صحيح أن شيمون بيريز أحد أبرز السياسيين الإسرائيليين، لكن الرئيس الإسرائيلي هذا يشتهر أيضاً بحبه للمطالعة وتكلم اللغة الفرنسية وتجاذب أطراف الحديث مع سيدة جميلة.

ولا تستطيع أي امرأة أن تقاوم سحره مهما بلغت من العمر. ومن بين هؤلاء السيدات زوجة ساركوزي، كارلا بروني، التي أقامت أول مأدبة عشاء رسمية لها بعد أن أصبحت سيدة فرنسا الأولى على شرف شيمون بيريز في مطلع هذه السنة. وما إن التقيا حتى شعرا بانسجام كبير بينهما. وها هو بيريز الآن يستعد لزيارتها المتوقعة برفقة وزوجها إلى إسرائيل في وقت لاحق من هذا الشهر. لكننا سنتطرق إلى هذا الموضوع لاحقاً.

Ad

اختبرت سحر بيريز وتأثيره في النساء، حين قابلت يوكو أونو. فقد بدت أرملة جون لينون القوية هذه شديدة التوتر وظلت تنظر إلى ساعتها لأنني تأخرت بضع دقائق. ثم علمت أن شيمون بيريز ينزل في الفندق نفسه من نيويورك. فقد رأني أركض باتجاه المصعد وأراد أن أذهب إليه وألقي التحية قبل مغادرته إلى المطار.

ولكن عندما نظرت إلى يوكو الغاضبة، التي كانت تحاول بصعوبة ضبط أعصابها، أدركت أنها لن تقبل البقاء في الغرفة بضع دقائق إضافية من دوني. لذلك اقترحت عليها فجأة أن تنضم إلي في لقاء قصير مع بيريز قبل أن نبدأ التصوير فقبلت.

فيما أقتربت أنا ويوكو من بيريز، راح رجال الأمن يتحدثون في أجهزة صغيرة موضوعة في أكمامهم. ثم فُتح الباب وعانقني بيريز. قدمت إليه يوكو. فأخذ يغدق عليها الإطراء وسحرها بكلامه. فاختفت يوكو القوية التي أعرفها، وحلت محلها فتاة غير واثقة من نفسها تتحدث بصوت انثوي خافت.

همست متحدثة إلى بيريز: «إنه لشرف عظيم... رأيتك مرة من قبل... في السويد. كنت تجتاز الطريق. فقلت يا لهذا الرجل القوي!». فراقت هذه الكلمات له وأخذا يتبادلان عبارات الثناء والمديح ونسيا أمري...

تبوأ بيريز (84 سنة) مختلف المناصب. لكنه وجد أخيراً منصباً يلائمه تماماً، منصباً يمتاز بالأناقة والسحر والحكمة والسلطة والاحترام واللغات الأجنبية والدبلوماسية. إنه منصب رئيس إسرائيل. فبعد أن اضطر الرئيسان الإسرائيليان الأخيران إلى التخلي عن هذا المنصب بسبب غمامة الفساد والاغتصاب التي أحاطت بهما، كانت المؤسسة بحاجة إلى بيريز أكثر من حاجته إليها ليغني سيرته الذاتية.

إذاً، يعيش بيريز حالياً إحدى أفضل مراحل حياته، أو بالأحرى شبه الأفضل لأن زوجته صونيا لم تنتقل معه إلى المقر الرئاسي في القدس. وقد حملتُه على الإقرار بأنه يشعر بالوحدة أحياناً. يقول إن هذا خياره هو ولا يشكل جزءاً من حياته كرئيس.

س: سيدي الرئيس... بعد كل هذه السنوات في الحياة العامة، أي متعة تشعر بها عندما يناديك الناس «سيدي الرئيس».

ج: لا أعتقد أن قيمة الإنسان يجب أن تُقدر وفق لقبه، بل وفق أعماله.

