كان يمكن وصف حكومة الشيخ ناصر الخامسة بأنها حكومة «التغيير المحدود» لو أنها لم تبالغ في المحدودية. أما وأنها عادت بشبه تمام وكمال بعد أسابيع من البحث والتمحيص واستنفاد المهل فيجوز أن يطلق عليها اسم حكومة «الخيبة الشاملة» كي لا نقول إنها تشكيلة الاحباط العام.

Ad

لم ينتظر المجتمع السياسي وحده ولادة الحكومة بعد فترة من التأزيم المؤلم بينها وبين المجلس، فالكويتيون جميعاً توقعوا ان تكون استقالتها مدخلا إلى اعادة تقويم المرحلة السابقة برمتها لا مجرد خروج من أزمة الاستجواب، وأملوا أن يستقبلوا حكومة تحدث صدمة ايجابية من خلال الاشخاص الأكفاء والروح المعنوية العالية الحاضرة لمواجهة أي مساءلة على كل المستويات، والأهم من هذا وذاك ان تطلق قطار التنمية والمشاريع وتواجه بجدية كاملة التحديات المالية والاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد العالمي وتنعكس على البلاد.

بمعنى من المعاني فإن الحكومة مفاجئة للناس، لكنها لا تمنحهم مفاجأة سارة على الاطلاق، فما الذي تغير حتى عاد 13 وزيرا وقعوا على استقالاتهم لتعذر تعاونهم مع مجلس الامة إلى قاعة عبدالله السالم التي لم يتغير نوابها ولا تبدلت مواقفهم، بل ان بعضهم بات أكثر تشددا في مطالبه، وأشد عزما على استخدام أداة الاستجواب؟ هل قرر رئيس الحكومة الصعود إلى المنصة؟

لابد للحكومة الجديدة ان تواجه اسئلة الناس. فهم ينتظرون من السلطة التنفيذية عملا فاعلا وقرارات، وظنوا ان خطوة الاستقالة والتشكيل ستنقل التعاون مع المجلس من مرحلة الضياع والتأزيم الى مرحلة التفاهم والاستقرار. فكيف ستقنع الحكومة الناس بأن الوجوه نفسها قادرة على تغيير السياسات؟

خرج ثلاثة وزراء لم يكونوا سببا في الاستقالة أو الازمات، هذا اجراء عادي لكنه لا يحمل معنى حقيقيا أو نوعيا على الاطلاق. أما اللافت فهو عدم العثور على وزير متفرغ للنفط يملأ حقيبة هي شريان البلد الاقتصادي. فهل نضب البلد من الكفاءات أم اعتذر كل من عرضت عليه الحقيبة؟ أم ان الوقت كان ضيقا فتم ايثار عدم الاستعجال؟!

لا تبدو حكومة ناصر المحمد الخامسة حكومة تجديد أو انقاذ. فهي تكرار ويمكن للمواطن ان يتوقع منذ الآن ما سيحصل لها في المجلس من غير حاجة الى قدر كبير من الذكاء. ولا يبقى لهذا المواطن الا المراهنة على الأقدار على أمل ألا تكون حكومته مقدمة لأزمة اكبر من تلك التي أدت الى الاستقالة وألا تشكل معبراً لحل لا أحد مخلصاً يتمناه.

الجريدة