بينما يعود مجلس الأمة للانعقاد بعد فترة انقطاع تجاوزت الشهر، علمت «الجريدة» أن أجواء التأزيم النيابي ستتواصل، إذ كشف مصدر نيابي عن تنسيق مجموعة من النواب لاتخاذ موقف عملي في جلسة اليوم اعتراضاً على تشكيل الحكومة، مبيناً أن هؤلاء النواب سيتخذون إجراءات «سقفها أعلى من الانسحاب من الجلسة» أثناء أداء الحكومة اليمين الدستورية.

Ad

وأوضح المصدر أن النواب سيجددون إثارة قضية حجاب وزيرتي التربية نورية الصبيح والإسكان موضي الحمود أثناء أداء الوزيرتين لليمين، لا سيما أن هناك قراراً من اللجنة التشريعية البرلمانية اعتبر أن إسناد الحقيبتين للوزيرتين يحمل مخالفة دستورية وقانونية لعدم التزامهما بالضوابط الشرعية.

وشهدت أروقة المجلس امس اجتماعات مطولة لعدد من الكتل والمجاميع النيابية لتحديد الموقف من الحكومة والتنسيق لجلسة اليوم والقضايا التي ستطرح فيها، إذ عقدت كتلة العمل الشعبي اجتماعا، شارك فيه مجموعة من النواب، فيما اجتمع ايضا نواب الحركة الدستورية (حدس). وكذلك عقد النواب وليد الطبطبائي ومحمد هايف وعبدالله البرغش اجتماعا انضم اليه في وقت لاحق النائب فيصل المسلم.

وأعلن مصدر برلماني أن اقتراحا سيقدم في جلسة اليوم لعقد جلسات مجلس الأمة بواقع جلستين كل أسبوع لتعويض ما فات من الجلسات وإنجاز جدول الأولويات النيابية ـ الحكومية.

وعلى صعيد متصل، كشفت مصادر نيابية أن نواباً سيثيرون اليوم ثلاثة مواضيع لا تحظى بقبول حكومي، وهي المدة الدستورية اللازمة لتشكيل الحكومة بعد قبول استقالتها أو إقالتها، إذ ينوون التقدم بطلب لإحالة الأمر إلى المحكمة الدستورية، بالإضافة إلى طلب آخر يتعلق بمدى دستورية انعقاد الجلسات في ظل غياب الحكومة وهو ما يعتزم النواب أنفسهم إحالته للمحكمة الدستورية لحسمه، وبينت المصادر أن هذا الطلب يلاقي تأييداً كبيراً من النواب خصوصاً بعد أن غابت الحكومة عن الجلسات وتسببت في تعطيل المجلس طوال هذه الفترة.

وأضاف المصدر أن الطلب الثالث هو الذي أعلن عنه النائب جمعان الحربش أمس ويتعلق بتشكيل لجنة تحقيق في قضية إلغاء صفقة « كي. داو»» على أن تستكمل اللجنة تقريرها خلال شهرين، ورجحت مصادر نيابية أن الطلبات الثلاثة ستجابه برفض حكومي. كذلك، يشكل موضوع اختيار رئيس ديوان المحاسبة المرشح له أحمد الكليب موضوعاً صدامياً جديداً بين السلطتين، إذ أكد رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي أنه قد يطرح الموضوع خلال الجلسة «إذ كان هناك متسع من الوقت»، مبيناً أن القرار في هذا الأمر سيكون للمجلس بقبول أو رفض الترشيح.

في غضون ذلك، حمل إعلان التشكيل الحكومي أمس رفضاً نيابياً واسعاً، إذ أشار النائب أحمد المليفي الى أن «هذه الحكومة هي الحكومة السابقة على الرغم من هذه المدة الطويلة من التشكيل»، مؤكدا أن الحكومة الجديدة «لن تستطيع التخلص من مخلفات الماضي أو مواجهة قضايا المستقبل». وهو ما اتفق معه النائب مسلم البراك الذي رأى أن التشكيلة الحكومية «أتت وفق الترضيات الشخصية والمحاصصة والعناد التي كانت شعار اختيار الوزراء»، محذراً من توجه الحكومة إلى «إحداث أزمة وتهيئة الأمر لصاحب القرار باتخاذ قرار خارج إطار الدستور»، بينما رأى النائب ضيف الله بورمية في الحكومة الجديدة «استمراراً لاستفزاز النواب»، مشيراً إلى «إشارات حكومية تفيد باللجوء إلى حل مجلس الأمة»، مطالباً الحكومة بإعادة حساباتها السياسية «وعليها أن تعلم بأن الحل أو التهديد به لن يثنيني شخصياً عن استجواب كائناً من كان».

