على رغم فوائد الصيام الكثيرة وقدرته على معالجة كثير من الأمراض، إلا أن ثمة بعض الأمراض يصعب الصيام معه. مرض السرطان من الأمراض الخطيرة التي اهتمت به دراسات عدة للوصول إلى السبب الحقيقي لحدوثه، وتطوير العلاجات الخاصة به لمنعه والقضاء عليه. يحتاج مريض السرطان إلى أخذ علاج كيماوي أو إشعاعي أو إجراء عملية جراحية لاستئصال الورم، لذا قد يكون من الصعب عليه أن يصوم، لكن يذكر الأطباء أن مريض السرطان يمكنه الصيام ويصفون نظاماً غذائياً معيناً يتبعه كي يحافظ على صحته أثناء الصيام. حول إمكان صيام مريض السرطان يقول د. أيمن عبدالوهاب (أستاذ جراحة الأورام في معهد الأورام القومي بالقاهرة): الصيام مفيد لعلاج كثير من الأمراض، ويمكن لمريض السرطان أن يصوم، لكن القدرة عليه تكون وفقاً لنوع المرض والمرحلة التي يمر بها وإذا كان المريض مصاباً بأمراض أخرى تعوق صيامه أم لا، فمريض السرطان الذي شفي من المرض يستطيع أن يصوم، أما المريض في مرحلة العلاج أو الذي أُجريت له عملية جراحية لا يمكنه الصيام، لأن الصيام سيكون فيه مشقة عليه، والجسم بحاجة الى بناء أنسجته من جديد بعد الجراحة وهذا الأمر يحتاج إلى تغذية جيدة. يكمل د.عبدالوهاب: لا يتأثر مريض سرطان الرقبة والرأس بالصيام، ومريض سرطان الأمعاء والمعدة يكون الصيام مفيداً له، أما مريض سرطان الدم فعادة لا يكون الصيام مفيداً له، إذا كان المريض يعالج بالكيماوي فلا بد من ألا يصوم في يوم العلاج أو قبله لأن جسمه يكون في حاجه الى الغذاء، لكن يمكنه الصيام بقية الأيام إذا كان قادراً على ذلك، وإذا كان المريض مستئصلاً لجزء من الأمعاء أو المعدة أو القالون فيجب أن يفطر لأن جسمه يكون ضعيفاً وفي حاجة الى تكوين أنسجته من جديد، كذلك توجد أمراض تسبب سوء تغذية مثل سرطان البلعوم والمريء وهنا أيضاً يجب على المريض ألا يصوم لأن جسمه ضعيف ويحتاج إلى تغذية. كذلك يجب أن تراعى الحالة النفسية للمريض، فإذا كان عدم الصيام سوف يسبب متاعب نفسية للمريض فيمكنه الصيام لكن يجب ألا يكون فيه ضرر له، لأن الحالة النفسية الجيدة للمريض تساهم في زيادة مناعته ومقاومته للمرض.يضيف د.عبدالوهاب: لا يتعارض تناول العقاقير مع الصيام، ويمكن للمريض تنظيم مواعيدها بين الإفطار والسحور، مثل أدوية الهرمونات والأدوية التي تزيد مناعة الجسم، وتوجد أدوية حديثة تهاجم الورم نفسه وتقضي عليه.عن النظام الغذائي الذي يجب أن يتبعه مريض السرطان في رمضان يقول: ننصح مريض السرطان بالابتعاد عن التدخين، التقليل من الدهون، المخللات، المعلبات والأطعمة المحتوية على مواد حافظة، وينصح بالإكثار من الخضراوات والفاكهة الطازجة، وتناول الطعام بكميات قليلة، لكن المريض مستئصل سرطان الأمعاء أو المعدة فالطبيب المعالج له يعطيه نظاماً غذائياً معيناً ويبدأ تناول طعامه بأكلات معينة وكميات صغيرة مع تجنب شرب السوائل أثناء الطعام، وتقسيم الطعام لوجبات عدة بين الإفطار والسحور.حالات مختلفةفي السياق ذاته، يقول د. جمال عميرة (أستاذ جراحة الأورام في المعهد القومي للأورام): أثناء فترة المرض أو العلاج الكيماوي والإشعاعي أو الجراحة لا يمكن للمريض الصيام، أما الذي شُفي فيمكنه الصيام. لا يستطيع مرضى الجهاز الهضمي أو استئصال سرطان القالون أو سرطان المعدة أو الكلى الصيام لأنهم يحتاجون إلى تغذية جيدة وسوائل كثيرة. أثناء العلاج الكيماوي والإشعاعي، لا بد للمريض من أن يفطر كي لا يتعرض الجهاز الهضمي والتنفسي للجفاف. يمارس المريض الذي شُفي حياته بشكل طبيعي لكن الأمر يختلف من مريض لآخر، فمثلاً المريض الذي شفي من سرطان الرئة أحيانا ًيكون الصيام فيه مشقة له لأن قدرته التنفسية لم تعد مثلما كانت، لذلك لا ينصح دائماً بالصيام كي لا يكون عبئاً عليه بخاصة إذا كان الصيام في جو مرتفع الحرارة. عن تنظيم تناول الأدوية أثناء الصيام يقول د.