س: وقمت بالكثير من الأعمال الحسنة خلال السنوات الستين الماضية، منذ ولادة دولة إسرائيل. ما هي بعض الأعمال التي تفتخر بها؟

ج: لا شك في أن ستين سنة فترة طويلة. تأملت في هذه السنوات عندما استضفت أخيراًَ رؤساء وكثيرين من أصحاب المراتب الرفيعة ورجال الأعمال بمناسبة ذكرى تأسيس إسرائيل الستين. ولكن ثمة قرارات أعتقد أنها كانت بالغة الأهمية بالنسبة إلى مستقبل إسرائيل، مثل كسر حصار الدول العربية (الذي لقي في مرحلة ما الدعم من فرنسا)، عملية قناة السويس في العام 1956 التي منحت إسرائيل الاستقرار طوال عشر سنوات، وبناء قوة إسرائيل في مجالات التكنولوجيا العالية والتكنولوجيا الحيوية، فضلاً عن بناء قوتها النووية...

س: هل أنت صاحب هذه الرؤية؟

ج: نعم، نوعاً ما. أنت محقة لكنني لم أكن أبحث عن رؤية، بل عن حل. أشعر أيضاً بالفخر لأنني شاركت في تطوير النجف (جنوب إسرائيل) والجليل وعملية انتيبي التي حرر خلال الجيش الإسرائيلي أسرى إسرائيليين كان يحتجزهم إرهابيون وعيدي أمين في أوغندا. كذلك أشعر بفخر كبير لأنني ساهمت في اتفاق أوسلو.

س: نلت جائزة نوبل بسببه.

ج: أدعو ذلك الطريق من ديمونا (حيث يقع المقرر النووي الإسرائيلي) إلى أوسلو. علاوة على ذلك، كنت محظوظاً جداً للعمل مع مؤسس إسرائيل، ديفيد بن غوريون. فقد راهن علي مع أنني كنت شاباً غير معروف. لكنني تعلمت الكثير منه.

س: سبق أن تبوأت منصب رئيس الوزراء. فما هو برأيك الاختلاف بين رئيس الوزراء والرئيس؟

ج: يكمن الاختلاف في أن رئيس الوزراء هو المتحكم الاساسي في الأمور في حين أن الرئيس هو داعم النوايا الحسنة.

س: بالحديث عن الرؤساء، زار الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة وأدلى بتصريح عن عدد القنابل النووية التي تملكها إسرائيل... فما رأيك بما قاله؟

ج: لا أقدم أنا، رئيس إسرائيل، على إعلان عدد القنابل التي تملكها الولايات المتحدة... فليس من شأن رئيس دولة أن يعلن أي معلومة عن دولة أخرى، مع أننا جميعاً نملك هذه البيانات.

س: أدلى وزير إسرائيل منذ بضعة أيام بتصريح مثير للاهتمام أيضاً، تصريح أدى إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل حاد. فقد قال وزير الدفاع السابق شاوول موفاز، الذي وُلد في إيران، إن على إسرائيل أن تهاجم المنشآت النووية الإيرانية.

ج: في رأيي، إن كان المرء لا يريد أن يتخطي حدوده، فعليه بالتأكيد أن ينتقي كلماته بدقة أكبر... أعتقد أنه لم يقصد التفوه بهذه الكلمات وأنا آسف لما حدث. لكنني أرغب في التحدث عن أسعار النفط...

س: سنتطرق إلى هذا الموضوع...

ج: لأنني أعتقد أن النفط هو أكبر مشكلة تواجهها البشرية اليوم. هذه سخرية الديمقراطية. فنحن لا ننتج النفط، بل نجده صدفة. وبغية حماية مصالحنا، نُضطر إلى اللجوء إلى إرهابيين... لطالما قلت إن ثمة بلداناً تملك المال لكنها تجهل ما تفعل به، وبلداناً تعاني من الفقر وتجهل كيف تتخلص منه....