في الوقت ذاته، انتقدت «حدس» في بيان لها أمس التشكيل الحكومي الجديد، مبينة أن «هذه الحكومة كسابقاتها، لم يراع في تشكيلها اختيار وزراء قادرين على مواجهة الازمات التي تئن منها القطاعات المختلفة في الدولة وإنما جاء تشكيلها ملبياً ومدعماً لعقدة البقاء السياسي التي لا زالت هي المهيمنة على صناعة القرار الحكومي»، مبينة أن التشكيل الوزاري الجديد «يعني استمرار التأزيم في المشهد السياسي».

في المقابل، علت أصوات تدعو إلى التهدئة، إذ قال الخرافي أنه من الصعب إيجاد إجماع نيابي من 50 نائباً على التشكيلة المهمة، داعياً إلى التعاون بين السلطتين وتضافر الجهود والعمل لأجل الاستقرار، معلناً أن جلسة اليوم ستشهد رفع بند الاستجواب المقدم لسمو رئيس الوزراء من جدول الأعمال باعتباره منتهيا، ثم انتخاب منصب أمين السر بدلاً من امين السر السابق روضان الروضان الذي تم اختياره وزيرا للصحة. فيما بارك النائب عبدالله الرومي للحكومة الجديدة ثقة صاحب السمو أمير البلاد، متمنيا للوزارء التوفيق والعطاء في أداء مهامهم، في حين شدد النائب علي الراشد على ضرورة منح الحكومة الجديدة فرصة للعمل حتى تقيم بشكل سليم، قائلاً إنها لا تحمل وزراء تأزيم، ومن يرد التأزيم ووأد الحياة السياسية في هذا البلد فعليه ان يجلس في بيته ولا يترشح لمجلس الأمة».

أمّا النائب النائب محمد العبدالجادر، فدعا إلى ضرورة تعويض الفترة الماضية من خلال المزيد من الجلسات، معرباً عن أمله في أن تعمل السلطتان للإنجاز والأولويات التي تم الاتفاق عليها، مشدداً على أن المسؤولية الملقاة على عاتق مجلس الوزراء باتت كبيرة «ونحن الآن أمام تشكيل قد صدر وما علينا إلا أن نتعامل مع الواقع».

من جانبه، انتقد النائب عبداللطيف العميري عودة الوزراء المستقلين في الحكومة السابقة، وقال لـ «الجريدة» إنه «من المفترض أن يكون التغيير الحكومة جذريا كون أن الحكومة السابقة قالت في بيان استقالتها انها غير مستعدة للتعاون مع مجلس الأمة».

واضاف العميري ان «المجلس لم يتغير والحكومة عادت بأغلبية وزرائها المستقيلين، وهي من اعلنت عدم التعاون مع مجلس الأمة، فكيف يمكن للحكومة التعاون معه الان؟».

وبشأن عودة ممثل التجمع السلفي الوزير أحمد باقر الى الحكومة وهو مستقيل من «السابقة»، قال العميري: «ممثلنا في الحكومة كان متضامنا معها في الاستقالة، وهو الآن شخص واحد ويحاول أن يصلح ما يمكن اصلاحه».

الى ذلك، تمنى النائب د. علي العمير من الحكومة القادمة أن «تنشغل بما يجب أن تنشغل فيه وهو التنمية والاصلاح»، مؤكدا أنهم «سيحاولون كمجلس التعاون مع الحكومة التي حظيت بثقة سمو الأمير».

وقال العمير لـ «الجريدة» إن «الحكومة الآن تواجه تحديا كبيرا يتطلب منها تضافر الجهود للانجاز وتحقيق تطلعات المجتمع»، لافتا الى أن «عودة أغلبية أعضاء الحكومة المستقيلة شيء، وكسب الثقة من سمو الأمير شيء آخر»، داعيا الى ضرورة التعامل مع هذا الوضع وأن «نشد على التعاون»، متمنيا في الوقت ذاته أن «تكون الحكومة على مستوى الثقة التي منحها اياها سمو الأمير».