يُعتبر أحمد باقر من أوائل المطربين الذين قصدوا القاهرة لتعلّم الموسيقى، وعندما عاد إلى وطنه تولّى أبرز المراكز الغنائية، منها: إدارة الموسيقى في إذاعة دولة الكويت، وإدارة المعهد العالي للفنون الموسيقية. أثرت أعماله العاطفية والوطنية الحركة الغنائية الكويتية الحديثة وطورتها.

Ad

ولد الفنان القدير أحمد محمد يوسف باقر في مدينة الكويت، منطقة الشرق، عام 1929. التحق بمدرسة المباركية في بداية حياته التعليمية، ثم توقّف عن الدراسة عندما وصل إلى المرحلة الثانوية، بسبب حبه للفن وانشغاله الدائم به. بعد ذلك، بدأ البحث عن وظيفة، فكانت بداية حياته المهنية من خلال شركة النفط حيث التحق بوظيفة «تل كلارك». كان راتبه آنذاك 150 روبية. عندما تسلّم أول راتب، بادر إلى شراء آلة عود، وذلك لإشباع رغبته الفنية. ترك العمل في شركة النفط والتحق بشركة أميركية تعمل في منطقة «المشعاب» براتب أكبر، وكان يتولى مهمة فرز البريد، وتعمل بأمرته مجموعة من الموظفين يوزعون البريد، لكنه ما لبث أن ترك الوظيفة وعاد للعمل مجدداً في شركة النفط.

معهد الدراسات الموسيقيّة

أعلن باقر، عام 1973، عن افتتاح معهد الدراسات الموسيقية في الكويت. تخرجت أول دفعة منه عام 1976. في العام ذاته أُنشئ المعهد العالي للفنون الموسيقية، فعيَِّن عميداً فيه، وهو أول كويتي يتقلّد ذلك المنصب. استمر فيه حتى عام 1983، حيث استقال، وتقاعد بعد خدمة 30 سنة في مرافق الدولة المختلفة. تفرّغ للفن ولتقديم خدمات أخرى.

قصّة أول لحن

كان باقر دائم التردّد على «مركز الفنون الشعبية» حيث يلتقي الفنان حمد الرجيب والشاعر أحمد العدواني والفنانة الشعبية عودة المهنا وعددًا من الفنانين والأدباء. في إحدى المرات، عثر على كلمات أغنية بعنوان «لي خليل حسين»، قرأها وأُعجب بها بشدّة، وطلب من الرجيب أن يسمح له بتلحين تلك الكلمات الرائعة، فشجعه وتمنى له التوفيق. بعد أن انتهى من تلحينها كان موضع ثقة وإعجاب الجميع. الأغنية من كلمات الشاعر أحمد العدواني وغناء شادي الخليج، لُحنت عام 1960. تقول كلماتها:

لي خليل حسين

يعجب الناظرين

جيت أنا أبغي وصاله

كود قلبه يلين

القمر طلعته

والغزال لفتته

والسحر فتنته

بالنحر والجبين

عندما سمع الجمهور في الكويت صوت هذا المطرب الشاب (شادي الخليج) وذلك اللحن الجديد المتطوّر، تنبأ للأغنية المحلية بكل خير، وذلك فعلا ما حصل.

لا يا قلبي

بعد نجاح أول تعاون بين الخليج وباقر في أغنية «لي خليل حسين»، جاءت أغنيتا «كفى الملام» و{لا يا قلبي»، والأخيرة من كلمات الدكتور عبدالله العتيبي، سجِّلت في القاهرة عام 1964 حيث كان الثلاثي يتلقى علومه. تقول مقدمة الأغنية:

لا يا قلبي أنا تكفيني ابتسامة من حبيبي

والا نظرة والا كلمة حلوة تطفي لي لهيبي

لا يا قلبي...