س: اعتدنا سماع آراء القادة الإسرائيليين في مسألة الأمن وغيرها. لكنني لا أذكر أنني سمعت أي وجهة نظر إسرائيلية حيال مسائل مهمة أخرى.

ج: نعم...

س: مثل الاحتباس الحراري.

ج: نعم، هذه مسألة مهمة. وتستطيع إسرائيل أن تكون رائدة في هذا المجال. فمع أننا بلد صغير، نملك الكثير من العلماء. حتى إن معدل العلماء في كل متر مربع من إسرائيل يفوق معدل أي بلد آخر. ولكن يبقى السؤال: هل يمكنك معالجة هذه المشكلة بمفردك؟ عليك العمل على حل هذه المشكلة بالتعاون مع شركائك. لدينا حدود مع الأردنيين والفلسطينيين... على سبيل المثال، اتفقنا على معدل المياه. فلا يمكننا اتباع ثلاث معدلات مختلفة في منطقة صغيرة كهذه...

س: هل هذا جزء من المفاوضات الجارية؟

ج: ليست المسألة بهذه البساطة. يجب أن تكون هاتان القناتان متوازيتين. ينبغي أن نتفق نحن والفلسطينيون على مسألة السلام. لا يمكننا أن ندخل طرفاً ثالثاً على المفاوضات اليومية. فهي معقدة بما يكفي. ولكن من الضروري إضافة قناة ثالثة اقتصادية. هنالك بلدان النفط وهنالك البلدان المقدسة، وإسرائيل تنتمي إلى البلدان المقدسة.

س: هذا مؤسف...

ج: لا أعلم... لست واثقاً من ذلك. تشهد أسعار النفط الآن ارتفاعاً متواصلاً، لكنها ستعاود الانخفاض في النهاية. وهذا سيؤثر مباشرة في بلدان مثل المملكة العربية السعودية. لكن قيمة العالِم لا تنخفض البتة.

س: ثمة مسألة مهمة أخرى: الفقر في أفريقيا. كيف تساهم إسرائيل في حل هذه المشكلة؟

ج: نتحاور مع كل القادة الذين يحاولون معالجة هذه المشكلة. نقول لهم: «لا تنتظروا الهبات. ابحثوا عن سبل مبتكرة!»... تعرب إسرائيل عن استعدادها لتثقيف هذه الدول المحتاجة في مجال التكنولوجيا العالية. فنحن نقبل طلابهم في جامعاتنا ونعيدهم إلى دولهم خبراء مهرة. وفي القمة الأخيرة التي عُقدت حول الغذاء، اعتُبرت إسرائيل مثالاً يُحتذى به في مجال مكافحة الفقر.

س: لننتقل إلى الأزمة العالمية التالية: أزمة الغذاء.

ج: ثمة ثقافتان في العالم: ثقافة الولايات المتحدة وثقافة أفريقيا. فقد قرأت في مقال ما أن البقرة في أوروبا تنال كمية من الغذاء تفوق ما يتناوله الإنسان في أفريقيا. علاوة على ذلك، إن 10% فقط من مصادر المياه حول العالم، التي تشمل المحيطات والبحيرات والأنهر، هي مياه صالحة للشرب. هل تعرفين ما نفعله الآن في إسرائيل؟ نعلق جهاز كمبيوتر على كل شجرة. فيقرر هذا الجهاز كم تحتاج الشجرة من ماء. وثمة مناطق، مثل الصحاري، لا تتطلب كميات كبيرة من الماء. كذلك طور بعض العلماء بذوراً جديدة تنتج مردوداً أكبر بنسبة 70%. إذاً، يجب ألا يكون في الأرض أناس جياع. ولكن بسبب الجهل نواجه المجاعة. لذلك علينا محو هذا الجهل وتعلم أسرار الطبيعة.

