تفتح الجريدة ملف القضاء الكويتي وتستعرض هموم وقضايا رجاله بهدف تسليط الضوء على ما يعانيه القضاء الكويتي من إهمال من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية وفي الحلقة الثانية يتحدث عدد من القضاة عن همومهم للجريدة وتحاور الجريدة المستشار السابق في محكمتي التمييز والدستورية د. محمد عبد الله. أكد عدد من القضاة أن الحكومة تتجاوب دائما مع الموظفين المهددين بالاعتصام والاضراب لتحقيق مطالبهم فيما تعودت السكوت من القضاء وطالبوا بسرعة اقرار المشاريع القضائية وقانون السلطة القضائية.من أين نبدأ الحكاية ؟ وبأي صورة تودون لنا سردها، فلم يعد السكوت هو العلاج الناجع، فالأمر بات يطال «الحكم والفيصل» في كل النزاعات، ولم يعد الأمر مجرد أصوات تنادي بالتعديل أو التطوير، بل امتد الامر إلى لجوء أكثر من 100 قاضٍ ووكيل نيابة إلى القضاء للمطالبة بحقوقهم المالية، وهو ما يمثل سابقة قضائية، كان سببها إهمال السلطة التنفيذية مطالب السلطة القضائية لسنوات عدة، للمطالبة بتحقيق مطالب السلطة القضائية، وكان آخرها مشروع زيادة رواتب القضاة الذي قدمه المجلس الأعلى للقضاء في نهاية يونيو الماضي إلى مجلس الوزراء، لكنه لم يحظَ بالموافقة بسبب إحالته إلى اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء للدراسة، وانتهى الأمر إلى وجود تطمينات حكومية بمناقشة مجلس الوزراء المشروع قريباً، على الرغم من عدم رغبة المصادر بتحديد الموعد من أجل مناقشة مجلس الوزراء للمشروع.اهتمامولا يمكن وصف الحال التي يعيشها القضاء الكويتي سوى «بالمحبطة والمخيفة»، فالأمر الذي يدعو إلى الإحباط يتمثل في عدم وجود اهتمام حقيقي تحظى به المرافق القضائية، بسبب بيروقرطية العمل الحكومي ونظرة المسؤولين في الدولة على أن القضاء يعد إحدى إدارات وزارة العدل، بينما الوضع يبدو مخيفا على حال القضاء الكويتي بسبب الإهمال في تلبية احتياجات الجهاز القضائي ومطالبه التي كانت تُطلق منذ 10 أعوام على الأقل، فلا أعضاء الجهاز لديهم مكاتب ولا المرافق الموجودة باتت مؤهلة لكي يطلق عليها اسم المحاكم، ولا امتيازات تُمنح للقضاة وأعضاء النيابة تتلاءم مدع طبيعة العمل التي يقومون بها، وفي المقابل هناك من الوظائف التي لا يقوم أعضاؤها بنصف الجهد الذي يبذله أعضاء السلطة القضائية، ويتم منحهم من الامتيازات بسبب طبيعة عملهم.اهماللا يمكن مجازاة القضاء بمزيد من الإهمال، فالأمر يتطلب وضع الجهاز تحت مجهر الثواب والعقاب، بمنحه ما يريد ومحاسبته كما يجب، لا ترك الحبل على الغارب بهذه الصورة، فوضع الجهاز القضائي بدءا بالقبول ومرورا بالترقية والتفتيش وتهيئة مناخ العمل وتلبية الاحتياجات، بحاجة إلى تبديل في كل قطعه وأجزائه، وهذا التبديل لن يتم تحقيقه إلا بإطلاق يدي القضاء من إشراف وزارة العدل إداريا وماليا، وتطوير جهاز التفتيش القضائي الحالي، ودراسة الحال القضائي الحالي وإيجاد قضاء متطور لا تعيقه المادة ولا القرار الإداري، يحلق في سماء الإبداع والتألق ويتباهى بين الأجهزة القضائية الاخرى من المزايا الممنوحة له، والتي تجعله يعمل بلا ملل همّه العمل والعمل، لذلك متى سيرتاح القاضي الكويتي؟حلميقول عدد من القضاة في حديث لـ«الجريدة»، إن مشكلة القضاء تتمثل في عدم تجاوب السلطة التنفيذية مع المشاريع القضائية، فمثلا هناك حلم يراود عددا من مستشاري محكمة الاستئناف، وهو نادي القضاة، وهذا المشروع كان يقال لهم إنه في طور الإنجاز وهم يعملون كوكلاء في النيابة العامة وهي فترة تجاوز الـ15 عاما، وأشاروا إلى أن القضاء الكويتي تعوّد منذ نشأته ألا يطلب وتُلبى له احتياجاته، لكن في السنوات الماضية أثبت الواقع أن الحكومة تلبي طلبات المنادين والمهددين بالاعتصام والإضراب وهو أمر لا يمكن للقضاء التفكير به، كما لا يمكن السكوت على الحقوق التي يتعين أن توفرها الدولة لرجال القضاء.