في 24 مايو (أيار) الجاري مرّت ذكرى وفاة الممثل إسماعيل ياسين، وفي 27 منه أيضاً كانت ذكرى رحيل المخرج السينمائي محمد كريم. رحلا في العام والشهر نفسيهما وتركا أثراً مستمراً.

محمد كريم رائد في السينما المصرية، ساهم في نشأة دعائمها، واستمرت بعده على مدار عقود تنتج الفيلم الرومنطيقي الذي قدمه، والفيلم الغنائي الذي كان كريم أول من صاغه، وتلاه أقطاب الرومنطيقية أمثال أحمد بدرخان وعز الدين ذو الفقار وهنري بركات.

Ad

أصدر بدرخان كتاباً شهيراً بعنوان «في السينما»، يشرح النهج الرومنطيقي.

ومعروف أن كريم كان يغسل بالمياه الأشجار والأرانب وينظف المعالم قبل أن يصورها. حول هذه المسألة يشرح بدرخان نظرية هؤلاء الرومنسيين بقوله إن «المشاهد لا يذهب إلى السينما ليرى واقعه وحياته، بل ليتخلص منهما، وعلى السينما أن تحقق له ذلك، فيرى مناظر وطبقات وقصوراً وحدائق لا يعرفها، فماذا لو عرفها واستمتع بها على شاشة السينما؟».

وصلت الرومنسية إلى مرحلة أكثر نضجاً عبر ذو الفقار وبركات، لكن تأثير مفاهيم سينما كريم استمر أيضاً، لا سيما أنه أخرج أفلام محمد عبد الوهاب: «الوردة البيضاء، يوم سعيد، ممنوع الحب، رصاصة في القلب، لست ملاكاً»، وفيها يقدّم الموسيقار عدداً من أغنياته. ثم سارت السينما الغنائية على نهج كريم: أفلام أم كلثوم، ليلى مراد، فريد الأطرش وأسمهان، محمد فوزي، عبد الحليم حافظ وشادية وصباح...

ونكاد لا نعرف أفلاماً موسيقية، في السينما المصرية والعربية، على غرار «صوت الموسيقى» أو «قصة الحي الغربي».

أما إسماعيل ياسين فقدّم نموذج البطل الذي يبقى على براءته مهما تتقدم به السنوات. إنها الطفولة الدائمة والسذاجة المحببة، التي تجعلنا نحب البطل ونتعاطف معه، لذا أحبه الكبار والصغار لاتقانه أدواره وصدقه وتلقائيته.

واستمر التأثر بأداء ياسين وأعماله إلى اليوم، وبدا ذلك واضحاً في أفلام النجم الكوميدي هاني رمزي الأخيرة مثل «نمس بوند».

دخل ياسين ببراءته وسذاجته إلى مجالات وهيئات كثيرة: الجيش، الطيران، الشرطة، حديقة الحيوان، مستشفى المجانين، عالم ريا وسكينة... وانفردت أفلامه باقتران عناوينها باسمه (بالإضافة إلى ليلى مراد). كان مهرجاً نبيلاً جميلاً، يضحك للشعب ومعه. إنه مهرج الشعب وابنه الذي سعى إلى إسعاده دوماً.

وفي رمضان المقبل يشاهد الجمهور مسلسل «إسماعيل ياسين» من بطولة أشرف عبد الباقي، ونرجو أن يكون العمل أسعد حظاً من مسلسلات سابقة ضعيفة أو بائسة عن سير حياة الفنانين والمشاهير مثل «السندريلا» وغيرها.

إضافة إلى السينما، قدّم ياسين الدراما الإذاعية وعروضاً عدة مع فرقته ومسرحه إلى أن تعرّض لأزمة مالية مؤثرة فتوقف.

أزمات من هذا النوع منحت سيرة النجم طابعاً حزيناً وشجناً، وقد اثبتت الأيام والأعوام استمرار الكبار والصغار في محبة الشخصية التي ابتدعها وبرع فيها، وفي محبة ياسين نفسه.