س: تقول الشائعات إن الائتلاف الباكستاني المتضعضع يتفاوض مع تنظيم القاعدة أو أشخاص مقربين منه. وقد اتصل الرئيس الفلسطيني عباس بحماس لإجراء حوار مباشر معها. فهل تعتقد أن علينا التحاور مع القاعدة وحماس وحزب الله؟

ج: هل تعرفين لمَ ضعفت القاعدة إلى هذا الحد؟ لأن الرئيس مشرّف وغيره رفضوا التحاور مع هذا التنظيم. كذلك الأمر بالنسبة إلى حماس. هل ترين هذا الجدار؟ هل يمكنك التحاور معه؟ لا، حتى أنت تعجزين عن ذلك. لا تُعتبر حماس منظمة ذات جوهر، بل منظمة تقوم على المعارضة. لا يريدون الاعتراف بنا، ومن المستحيل إجراء حوار بدون وجود طرفين.

س: في هذه الحالة، كيف تتواصلون معهم؟

ج: على الفلسطينيين أن يقرروا. الوضع أشبه بما حصل مع المفتين قبل ستين سنة. تظهر الحوادث التاريخية أن الفلسطينيين أساءوا إلى أنفسهم. فقد أتُيحت أمامهم فرصة كبيرة قبل ستين سنة، لكنهم ضيعوها. فبحلول 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 1947، كان بإمكانهم الحصول على دولة أكبر مما قد ينالونه اليوم.

س: سأجري مقابلة مع الرئيس محمود عباس بعد بضع ساعات. ولكن مع هذا الانقسام بين غزة وسائر السلطة الفلسطينية، مَن يمثل عباس؟

ج: انتُخب أبو مازن (عباس) بنسبة 64% من أصوات الشعب الفلسطيني. لكن الشعب في غزة تمرد ضده. لم يتمرد كل الشعب، بل أنصار حماس فحسب. نحن نكن له الاحترام. لا شك في أن هذا الانقسام الذي تسببت به حماس مشكلة خطيرة. ولكن لا يمكننا التدخل. ويجب ألا نحاول التدخل... لذلك هذه المشكلة ليست من شأن إسرائيل. لا أقصد إنها ليست مشكلتنا، غير أننا لا نستطيع التحكم فيها.

س: منذ بدأتُ إجراء المقابلات مع السياسيين الإسرائيليين حين كنت في العقد الثالث من عمري، ألتقي الأشخاص نفسهم ويتصل بي الناس ذاتهم ... لم يتبدل الوضع.

ج: وأنت لم تتبدلي أيضاً.

س: هذا لطف منك. ولكن أين الدم الجديد في السياسة الإسرائيلية؟ أين باراك أوباما إسرائيل؟

ج: ولكن لدينا دم جديد، مثل إيهود باراك، كما تعلمين، وإيهود أولمرت...

س: هما موجودان على الساحة السياسية منذ زمن.

ج: تسيبي ليفني. أتعلمين يا دافني؟ يجب أن يناضلوا هم أيضاً. حين يكون المرء شاباً، يظن أنه يعرف الكثير... وعندما لا تسير الأمور على ما يُرام، يُضطر إلى المكافحة والتعلّم. عندئذٍ فقط يمتلك المعرفة...

س: تطرقت بكلامك الآن إلى مسألة بالغة الأهمية في الانتخابات الأميركية وفي هذه المعمة الإسرائيلية. فهل أوباما أو ليفني (في إسرائيل) مؤهلان لإدارة شؤون بلد مع أنهما يفتقران إلى الخبرة؟ وهل الخبرة صفة مهمة ليصبح المرء قائد دولة؟

ج: لا، الرؤية أهم. يقول لي الناس أحياناً: «لا نحب ما قمت به في مسألة ما». وهم محقون.

س: ثمة مشكلة عالمية أخرى اليوم، هي مكافحة الإرهاب. وهذا تحد كبير...