عميرة: أثناء فترة العلاج الكيماوي، يجب أن يفطر المريض كي لا تتأثر الكلى والكبد ولأنه يتناول أدوية ومحاليل، فمثلاً لو كان المرض في الرئة فيسبب جفافاً للفم والبلعوم ويجب أن يأخذ المريض محاليل لصعوبة تناول الطعام، أما بعد انتهاء العلاج فيوجد علاج هرموني أو أقراص ليس لها أي أعراض جانبية تؤخذ مرتين يوميًا ويمكن تنظيم تناولها بين الإفطار والسحور.يشير د.عميرة إلى النظام الغذائي الذي يجب على المريض اتباعه قائلاً: يُنصح بالإكثار من تناول الخضراوات والفاكهة الطازجة، والأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن، والبروتينات سهلة الهضم، ومنها البروتينات النباتية مثل الفول والعدس، والابتعاد عن الدهون بخاصة الدهون المشبعة، لأن لها تأثيراً على أمراض القالون والثدي والرحم والبروستاتا، تناول اللحوم غير الحمراء مثل الأسماك والطيور الصغيرة وصدور الدجاج، والإكثار من شرب المياه والعصائر بعد الإفطار. أنصح بتناول الشوربة بدايةً لأنها تزيد إفراز عصارة المعدة والبنكرياس، ويمكن شرب عصير طازج، بعدها بحوالي ساعة يتناول الصائم طعامه على مراحل، وينصح بالإكثار من السوائل بخاصة مع ارتفاع درجة الحرارة، ولا يجب الإكثار من السكريات كي لا يزداد إفراز الأنسولين الذي يزيد الشعور بالجوع. وجبة السحور ضرورية جداً كي يستطيع المريض مواصلة صيامه، لأن الصيام يمتد إلى 14 ساعة تقريباً، ويجب أن تكون وجبة متوازنة تحتوي على بروتين مثل الفول واللبن والجبن، وخضراوات، مع الإقلال من الملح لتجنّب الشعور بالعطش.مراحل متنوعةيشير د.عمرو سليم (أستاذ جراحة الأورام) إلى أن إمكان صيام مريض السرطان يعود إلى تقدير طبيبه المعالج وحالة المريض نفسه، يقول: يمر المريض بثلاث مراحل، مرحلة تشخيص المرض وعدم البدء في العلاج وفيها يمكن للمريض الصيام لكن وفقاً لصحته العامة، مرحلة العلاج وفيها لا يستطيع المريض الصيام لأنه سيكون شاقاً عليه، ولأن أثناء فترة العلاج يحتاج المريض الى تغذية جيدة كي يمكنه مقاومة المرض والشفاء منه، المرحلة الأخيرة هي مرحلة ما بعد العلاج وهنا يكون المريض قد تماثل للشفاء وعاد بشكل كبير إلى ممارسة حياته الطبيعية، ويمكن له أن يصوم، لكن الصيام هنا أيضاً يكون وفقاً لحالة المريض، وما إذا كان سيتحمل الصيام مع ارتفاع درجة الحرارة والابتعاد عن السوائل. يضيف د.سليم: لا توجد قاعدة ثابتة تحدد من يستطيع الصيام ومن لا يستطيع، فالمرض أنواع ومضاعفاته متعددة وتختلف من حالة لأخرى، واختلاف مكان وجود المرض، بخاصةً عند مرضى سرطان الجهاز الهضمي أو الجهاز البولي فهم أكثر الذين قد يؤثر الصيام فيهم.في مرحلة ما بعد العلاج، قد يحتاج المريض إلى تناول بعض الأدوية للقضاء نهائياً على المرض، وتنظيم تناول الدواء في رمضان متوقف على عدد الجرعات التي يحددها الطبيب للمريض، ففي بعض الحالات يأخذ المريض جرعتين يمكن أن يتناولهما في ما بين الإفطار والسحور، وتوجد حالات أخرى يضطر المريض فيها إلى أخذ جرعات أكثر، وهنا الطبيب هو الذي ينظم تناول الدواء مع الصيام.
توابل - صحتنا
اختصاصيّون يؤكّدون: صيام مرضى السرطان ممكن!
17-09-2008