تلا وزير التجارة أحمد باقر بيان الحكومة عن الغلاء. وفي ما يلي نص البيان:يسعدني بداية تأكيد حرص الحكومة على تكثيف جهودها للتعاون والتنسيق مع مجلسكم الموقر، من منطلق القناعة التامة بأهمية التعاون المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لخدمة الصالح العام للوطن والمواطنين، خصوصا مع ما نلمسه من حرص الأخوة النواب الاعزاء وتصميمهم على المعالجة الفعالة للقضايا المطروحة والمثارة، والتي منها التصدي لظاهرة ارتفاع الاسعار في دولة الكويت ومعالجتها لتفادي تأثيراتها السلبية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، مع العلم ان موضوع ارتفاع الاسعار قد سبق ان تمت مناقشته مع مجلسكم الموقر في جلستين خاصتين، وتم خلال ذلك تكليف اللجنة المالية والاقتصادية بمجلسكم الموقر باعداد تقرير بذلك، وقد يكون من الملائم ان تتم مناقشة هذا الموضوع مرة أخرى بعد تقديم التقرير المذكور إلى مجلسكم حتى تتم مناقشته معكم بشكل تفصيلي ومحدد. ضمن الحدود الآمنةتدرك الحكومة الإفرازات السلبية المؤثرة لظاهرة ارتفاع معدلات التضخم في دولة الكويت التي أخذت اتجاها متزايدا في الآونة الأخيرة، وان كانت مستوياتها لا تزال ضمن الحدود الآمنة اخذا في الاعتبار موجة التضخم العنيفة التي تشهدها مختلف دول العالم، ومع ذلك فإن استمرار معدلات التضخم المحلي عند مستوياتها المرتفعة نسبيا يستدعي اليقظة واتخاذ ما يلزم من سياسات واجراءات للجم تلك المعدلات وجعلها تحت نطاق السيطرة، وذلك من خلال التصدي لمصادر القوى التضخمية الكامنة في الاقتصاد المحلي.ويشير التحليل الموضوعي إلى أن ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد الكويتي في الآونة الاخيرة يعزى في جانب منه إلى بعض المعطيات الخارجية التي تقع خارج نطاق قدرتنا على التحكم فيها، ومن أبرزها الارتفاع الملحوظ في مستويات اسعار معظم السلع الداخلة في التجارة الدولية وخصوصا اسعار السلع الاساسية بخلاف سلع الطاقة «مثل المواد الغذائية والمواد الخام الزراعية والمعادن»، حيث أصبح ذلك الارتفاع ظاهرة عالمية تأثرت بها معظم اقتصادات العالم بأشكال ودرجات مختلفة، هذا بالاضافة إلى التصاعد القياسي في التكاليف التي يتحملها المستوردون الكويتيون نظير النقل والتأمين على البضائع المستوردة من بلدان المنشأ حتى وصولها إلى الموانئ الكويتية، علاوة على الانعكاسات المؤثرة للارتفاع المستمر في اسعار النفط العالمية على تكاليف الانتاج ومستويات الاسعار في تلك البلدان.الضغوط التضخميةمن جهة أخرى، يستدل من ارتفاع معدلات التضخم في المستوى العام لاسعار المستهلك بدرجة أكبر مقارنة بمعدلات التضخم في المستوى العام لاسعار الجملة للسلع المستوردة خلال العامين الاخيرين (2006 و2007) إلى تزايد الضغوط التضخمية الناجمة عن التطورات المحلية التي تستلزم ضرورة تبني كل السياسات الاقتصادية العامة للحد من انعكاساتها التضخمية، لا سيما المرتبطة منها بتنامي معدلات الطلب المحلي والناجم بدرجة اساسية عن تسارع وتيرة النمو في اجمالي مصروفات الموازنة العامة وخصوصا مصروفاتها الجارية، والنمو السكاني السريع، وقد عزز من قوة الطلب المحلي في الاونة الاخيرة ايضا الزيادة في المستوى العام لثروة الافراد الناجمة عن ارتفاع الاصول المالية والعقارية من جهة والتسارع في معدلات نمو الائتمان المصرفي من جهة اخرى، هذا بالاضافة إلى الدور المؤثر للارتفاع القياسي المطرد الذي تشهده اسعار العقار خلال الفترة الراهنة في اثارة الضغوط التضخمية في المستوى العام لاسعار المستهلك بالبلاد، أخذا في الاعتبار ضخامة حجم الوزن النسبي لمجموعة خدمات السكن الذي يبلغ نحو 26.7% في تكوين الرقم القياسي العام لاسعار المستهلك بدولة الكويت.