«تعديلات الشعبي لا مكان لها في قانون الاستقرار الاقتصادي لا من قريب ولا من بعيد»... هكذا أعلنت الحكومة أمس على لسان وزير ماليتها مصطفى الشمالي، الذي أكد لـ«الجريدة» أن الحكومة «متمسكة بمشروعها ولن تنظر الى أي تعديلات غير التي تم الاتفاق عليها مع اللجنة المالية البرلمانية وليس من ضمنها اقتراحات كتلة العمل الشعبي»، التي اعتبرها «مرفوضة تماماً». في حين جددت «الشعبي» تهديدها باستجواب رئيس الوزراء إذا مُرر القانون بصيغته الحالية.

Ad

وقال الشمالي إن التعديلات التي اقترحتها كتلة العمل الشعبي «لا تهدف الى إصلاح القانون أو دعمه من أجل حل المشكلات الاقتصادية العالقة، إنما على العكس تماماً تهدف الى تفريغ القانون من مواده ومحتواه ولا تخدم الوضع الاقتصادي القائم، كما أنها ستكون دخيلة على استراتيجية القانون التي نفذها فريق عمل الاستقرار الاقتصادي وسهر العاملون عليها ليلاً ونهاراً لإنقاذ الوضع المالي للدولة».

واستغرب وزير المالية أن تكون هناك تعديلات على المشروع بهذا الحجم الذي طرحته الشعبي، مشيراً الى أن هذه التعديلات «قد تؤدي الى نسف القانون إذا تم الأخذ بها».

وشدد الشمالي على ضرورة أن يقر القانون بأسرع وقت ممكن والعمل على تنفيذ آلية إنقاذ اقتصاد البلد ومعالجة ضعف السيولة التي تعاني منه الشركات الوطنية، مؤكداً أن الوضع المالي والاقتصادي في البلاد بحاجة ماسة لإقرار القانون وعدم التأخير أكثر من ذلك.

من جهته، أكد وزير التجارة وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة أحمد باقر أن الحكومة «لم تتلق أي دعوة من رئيس اللجنة المالية لحضور اجتماعها»، موضحاً أنه علم من رئيس اللجنة لاحقاً عن عقد الاجتماع من دون أن تصله دعوة لحضوره.

وعن إعلان بعض النواب مخالفة قانون تعزيز الاستقرار الاقتصادي للدستور، وتقديم تعديلات عليه، قال باقر: «نحن أذهاننا وقلوبنا منفتحة لمناقشة كل الآراء، ولا نرفض مبدئيا أي رأي، ومستعدون لدراسة أي عيوب إن وجدت»، مؤكدا «أن الفتوى والتشريع حضرت اجتماعات اللجنة المشتركة من اللجنتين القانونية والاقتصادية الوزاريتين والتي صاغت القانون، ومع ذلك إن تم اكتشاف أي خطأ في القانون فسنعالجه».

نيابياً، شهد مجلس الأمة تطورات متسارعة أمس أدت الى رفع حالة التوتر في العلاقة بين السلطتين في ظل تنامي المعارضة النيابية لمشروع الإنقاذ الاقتصادي والتسابق على تقديم مقترحات معالجة مشكلة مديونيات المواطنين، في انعكاس واضح لحالة الارتباك في الساحة السياسية.

ولم تنفع المرونة التي أبدتها الحكومة لدراسة أي عيوب في قانون الاستقرار ومعالجة أي خطأ في صياغته من تخفيف حدة انتقاد كتلة العمل الشعبي والتهديد صراحة باستجواب رئيس مجلس الوزراء إذا مرر ما أسموه «قانون الحيتان»، وخرج تقرير اللجنة المالية عن القانون بصيغته الحالية، إذ أكد النائب أحمد السعدون أن الاستجواب لن يكون لوزير المالية، وإنما سيذهب الى رئيس الوزراء».

