هل المال العام، والدوائر الانتخابية أكثر أهمية من الحفاظ على شبابنا الذي راح ضحية حوادث المرور والمخدرات، فيما «الأتقياء» و«المفكرون» و«المصلحون» لم يعد لديهم وقت لهؤلاء المساكين الذين أشبعوا المجمعات والشوارع استهتاراً رغما عنهم.

Ad

أول العمود: «البدون يدافعون بفلوس... والكويتيون ما يشتغلون بلاش»!

***

لفت نظري خبران هذا الأسبوع: الأول، إعلان وزارة الداخلية وفاة 450 شخصاً من جراء حوادث مرورية في 2008، أكثر من نصفهم شباب (268)، تبدأ أعمارهم من 11 إلى 40 عاما. الخبر الثاني، دراسة وزارة التربية مشروع استثمار ملاعب المدارس بعد نهاية الدوام المدرسي الذي يشمل 42 ملعباً، ويجري استطلاع رأي إدارة الفتوى والتشريع للتأكد من الإجراءات المالية المطلوبة لجني أموال هذا الاستثمار.

هذان الخبران يطرقان بقوة موضوع فراغ الشباب الذي بدأ يظهر في التسكّع في المجمعات دون هدف، والقيادة الجنونية للسيارات التي تحصد سنوياً رقماً قريباً مما ذكرناه.

نتائج ما يعيشه الشباب اليوم، حوادث قتل وإدمان مخدرات وضياع للوقت، وهو أثمن ما في حياة الإنسان، وهنا لابد من وقفة من الجميع: الدولة والمجتمع المدني، إذ لابد من تبني برامج تشغيل للشباب، والترفيه عنهم خصوصاً في سن المراهقة، وتأتي فكرة استثمار ملاعب وزارة التربية في الاتجاه الصحيح، ونتمنى ألا تصطدم بمقولة إن اللوائح لا تسمح.

شبابنا مسكين تائه... لا يعرف ماذا يريد، لا يقوده أحد من «الأتقياء» أو «المفكرين» أو «المصلحين الاجتماعيين» الذين تغص بهم البلاد!! واهتمام الشاب اليوم- إلا القلة- صار بمفتاح لسيارة في اليد، وسيجارة في الفم، وتسريحة شعر، وإن كانت ثروة الأمم الحقيقية في هؤلاء كما نردد دائما، فيجب الالتفات إليهم على وجه السرعة.

بيت الزكاة والأمانة العامة للأوقاف وأهل الخير لديهم من الأموال ما يصل إلى إفريقيا وأميركا الجنوبية، والدولة تشبههم في ذلك، إذن، يبقى أننا بحاجة إلى من يفكر بـ«الأقربين» منا من فئة الشباب.

أي ولي أمر اليوم تجده يحتار ويسأل: أين يمكن أن يقضي ابني أو ابنتي وقتاً مفيداً يتعلم منه عملاً أو حرفة أو حتى قضاء وقت للترفيه المفيد، صحياً ونفسياً؟ وعذرا لإخواننا القائمين على الجمعيات الدينية الذين يهتمون فقط بالجانب الشعائري الذي لا نقلل من أهميته، لكنه ليس كل ما يحتاجه الشاب والفتاة في سن مبكرة تطغى فيه الانفعالات والرغبات والاندفاع.

فهؤلاء الشباب بحاجة إلى تفريغ للطاقة في الرياضة والموسيقى والتمثيل... وهم بحاجة لمن يكون قريباً من أجوائهم التي لا تخلو من العبث المقبول أحيانا... فهل نرتقي إلى تفكيرهم قليلا، ونبذل ربع الوقت الذي يذهب في الحفاظ على المال العام، وتعديل الدوائر الانتخابية مثلا؟