بالأمس القريب التقى رؤساء نحو خمسين دولة وحكومة في العالم في روما في اجتماعات استمرت ثلاثة ايام في محاولة لايجاد حلول للازمة الغذائية العالمية وارتفاع الاسعار، بينما حذرت منظمة الفاو ان اسعار المواد الغذائية ستبقى مرتفعة جدا خلال العقد المقبل، حيث من المقرر ان يبحث ممثلو هذه الدول حشد 1.7 مليار يورو بشكل عاجل لرفع انتاجية مزارعي البلدان النامية والفقيرة من المواد الغذائية لتوفير الحد الأدنى من الامن الغذائي، كما صرح مدير البنك الدولي بأن ارتفاع اسعار الغذاء يدفع 30 مليون افريقي نحو الفقر، وان 800 مليون نسمة حول العالم يعانون سوء التغذية، وان هذه الملايين من البشر ستتزايد مع ارتفاع اسعار السلع الغذائية.أسباب خارجيةقبل أن نتحدث عن جهود التصدي لظاهرة ارتفاع الاسعار، لعلنا نتفق على ان الجميع يدرك ان ظاهرة ازمة الغذاء وارتفاع اسعار السلع والمنتجات الغذائية تسود العالم، حيث تشير التوقعات الاقتصادية إلى ان الزيادة في اسعار المواد خاصة الغذائية ليست زيادة مؤقتة لا تلبث ان تزول، بل انها زيادة يتوقع لها ان تستمر ولذلك علينا التعايش معها لفترة معينة من الزمن، وترجع ظاهرة الارتفاع في الاسعار إلى مجموعتين من الاسباب الخارجية والداخلية، وتتمثل الاسباب الخارجية في الارتفاع الحاد في الاسعار العالمية للمواد الغذائية والسلع النهائية والوسيطة والمواد الخام، وقيام بعض الدول الصناعية بإلغاء الدعم الزراعي الذي كانت تقدمه لتشجيع المزارعين على انتاج القمح والذرة والشعير ومنتجات الألبان وانخفاض المحاصيل لبعض الدول المنتجة الرئيسية للسلع الزراعية مثل استراليا نتيجة لظروف مناخية، والارتفاع العالمي لاسعار النفط مما ساهم في ارتفاع تكاليف المواد الاولية واجور الشحن، وهبوط قيمة الدولار مقابل العملات الاوروبية، مما أدى إلى ارتفاع اسعار السلع المستوردة من اوروبا، واستخدام المنتجات الزراعية لانتاج الوقود الحيوي، وتزايد طلب بعض الدول الكبيرة العدد مثل الصين والهند على السلع الزراعية نتيجة لتحسن مستوى المعيشة، ومحصلة ذلك أدى إلى ارتفاع في اسعار المواد الاستهلاكية من المنشأ.أسباب داخليةكما نؤكد ان ثمة اسبابا داخلية تسهم في ارتفاع الاسعار وتزايد معدل التضخم، منها ارتفاع اسعار الاراضي والعقارات وارتفاع ايجارات المحلات التجارية والتخزين والتوسع في التسهيلات الائتمانية وزيادة السيولة كأحد اسباب التضخم والممارسات التجارية الضارة لبعض الشركات والمؤسسات باستغلال هذه الظروف لرفع الاسعار او بغش المستهلك او بحجب السلع في بعض الاحيان، اضافة إلى السلوك الغذائي الاسرافي للمستهلك لبعض السلع مثل الخبز والسلع المدعومة نتيجة انخفاض اسعارها وتوافرها، ولا يمكن اغفال الزيادة المطردة في عدد السكان والتي أدت إلى ارتفاع الطلب الكلي على السلع والخدمات، كما أن خروج الحركة التعاونية ممثلة في بعض الجمعيات التعاونية الاستهلاكية واتحاد الجمعيات عن المبادئ التعاونية كان له اثر واضح في تفاقم هذه الظاهرة.