لا يا قلبي خايف أكشف حبي له وأشرح غرامي

لا يا قلبي يبعد عني ويزعل من كلامي

من الأعمال الغنائية الجميلة التي قدمها هذا الثلاثي أيضًا، باقر والعدواني والخليج، أغنية «هولو بين المنازل»، وهي من أغنيات البحر المتطورة والمتميزة التي قدِّمت في بداية تحرّك جميع الفنانين لتقديم الأغنية الكويتية الحديثة المعتمدة على الفرقة الموسيقية المكوّنة من مجموعة آلات موسيقية حديثة... يقول مطلعها:

هولو بين المنازل

أي والله أسمر سباني

هو لو حلو الشمايل

أي والله زين المعاني أسمر ومضمر

مافي مثاله

شفته يتمخطر

مثل الغزالة سبحان من صور

حسنه ودلاله

أسمر يا أسمر

ياللي سباني.

عبدالكريم عبدالقادر

كان أول لقاء بين باقر والمطرب المحبوب عبدالكريم عبدالقادر في عام 1967، وذلك من خلال أغنية بعنوان «سرى الليل»، تأليف الدكتور عبدالله العتيبي، فكانت أحد أبرز الأعمال الغنائية التي ساهمت في ظهور عبدالقادر وشهرته وتألقه على الساحة الغنائية الكويتية، على الرغم من وجود أصوات غنائية مشهورة ومتميزة عدة في تلك الفترة.

تقول مقدمتها:

سرى الليل يا قمرنا وناديك بسهرنا

وأنا أخاف ياقمرنا خذاك الليل والهوى

لياليك دنيانا وعناويك نجوانا

أمانيك سلوانا لك الشوق ودانا

الأغنية الوطنيّة

كانت ألحان باقر الوطنية متميزة ولا تقل عن ألحانه العاطفية، خصوصاً من حيث مطابقة النغم للمعنى. كان متواصلاً مع كبار المطربين، ويعتبر الفنان شادي الخليج أكثر المطربين تعاوناً معه في هذا المجال، إذ غنى له أنجح أغانياته من بينها: «أنا العربي»، و{طاب النشيد» وهي من كلمات الشاعر الراحل د. عبدالله العتيبي، و{كويت العرب» من كلمات الشاعر المرحوم عبدالله سنان، و{صدى الماضي» من كلمات الشاعر أحمد العدواني. كذلك غنت له المطربة نجاة الصغيرة أغنية «بلدي المحبوب»، والمطربة عليه التونسية أغنية «بلدي الحبيب»، وعاليه حسين أغنية «أنشودة الكفاح»، وسناء الخراز أغنية «بالخير ياللي مشيتوا»، بالإضافة الى أعمال غنائية وطنية أخرى عدة بأصوات كويتية وعربية...

عوض دوخي

جمعت أغنية «يا ساهر الليل» الشهيرة، باقر وصديق عمره الشاعر العتيبي، وغناها مطرب الكويت الكبير الراحل عوض دوخي. اتفق الجميع على أنها من أبرز الأعمال الغنائية البحرية المطوّرة والتي لا تزال تُذاع حتى الآن وتحتفظ بمستواها الفني، تقول كلماتها:

آه يا ساهر الليل مثلي ما تنام

والله ذكرتني بالأحبه يا حمام

يانايمين في الهوى زاد العتاب

ما تدري أن الهوى ليله عذاب

من أقواله

• «أعتبر الصوت من التراث، لأنه يوجد فرق بين الأغنية والتراث الشعبي، فالصوت تراث ويشبه الموشح، والتراث لا يمكن أن نتلاعب به أو نطوّره. الحفاظ عليه واجب وضرورة».

• «يحتاج المسرح الغنائي إلى إمكانات كبيرة جداً، راهنًا لا يمكن تنفيذ مثل هذا العمل. ثمة دول تقلّص من أهميّة المسرح الغنائي، والتكاليف هي العامل الرئيس وراء ذلك».

• «بدأنا في الستينات، كنا متحمسين مندفعين و{نغربل» بعضنا البعض، ومن ثم لا يبقى إلا الصالح. أما بعد أن فتح الباب على مصراعيه وأصبحت النظرة للمادة أكثر من النظرة إلى الفن، تسلل كثيرون من المتطفّلين وتسلقوا فوق أكتاف المخلصين».

• «تراجع مستوى الأغنية الكويتية كثيراً، وفي رأيي أنها أصبحت الآن خليطاً من الألحان، بعد أن كانت متميزة ورائدة في منطقة الخليج».