ج: لا شك في ذلك. تحقق إسرائيل نجاحاً أكبر في مكافحة الإرهاب، مقارنة مع ما أنجزته الولايات المتحدة في العراق.

س: أي انجاز؟

ج: أنفقت الولايات المتحدة 150 مليار دولار لتجد الحل الأنسب لمكافحة الإرهاب، ولم تحقق نجاحاً كبيراً. لا تملك إسرائيل هذه الميزانية الضخمة. لكننا نبحث باستمرار عن حلول، وقد أصبنا نجاحاً أكبر... عليك أن تخبريني مَن قرر دعوة أحمدي نجاد إلى القمة حول الغذاء في روما. فهذه القمة تبحث عن طعام لا سمّ...

س: شملت لائحة كبار المدعوين إلى هذه القمة أيضاً رئيس زيمبابوي روبرت موغابي.

ج: نعم، رجل ديمقراطي آخر!... أنا فخور جداً بإسرائيل. فمع أننا واجهنا الكثير من الصعاب، لم نتخلَّ يوماً أو لحظةً عن ديمقراطيتنا. لذلك تحظى إسرائيل بكل هذا الإعجاب حول العالم...

س: التقيتَ الرئيس مشرّف. أخبرَني مراراً عدة أنه يحاول إقامة علاقات مع إسرائيل. فهل ناقش معك هذا الموضوع؟

ج: نعم، بالتأكيد. ولمَ لا؟ ولكن لا تنسي أنه يواجه مرحلة صعبة. أخبرني أن الجيش يساهم في احلال التوازن في باكستان حالياً. وعلي أن أقر أن مشرّف نجح في توجيه الدفة بمهارة...

س: إذاً... هل مشرّف حاكم ديمقراطي؟

ج: شخصياً ربما... أعتقد... في باكستان، يتعرض القادة للاغتيال. ولا عجب في ذلك. لا مكان لاغتيال القادة في دولة ديمقراطية. ولا يمكنك إلقاء اللوم على الجميع. يضم ذلك البلد عناصر متطرفة ويعاني الكثير من المشاكل.

س: نعم. لكن الائتلاف الحالي الذي يضم شريف وزوج الراحلة بوتو يجب ألا يواجه المشاكل في التعامل مع إسرائيل. حتى إنني تلقيت إتصالات منهم ومن عزيزتي بناظير عندما كنت في إسرائيل.

ج: أجريت محادثات مع بناظير مرتين. طلبت الاجتماع بي وسألتني نصيحتي بشأن كشمير... تطرقنا إلى مسائل عدة. وأملت إقامة علاقات معنا.

س: ما الذي يعرقل العلاقات بين البلدين؟ هل أجريتم حواراً مع باكستان في مرحلة ما؟

ج: يعود ذلك، حسبما أظن، إلى أن الأوضاع لم تستقر بعد في باكستان. مَن هم أصحاب القرار؟... يواجه مشرّف نفسه وضعاً حرجاً. فقد أخبرني أنه يكافح للمحافظة على مركزه وسيطرته على الترسانة النووية في باكستان. لذلك لا أعتقد أن إقامة علاقات معنا هي أولوية بالنسبة إليهم. نحن نتفهم ذلك. لا مشكلة.

س: الرئيس نيكولا ساركوزي؟

ج: نعم.

س: مرت العلاقات بين فرنسا وإسرائيل بأوقات عصيبة في السابق. ولكن ماذا عنك أنت وساركوزي؟ لن نتحدث عن كارلا بروني المتألقة. فقد أقامت أول حفل عشاء رسمي بعد أن أصبحت سيدة فرنسا الأولى على شرفك. حسبما عرفت، سيزوران قريباً إسرائيل.

