معيب أن تتحول مناسبة الانتخابات النيابية مسرحاً للمزايدة واللغة الفالتة من أي عقال، من أجل كسب أصوات من هنا أو استرضاء مجاميع من هناك، لكن الأخطر أن يتم تجاوز القانون وتهديد السلم الأهلي بتصريحاتٍ أقل ما يقال فيها انها تبعد عن روح المسؤولية الوطنية، وعن واجبات الفرد تجاه المجتمع وتجاه القانون.

Ad

ما شهدناه في الأيام الأخيرة من نماذج تعيسة لا يبشر بالخير، لكنه يستدعي وقفة جدية من القوى السياسية والمجتمع المدني والسلطات المنوط بها الحفاظ على القانون والدستور. فغير مقبول أن يهدِّد نقابي مرشح في الفرعيات بمواجهة السلطة إن أدت دورها المفروض في تطبيق القوانين، ومؤسف أن يتستر هذا المرشح بغطاء انتماء مفترض إلى كتلة نيابية، ويدعم بفزعة قبلية، ليجاهر بحديث بدائي ومتخلف وساقط يقع تحت طائلة المسؤولية.

كذلك، مرفوض أن ينبري النائب السابق صالح عاشور إلى معاودة استثارة النعرات، عبر مطالبته بعودة الفالي إلى الكويت، علما أن قضيته التي حكمت فيها المحكمة لا تقتصر على جانب قانوني، نظرا إلى ما أحاط بها من ملابسات، وكان أجدر بعاشور أن يدرك المعنى السياسي لما يقول، ولا يتحصن بحكم القضاء.

فوق هذا وذاك، يدخل النائب السابق محمد هايف على خط التوتير، فيتَّهم الشيعة بهدم مساجد السُّنة، في حين ينفذ فريق الإزالات القانون في "مُصلَّيات" مخالفة على يد كويتيين، ولاؤهم للوطن أولا وأخيراً، وكأن هايف يتصيد أي قضية للضرب على الوتر الطائفي البغيض، فلا هو يعطي وجهة نظر منطقية في الإزالات، ولا هو مُخوَّل الافتاء، فضلاً عن أن الكويت دولة قانون، وليست دولة فتاوى يجتهد فيها الهواة والمتطرفون والمتصيدون في الماء العكر.

نسي المرشحون أن فترة الانتخابات هي المجال الطبيعي لصوغ برامج وعرضها على الناخبين، وأنها الوقت المناسب لإبداء القدرة على اقتراح معالجات لأزمات كثيرة تعانيها البلاد، والقدرة على التزام العمل لتحقيقها أمام الناس الذين سيمنحون المرشحين ثقتهم عبر صناديق الاقتراع، والأسوأ من النسيان تعمُّد بعض المرشحين مخالفة القانون والاستخفاف بقدرة السلطة على تنفيذه، والحط من هيبة الحكم، وكأن الكويت شبه دولة سائبة يهدد بعضهم فيها بالتصدي للأمن، ويثير آخرون المذهب على المذهب، ويتستر البعض الآخر بالدين للانقضاض على ما تبقى من قانون وضعي، تمهيداً لوأد الديمقراطية والحريات وفرض نمط عيش جاهلي.

الجريدة