ليس الشيخ ناصر المحمد بحاجة إلى شهادة أو إشادة، لكن الحقيقة تقتضي أن يُعطى الرجل الذي قاد السلطة التنفيذية على مدى ثلاث حكومات متعاقبة حقه، مثلما تقتضي توجيه النقد البنَّاء لتصويب الأداء وتفعيله بعيداً عن المزايدات المغرضة والاستهدافات المريبة والنزعات التشكيكية المدمرة.

Ad

تُحسب للشيخ ناصر شفافيته وروحه الديمقراطية، فهو رجل حكم وصاحب قدرة على الاستيعاب، فلا السهام التي توجه نحوه تصيب منه دماثة الخلق ونزعة التسامح، ولا افتعال التأزيم يأخذه إلى رد الفعل والتأزيم المضاد. وهو يعلم بالخبرة التي اكتسبها في حياته السياسية ان الكويت تساس بالحلم وبفن الممكن، وأنها ذات خصوصية تحتاج إلى حاكم هو نقطة الوصل على الدوام، وصاحب الكلمة الفصل حين يتم تجاوز الخطوط الحمر وتتعرض مصلحة البلاد لضرر أو أخطاء.

حمل الشيخ ناصر المسؤولية بأدب واحترام وتحمّل الحملات، بعضها كان محقاً وجزءاً من دينامية الحياة الديمقراطية، وكثيرها دخل في خانة المبالغات والتجني ووضع العصي في دواليب الإصلاح، لكن الشيخ ناصر استطاع بما نسج من صلات اجتماعية وسياسية مع كل الأطراف أن يسير بالسفينة دائما إلى بر الأمان، فيتم الاحتكام إلى القانون والآليات الديمقراطية والمؤسسات، ولنا في مواضيع الفرعيات وشراء الأصوات وقبلها التأبين والاستجوابات خير أمثلة على حسن التصرف وكفاءة المعالجات.

يعود الشيخ ناصر إلى رئاسة الحكومة مرحباً به، فهو أثبت جدارته. ويكفي أن عهده شهد إعطاء المرأةِ الحقوقَ السياسية، وتقسيم الدوائر إلى خمس، وأثمر قرارات اقتصادية تنموية مهمة اقتنصها في فترة شهر العسل القصيرة، التي مرت بين السلطتين في عهد المجلس السابق.

لا يمنع تقديرنا للشيخ ناصر وتفاؤلنا باستمراره على رأس حكومة جديدة من أن ندعوه إلى أن يكون أكثر حزماً وحسماً وتمسكاً بصلاحيات مجلس الوزراء، وأكثر حرصاً على رسم خطوط واضحة بين السلطتين، فلا تطغى واحدة على أخرى، ولا تفتئت واحدة على أخرى... ثم ان الرئيس يحتاج إلى تأييد القوى السياسية مجتمعة وخصوصا كل أفراد الأسرة، كي يتمكن من قيادة مجلس الوزراء وتفعيل عمله والتفاهم مع مجلس الأمة، وتحقيق الإنجازات الاصلاحية المطلوبة، وهي لا تزال كثيرة.

يعود الشيخ ناصر ونحن نتوقع منه ان يختار الأكفأ لتسلم مقاليد الوزارات، وسيدرك الذين سجلوا في وقت مبكر اعتراضهم على عودته، خصوصا النواب السلف أنهم تسرّعوا، فلا هم سيجدون أفضل منه لممارسة الحكم ولا هم سيجدون أقدر منه ليستوعب معارضتهم.

وفي المناسبة، يجب على هؤلاء ألا ينسوا أن تسمية رئيس الوزراء هي صلاحية دستورية عائدة إلى الأمير ولا يحق لأحد التدخل فيها، وأن حلبة النواب هي قاعة عبدالله السالم، حيث يستطيعون تأييد أو رفض القرارات وليس الشخص الذي عيَّنه الأمير.

أهلاً بعودتك يا شيخ ناصر. ومبروك للكويت عرسها الديمقراطي.

الجريدة