأكثرية ما قصده عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حماده بقوله تعليقا على ما تثيره الأقلية النيابية في شأن التنصت: «إنها المحكمة يا أعزائي»، بالإشارة الى معلومات توافرت لقوى «14 آذار» عن خطة متكاملة هدفها ضرب مصداقية ما يتضمنه ملف التحقيقات في جريمة اغتيال الحريري وغيرها من الجرائم التي حققت فيها اللجنة الدولية عشية الانتقال من عمل لجنة التحقيق الى عمل المحكمة في مطلع مارس المقبل.

Ad

وأوضحت مصادر الأكثرية لـ«الجريدة» أن المعلومات المتوافرة لديها في هذا الشأن تؤكد أن الجهات التي تشير اليها أصابع الاتهام استبقت نتائج التحقيقات بتكليف استشاريين قانونيين وحقوقيين أصحاب خبرة في التعاطي مع ملفات مماثلة، وضع استراتيجية قانونية للدفاع في مواجهة الاتهامات التي يمكن أن توجه اليهم أمام المحكمة.

ويبدو أن أولى «النصائح» التي تلقاها المتهمون المفترضون هي ضرورة العمل على إيجاد الظروف العملية المواتية للتشكيك في القواعد القانونية التي تم الاستناد اليها في تكوين ملف التحقيق ومن أبرزها الشق المتعلق بمتابعة الاتصالات الهاتفية التي سبقت وأعقبت جريمة اغتيال الرئيس الحريري وغيرها من الجرائم.

وعلى هذا الأساس تتهم الأكثرية النيابية خصومها في الأقلية النيابية بشن حملة تحت شعار عدم قانونية التنصت ومتابعة الاتصالات بعدما سبق للجنة التحقيق الدولية أن أعلنت في أحد تقاريرها الدورية أنها استندت في الاستنتاجات التي توصلت اليها، الى تحليل ما يقارب المليون مخابرة هاتفية.

أما الهدف من هذه الحملة، بحسب مصادر قوى «14 آذار»، فهو التأسيس لما يسمح للدفاع باعتبار أسلوب التوصل الى الأدلة القائمة على تحليل الاتصالات غير قانوني، وبالتالي اعتبار هذا الاسلوب باطلا قانونيا ليصار الى الاستنتاج المعروف: «ما بني على باطل فهو باطل»، حتى إذا أخذت المحكمة بهذا المبدأ تمكن الدفاع من إسقاط الكثير من القرائن المادية التي من شأنها إدانة المتهمين بالتخطيط والتحضير والتنفيذ في أكثر من جريمة اغتيال وتفجير شهدها لبنان على مدى السنوات الأربع الماضية.

وتنقل المصادر عن العارفين ببعض جوانب التحقيق الدولي أن خطة «الدفاع» ساقطة سلفا لعدة اعتبارات أبرزها أن شرعية وقانونية قرارات تزويد لجنة التحقيق الدولية بما تطلبه من معلومات نابعة ليس فقط من القوانين اللبنانية وإنما من قرارات مجلس الامن الدولي التي تعتبر جزءا من القانون الدولي الذي يفرض على الحكومة اللبنانية إعلاءه على القوانين المحلية في حال التناقض بين القانونين المحلي والدولي.

كما تنقل عن المعنيين أنفسهم بأن لجنة التحقيق الدولية استندت الى متابعة الاتصالات بين مجموعة من الأرقام وفقا لمعلومات حصلت عليها من الجهات الأمنية والقضائية اللبنانية، غير أنها لم تكتفِ بجدول الاتصالات، وإنما لجأت الى الاستعانة بمراكز التنصت التي تسجل هذه المكالمات والموجودة في أماكن قريبة من لبنان أبرزها الأجهزة المركزة في قاعدة اكروتيري البريطانية في جزيرة قبرص مما يجعل مسعى اسقاط قانونية تحليل الاتصالات مضيعة للوقت في ظل التسجيلات الموجودة عند التحقيق من مصادر غير لبنانية.