البطاقة التموينيةلقد بذلت الحكومة جهودا حثيثة في سبيل المساهمة في الحد من ظاهرة ارتفاع الاسعار، وبما يخفف من آثار هذه الظاهرة على المواطنين، فقد اصدر مجلس الوزراء بتاريخ 24/12/2007 قراره رقم 1262 المتعلق بظاهرة ارتفاع الاسعار في دولة الكويت، والذي تضمن زيادة الكمية المقررة للمواطنين والمستفيدين من البطاقة التموينية من الارز والزيوت النباتية وحليب البودرة بنسبة 25%، وقد تم البدء بصرفها منذ 1/3/2008، كما تم الغاء تحديد سقف اعلى لنسبة الدعم المخصصة لحليب الاطفال ومغذيات الاطفال، وقد رصدت القرارات الوزارية المتعلقة بذلك من وزارة التجارة والصناعة، هذا بالاضافة الى زيادة كمية المواد الانشائية المقدمة الى المستفيدين من القروض العقارية من بنك التسليف والادخار بغرض البناء من مادة الحديد والاسمنت والطابوق الجيري، حيث ظل ما يتحمله المواطن من تكلفة ثابتا مقابل استمرار الحكومة في دعم هذه المواد بالرغم من ارتفاع اسعارها، وذلك تخفيفا على المستفيدين من اصحاب القروض العقارية.لقد استمر حرص الحكومة على توفير مخزون استراتيجي من المنتجات الغذائية لدولة الكويت، حيث اصدر مجلس الوزراء الموقر بتاريخ 12/5/2008 قراره بالموافقة على طلب شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية على استئجار مساحة تخزينية اضافية تبلغ 10.000م2 لبناء مخزون استراتيجي من المنتجات الغذائية والتموينية، خاصة فيما تشهده دول العالم من عجز وارتفاع في اسعار المواد الغذائية وعلى ان تتحمل وزارة المالية كل الاجور والمصاريف المترتبة على ذلك، على الرغم من ان المخزون الاستراتيجي يكفي لمدة تزيد على ثمانية اشهر وبمعدلات تفوق المعايير الدولية.منع التصديركما لم تتردد وزارة التجارة والصناعة في اتخاذ الاجراءات المطلوبة للحفاظ على استقرار الاسعار بما في ذلك منع تصدير بعض المواد الغذائية والانشائية، اضافة الى الدور الذي يقوم به الجهاز الرقابي لوزارة التجارة والصناعة في كل محافظات دولة الكويت لتنفيذ هذه المهام وفقا للقانون رقم (10) لسنة 1979 بشأن الاشراف على الاتجار بالسلع وتحديد اسعار بعضها، وجار العمل على استكمال اللائحة التنفيذية للقانون رقم (10) لسنة 2007م بشأن حماية المنافسة بما يؤدي الى اتاحة المجال للاستيراد والمنافسة الحرة لجميع المواد والسلع ومنع الاحتكار والاستغلال.ومن منطلق ان الجمعيات التعاونية الاستهلاكية تعد من اكبر منافذ البيع بالسوق الكويتي صدر قرار مجلس الوزراء بشأن الغاء نسبة خصم 30% التي تخصم من ايرادات الافرع المؤجرة، وما تدفعه الجمعيات للمحافظات (7%) على ان توجه هذه المبالغ الى دعم اسعار السلع في التعاونيات، ووضع آلية بالتعاون مع الجمعيات لدعم بعض السلع الاساسية، بالاضافة الى قيام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بمتابعة ومراقبة اعمال اللجنة المشكلة بين اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية والاتحاد الكويتي لتجار ومصنعي المواد الغذائية لوضع الضوابط المناسبة للحد من ظاهرة ارتفاع الاسعار ومتابعة قيام الجمعيات التعاونية الاستهلاكية بالشراء الجماعي للسلع والمنتجات، بالاضافة الى قيام الاتحاد بمباشرة الاجراءات المطلوبة لاستيراد بعض السلع المهمة من المنشأ.
برلمانيات
بيان الحكومة عن الغلاء: خروج الجمعيات واتحادها عن المبادئ التعاونية ضاعف المشكلة
12-06-2008