بينما استعادت أحياء بيروت ومناطق البقاع وطرابلس والجبل هدوءاً حذراً، في ظل انتشار الجيش اللبناني وتسلمه مسؤولية الأمن، تترقب الساحة الداخلية نتائج الاتصالات التي تقوم بها اللجنة الوزارية العربية لرأب الصدع بين طرفي الأزمة، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 5 مايو. باشرت اللجنة الوزارية العربية أمس، تحركها في بيروت، بعد أن استبقت الأطراف المعنية داخلياً قدومها إلى بيروت بتحديد مواقفها القابلة للنقاش في أي تسوية مفترضة. ففي حين اشترطت المعارضة تراجع الحكومة اللبنانية عن القرارين اللذين أصدرتهما في ما يتعلق بشبكة الاتصالات واقالة المسؤول عن جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير، ودعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري الاطراف اللبنانية للعودة الى طاولة حوار تبحث موضوعي الحكومة الوطنية وقانون الانتخاب، أكدت الاكثرية بالمقابل، على لسان رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، رفضها التحاور «تحت تهديد السلاح»، مشترطاً أن يكون البند الاول على طاولة الحوار «أمن بيروت والمناطق».واستهل الوفد العربي، الذي تأتي زيارته في إطار تنفيذ قرار مجلس وزراء الخارجية العرب إيفاد لجنة لمحاولة حل الازمة في لبنان والعمل على تطبيق المبادرة العربية، برئاسة رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثان، وعضوية الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ووزراء خارجية كل من الأردن والامارات والبحرين والجزائر وجيبوتي وسلطنة عمان والمغرب واليمن، استهل لقاءاته بزيارة الرئيس بري في عين التينة، والتقاه على مدى ساعتين تخللهما غداء عمل.وبحسب أوساط عين التينة، فقد اكد الرئيس بري للوفد العربي وجوب تراجع الحكومة عن القرارين اللذين اتخذتهما لتتراجع المعارضة بدورها عن العصيان المدني، وشدد على ان المعارضة «لا تعتبر ما حصل في لبنان أخيراً انتصاراً، وليس هناك من انتصار لفريق على آخر، انما هناك دعوة الى الحوار بدون اية شروط مسبقة لمناقشة موضوعي حكومة الوحدة وقانون الانتخاب». كما أوضح بري للوفد ان «التوافق مازال قائما وأساسيا بشأن انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية». وأملت أوساط الرئيس بري خيراً، معتبرة ان «البداية كانت جيدة للوفد العربي، ونحن متفائلون بأن نجد حلا يُرضي جميع اللبنانيين».في السرايومن عين التينة، انتقل الوفد العربي الى السراي الحكومي، حيث اجتمع بالرئيس فؤاد السنيورة على مدى ساعة ونصف الساعة، اكتفى بعدها الرئيس السنيورة بالقول «كل شيء خير»، بينما لم يُدلِ أي من أعضاء الوفد بأي تصريح.وكانت أوساط السراي أكدت نية الحكومة ايجاد مخرج للازمة في جلستها المسائية أمس، عبر السير بتوصية قيادة الجيش في بيانها الاخير، والتراجع بالتالي عن القرارين بوضعهما في عهدة الجيش. وشددت هذه الاوساط على ان الحكومة لن تعطل المساعي الجارية لايجاد مخرج ينهي المأزق القائم، ولكنها في الوقت عينه تنتظر تعهداً بخطوات ايجابية من المعارضة، أولها اعادة الامور الى ما كانت عليه قبل 5 مايو، والشروع فوراً لملء الفراغ الرئاسي.وكان الوفد العربي تابع لقاءاته أمس، إذ التقى كلاً من رئيس اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون، وقائد الجيش العماد ميشال سليمان. دمشق في موازة ذلك، وفي أول رد فعل سوري رسمي على مهمة الوفد العربي، اعلنت دمشق، على لسان مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية، دعمها «جهود اللجنة الوزارية العربية برئاسة دولة قطر والهادفة إلى وضع المبادرة العربية موضع التنفيذ كخطة متكاملة ببنودها الثلاثة».وحثت دمشق «كل الاطراف اللبنانية على التعاون البناء مع اللجنة والتوجه الى الحوار الوطني من اجل التوافق في ما بينها بما يؤدي الى خروج لبنان من أزمته وضمان استقراره».مواقف وفي سياق المواقف الداخلية، أمل وزير الخارجية والمغتربين المستقيل فوزي صلوخ أن «يحمل الوفد العربي جدولا موضوعيا ومدروسا من اجل التوصل الى حل للبنود التي هي على جدول أعماله في المستقبل»، مشدداً على انه «اذا كان هناك نية متجهة للحوار، فنحن نرحب بها في لبنان وفي الدوحة».وفي السياق، رأى النائب بطرس حرب ان «الذي جرى في لبنان خلال الأيام الماضية يشكل انقلابا على تركيبة لبنان»، وقال: «هذه الحال الجديدة فرضت علينا كلبنانيين ان نعيد النظر في كيفية التعاطي في ما بيننا بشأن موضوع السلاح، وجعلت هذا السلاح موضوعا يرتدي أولوية مطلقة في كيفية التعاطي مع وجوده ومع من يحمله».وأكد عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا أن «البحث في سلاح حزب الله أصبح من الأولويات ولاسيما بعد ان حاول الحزب تنفيذ انقلابه بقوة السلاح على الدولة والنظام العام في لبنان».
دوليات
الوفد العربي يباشر مهمة رأب الصدع في بيروت بري: لا نعتبر ما حصل انتصاراً... وهناك دعوة إلى الحوار من دون أية شروط
15-05-2008