وقال السعدون إن «محاولة طرح القانون في جلسة 3 مارس المقبل تؤكد ما يشاع بأن هناك نية لحل المجلس، بغض النظر عن شكل الحل، سواء كان انقلاباً على الدستور أو حلاً دستورياً، بشرط أن يكون تقرير اللجنة جاهزاً، حتى إذا تم تمريره قالوا إنه كان لدينا قانون جرى إقراره من اللجنة المالية البرلمانية، ولم تُتح للمجلس فرصة مناقشته». أمّا النائب مسلم البراك، فأكد أن الحكومة الآن «أصبح لديها الاستعداد الكامل لمخالفة الدستور من أجل إنقاذ الحيتان، وإذا كنا نريد أن نغوص كغواصين مهرة، فلن يكون ذلك إلّا من خلال المقترحات التي قدمناها للوصول الى هذه الحيتان».

الى ذلك، نفى رئيس اللجنة المالية البرلمانية عبدالواحد العوضي توجيه دعوة للحكومة لحضور اجتماع الأمس «لاكتفاء اللجنة بحضور الحكومة خلال الثلاث جلسات الأولى»، معلناً أن اللجنة وجهت دعوة للحكومة وأعضاء الشعبي لحضور اجتماعها الأحد المقبل.

وعن التعديلات التي من المفترض أن يقدمها النائبان مرزوق الغانم وعلي الراشد على قانون «الانقاذ»، قالت المصادر ذاتها أن النائبين لن يقدما أي تعديلات مكتوبة، لافتة الى أنهما اكتفيا بمناقشة قانون الاستقرار داخل اللجنة والتعديلات النيابية التي قدمت عليه، بالإضافة الى ما قدموه من ملاحظات حول القانون.

واستبعدت المصادر انتهاء اللجنة من دراسة كافة التعديلات النيابية التي قدمت على مشروع الإنقاذ، مرجحة أن تقوم اللجنة برفع التقرير الى المجلس قبل جلسة 3 مارس والطلب منه تأجيل مناقشته وإعادته الى اللجنة لمزيد من الدراسة.

وفي ما يشبه التسابق النيابي على تقديم مقترحات لمعالجة مشكلة مديونيات المواطنين، أعلن النائب مرزوق الغانم أنه ومجموعة من النواب سيقدمون الأحد المقبل اقتراحاً بقانون «لدعم المواطن في مواجهة الأزمة الاقتصادية، بكلفة مالية أقل ويحقق أعلى معدلات العدالة الاجتماعية». فيما وعد النائب خلف دميثير بأن «بشرى سارة ستزف للمواطنين بعد عطلة الأعياد الوطنية تتعلق بحل مشكلة مديونيات المواطنين المقترضين وغير المقترضين من خلال اقتراح بقانون يراعي العدالة والمساواة بين الجميع».

وفي حين أكد النائب محمد الصقر تأييده ومساندته لأي أفكار أو مقترحات ترفع الأعباء عن الأسر الكويتية وتساهم في رفاهيتها ودعمها معيشياً وتوفر الحياة الكريمة لأبنائها، شدد على أنه «لا يجوز الربط بين هذا الموضوع الاجتماعي والمشروع بقانون بشأن تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي للدولة»، مشيراً الى أن مثل هذا الربط «يبدو كأنه صفقة سياسية بين فريقين من أصحاب المصالح وليس توجهاً يعبر عن إجماع وطني حيال التنمية الاقتصادية للبلد». في غضون ذلك، ارتفع أمس عدد النواب المعارضين لقانون الحكومة بشأن الاستقرار الاقتصادي، وانضم النواب صالح الملا ومحمد العبيد والحركة الدستورية (حدس) الى صف الرافضين للقانون بصيغته الحالية. وتقدمت «حدس» بـ 12 تعديل على القانون من أبرزها الابتعاد الكامل عن مخالفة الشريعة ومعارضة إلزام البنوك والشركات بدفع عمولة إصدار الضمان بنسبة 1 في المئة سنويا من رصيد قيمة الضمان في نهاية كل سنة. والنأي عن دعم أي جهة أو مؤسسة اتسمت بسوء الإدارة وضعف الأداء ومعاقبة من تثبت إساءته وتواطؤه.