ج: نعم، سيأتي لزيارتي في الثالث والعشرين من هذا الشهر. ولا شك في أن زوجته جميلة وساحرة. وثمة انسجام كبير بيننا. ساهم ساركوزي في إنعاش القيادة الأوروبية. فقد تبنى موقفاً جديداً من العلاقة مع الولايات المتحدة. وأعرب عن دعمه لإسرائيل. أتعلمين يا دافني؟ ثمة قيادة جديدة في مختلف أنحاء أوروبا، من أنجيلا ميركل في ألمانيا إلى سلفيو برلوسكوني. كلهم يسعون إلى توطيد علاقتهم مع الولايات المتحدة. يشهد الوضع تبدلات جذرية، وساركوزي هو أحد الأشخاص الذين يحدثون هذه التبدلات. أُنشئ حلف شمال الأطلسي لمحاربة عدو مشترك. ولكن لا يسعنا القول اليوم إن الاتحاد السوفياتي هو مشكلة الولايات المتحدة الكبرى...

س: ما هي إذاً مشكلة الولايات المتحدة الكبرى؟

ج: خطر الإرهاب.

س: لكن ساركوزي لا يدعم انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي... فما رأيك في هذه المسألة؟ هل تنوي مناقشتها معه؟

ج: أدعم تماماً انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. هذه خطوة مهمة. أنشأت الاتحاد الأوروبي دول مسيحية. كانت الدول المؤسسة الثلاث كاثوليكية. وقد أُسس آنذاك لمحاربة الشيوعية، إلا أن هذه الأخيرة قد زالت منذ زمن. لذلك سأقول لساركوزي وميركل وغيرهما إنه عوض إرسال عمال أتراك إلى أوروبا (وأفهم أن هذا الأمر يخيفهم)، أرسلوا المزيد من العمل إلى تركيا. أقيموا علاقات وطيدة. ثمة مدرستان فكريتان في الإسلام: إحداهما تتبناها تركيا والأخرى إيران. سأقول لساركوزي والقادة الآخرين: إذا لم تساعدوا تركيا، فأنتم بذلك تساعدون إيران.

س: يُقال إن مّن يجلسون على القمة يشعرون بالوحدة. فهل ينتابك أحياناً هذا الشعور في المقر الرئاسي؟

ج: الأمر سيان بالنسبة إلى مَن ينحدرون إلى أسفل السلم. على غرار كل إنسان, أشعر أحياناً بالوحدة. ولكن يجب ألا يشتكي القائد. يجب ألا أشعر بالأسى. اتخذت هذا القرار منذ زمن. على القائد أن يعرف ما يشمله تبوء المناصب الرفيعة: أهلاً بك إلى عالم خدمة الآخرين لا نفسك! على القائد أن يخدم القضية لا مصالحه الخاصة. نعم، كل رجل يشعر بالوحدة...

س: أنت في الخامسة والثمانين من عمرك. تبدو أصغر سناً.

ج: شكراً. إذا تابعت كلامك اللطيف هذا، فسأطرد الجميع من الغرفة وأبقى معك وحدك...

س: لكن عامل السن يثير ضجة كبيرة في الانتخابات الأميركية بسبب المرشح الرئاسي الجمهوري جون مكاين. فما رأيك؟ هل السن مشكلة حقيقية بالنسبة إلى القائد؟

ج: لا، ليس من وجهة نظر المسنين... لا أعتقد أن بإمكانك الحكم على إنسان من خلال سنه. فما زال بعض المسنين يتمتعون بروح الشباب، في حين أن بعض الشبان يفكرون ويتصرفون كالمسنين. لذلك لا يمكنك الحكم على الرجل بناء على ما يرد في جواز سفره.

س: ما هي الأسس التي يجب الاستناد إليها عند الحكم على القائد؟

ج: طباعه، رؤيته، طاقته...

س: بالحديث عن الطاقة، يمكنك التغلب علي في هذا المجال. فأنت الرجل الوحيد الذي نجح في انتزاعي من الفراش في السادسة صباحاً كي أتناول معه الفطار في السابعة في نيويورك. والمضحك أنني كنت موعدك الثاني لا الأول في ذلك اليوم...