التعليمويضيف القضاة «هناك من القضايا التي يتعين إنجازها سواء بصدور قانون أو حتى إنجازها من قبل مجلس الوزراء كقرارات، وهي امور تخص أمر السكن لرجال القضاء والتعليم لابنائهم والتفرغ الدراسي والعلاج بالخارج ومنح العلاوات اللازمة التي تناسب الأعمال الموكولة إليهم، وعدم التأخر في صرف المكافآت الخاصة بهم، لافتين إلى أن مكافآت رجال القضاء بسبب إشرافهم للانتخابات التكميلية للمجلس البلدي لم يتم صرفها حتى الآن، كما لم يقرر مجلس الوزراء الأمور المالية الخاصة بالمستشارين رؤساء لجان صندوق المعسرين.طبيعةويبين القضاة أن المرافق الموجودة لا تتناسب مع طبيعة العمل القضائي، مبينين أن مجمع المحاكم في الرقعي لا يصلح لأن يكون مرفقا قضائيا، ووزارة العدل قامت أخيراً بتجديد العقد مضطرة بقيمة إضافية، وكان بمقدورها بناء محاكم من دون اتباع سياسة التأجير، وأن آخر المباني التي تم إنجازها هو مبنى محكمة الأحمدي، وأن على السلطة التنفيذية الإسراع في تنفيذ المشاريع القضائية، لأن المرافق الحالية غير كافية ولا تلبي احتياجات القضاء.إلحاحويشير القضاة إلى أن المجلس الاعلى للقضاء يقوم بمخاطبة وزارة العدل في أكثر من مشروع قضائي، وبعد إلحاح تتم الموافقة عليه، على الرغم من أن إشراف السلطة التنفيذية على الأمور المالية والإدارية كان بهدف عدم إشغال الجهاز القضائي، لكن ما يحدث ليس تنظيما إنما تعطيل للمشاريع والأمنيات والاقتراحات القضائية.ويقول القضاة إن وجود أمانة عامة للقضاء حسبما يقرها مشروع القانون الذي يتطلب على الحكومة والمجلس دعمه، ستحدث سرعة في اتخاذ القرارات المهمة للجهاز القضائي من تطويره، وتلبية احتياجاته وتوفير المرافق القضائية المناسبة سواء بالبناء أو التأجير إلى حين الانتهاء من البناء بدلا من الاعتماد على سلسلة الإجراءات الطويلة، والتي لا تنتهي بالإنجاز إلا بعد سنوات طويلة وهو أمر لا يمكن قبوله.أبرز ملامح دعوى 40 قاضياً ضد رئيس الوزراءحصلت «الجريدة» على ابرز ملامح صحيفة الدعوى القضائية التي ينوي اكثر من 40 قاضيا رفعها هذا الاسبوع، ضد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، وتتضمن الصحيفة عدة اسباب للحصول على بدل التفرغ والعلاوة لرجال القضاء، منها ان عدم اعتماد الحكومة لقرار مجلس القضاء الثاني بزيادة الرواتب يعد اختراقا للدستور، وهذا القرار الذي رفعه مجلس القضاء كان يتضمن منح رجال القضاء واعضاء النيابة بدل التفرغ والعلاوة.ورأت الصحيفة القضائية ان عدم التصديق على قرارات مجلس القضاء يخل بمبدأ استقلالية السلطات، الذي نصت عليه المادة 50 من الدستور، وضرورة التعاون في ما بينها، كما ادى التصرف الذي اقدم عليه مجلس الوزراء بالامتناع عن الموافقة لقرار مجلس القضاء الى الاخلال بمبدأ المساواة، الذي نص عليه الدستور بضرورة توافر مبدأ المساواة بين المراكز القانونية المتماثلة.وبينت الصحيفة ان رجال القضاء من درجة وكيل المحكمة يحصلون على بدل التفرغ والعلاوة، بينما لا يحصل باقي القضاة من اقل الدرجات على ذات البدلات على الرغم من حضور وكلاء المحكمة ثلاث جلسات في الاسبوع والفصل في القضايا كباقي القضاة، مضيفين ان هناك حكما شهيرا اصدرته «الدستورية» بشأن المراكز القانونية بين خريجي الشريعة ممن يعملون في الادارات القانونية وانصفتهم الدستورية استنادا الى مخالفة الديوان لمبدأ المساواة.واكدت صحيفة القضاة ان للسلطة القضائية استقلالا كاملا بموجب الدستور ويتعين عدم تدخل السلطة التنفيذية فيها، مبينة ان رئيس مجلس الامة، ممثلا بالسلطة التشريعية، صلاحيات كبيرة بالاشراف المالي والاداري وحتى بالتمثيل القضائي وانه يجب للقضاء الكويتي ان ينال هذه الاستقلالية التي حرص الدستور على تسميتها لكل سلطة ومن دون تدخل من السلطة الاخرى بل تعاون.
محليات
الجريدة تنكأ جراح القضاء الكويتي (2) قُضاة لـ الجريدة : الحكومة لا تلبي سوى طلبات المهدّدين بالاعتصام والإضراب وتعودت السكوت من القضاء! الجهاز القضائي بحاجة إلى تبديل كل أجزائه وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب
12-01-2009