ج: شكراً! لن أنكر ذلك. لمَ أنكره؟ مَن يحتاج إلى النوم؟... لكنني لم أفرض نفسي على الشعب الإسرائيلي. فقد انتُخبت رئيساً لإسرائيل.

س: إذاً، تعتبر استضافة زيارة رؤساء الدول، من دون الخوض في مشاكل السياسة اليومية، أمراً ممتعاً.

ج: لهذا الأمر حسناته وسيئاته. أفضّل هذا المنصب في هذه المرحلة من حياتي وبعد كل الخبرة التي اكتسبتها. ثمة حكومتان: إحداهما إدارية وقد شاركت فيها في الماضي، وأخرى تقوم على أعمال النوايا الحسنة. يتيح لي هذا المنصب مقابلة أناس كثيرين يقومون بأعمال النوايا الحسنة، مثل المتطوعين والموهوبين والخلاقين... وهذا يمنحني سعادة أكبر... وخصوصاً عندما أستطيع دعم هذه الأعمال والمساهمة فيها.

«كارلا جميلة وثمة انسجام بيننا»

بدا الانسجام واضحاً بين كارلا بروني وشيمون بيريز عندما استضافته هي وزوجها الرئيس نيكولا سركوزي في فرنسا. يعرف بيريز عدداً من أصدقائها اليهود السابقين، الذين ينتمون إلى الأوساط الفكرية في فرنسا.

رحبت به وهي ترتدي ثوب سهرة أرجوانياً، وبدا جلياً أنها لا ترتدي أي ملابس داخلية. وعندما ابتسما لوميض آلات التصوير، قالت لبيريز: «لا أقول cheese، بل أقول Sex».

سيستقبل بيريز زوجها في المكان الذي استقبل فيه بوش حديثاً: فناء مليء بالزهور في الحديقة الرئاسية. سيجلس الرئيسان أحدهما بجوار الآخر، في حين أن كبار مساعديهما سيجلسون في أرجاء الفناء ليتنشقوا رحيق الورود. قرب الفناء ثمة شجرة مميزة، هي مزيج من شجرة تين وشجرة زيتون... وهنالك أيضاً الحجر الوحيد المتبقي من حائط المبكى. وقد أخذ هذا الحجر من الحائط الغني عن التعريف.

أخبرتني يونا، كبيرة مساعدي بيريز الأنيقة التي تراقفه في مختلف نشاطاته حول العالم، أن علي أن أتمنى أمنية، كما يفعل الناس عند حائط المبكى. سيُقام حفل العشاء الرسمي لآل ساركوزي في صالة جميلة تمتاز بنوافذها وسقفها التي تحمل مشاهد من إسرائيل، فضلاً عن جدار عليه لوحة ذهبية كتبت عليها عبارات عبرية. وأوضحت لي يونا أن الرئيسين سيجلسان أحدهما قرب الآخر على كرسيين لكل منهما ذرعان. فإذا لم يكون المرء رئيساً، يجلس على كرسي له ذراع واحدة.

لن يضم حفل العشاء أكثر من مئة شخص. وستكون مضيفة بيريز الرسمية زيفيا فالدان، ابنة بيريز. فزوجة بيريز قررت ألا تنضم إليه في المقر الرئاسي عندما انتخب رئيساً. ولعل هذا القرار، الذي تصدر عناوين الأخبار، هو ما جعل بيريز يكشف لي أنه يشعر بالوحدة.

كذلك سترافق زيفيا كارلا في جولة تسوق تزوران خلالها أكبر مصممي الأزياء الإسرائيليين.

لا، لن يدعو بيريز بار رافايلي، صديقة ليوناردو دي كابريو التي حضرت حفل عشاء ساركوزي وسرقت الأضواء من كلا الرئيسين. وقد علمت سراً أن كارلا بروني دعتها المرة الماضية. ولكنها لن تُدعى هذه المرة.