ابراهيم الحربي فنان شامل، دفعه عشقه للفن إلى الخوض في مجالات مختلفة، فهو موسيقي محترف يعزف على أكثر من آلة، من بينها: العود، البيانو، الأورغن. ممثل متعدد المواهب، شارك في مسلسلات تلفزيونية وإذاعية كثيرة من أبرزها «درب الزلق»، و{قناص خيطان» وأعمال أخرى كثيرة.

Ad

لمع نجم الحربي عبر التلفزيون وأثير إذاعة «الكويت» وهو ما زال في سن يافعة. بدأ مشواره بمسلسل «الحبابة» مع الراحلة مريم الغضبان. وحصل على جوائز كثيرة. لم يتقيّد بلون فني محدد، وأحب بلده الكويت منذ طفولته. يذكر الحربي أنه كان في أوج صباه حين اشتد به المرض بينما هو في زيارة إلى المملكة العربية السعودية، فطلب من أسرته أن تعيده فوراً إلى وطنه. عاد إلى الكويت أواخر الستينات ومنها انطلقت مسيرته الفنية.

شارك الحربي في مسابقات مدرسية على مستوى الدولة وخارجها. التقى آنذاك بشخصيات مهمة منها الرئيس اللبناني السابق إميل لحود، والرئيس العراقي عبد السلام عارف ووزير التربية الأسبق المرحوم الشيخ عبدالله الجابر الصباح وسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح عندما كان وزيراً للإعلام، وكما يقول الحربي فإن هؤلاء الأشخاص جميعهم يحبون الفن ويقدرون دور الفنانين في المجتمع.

دخل عالم الفن عام 1954، حين ذهب للالتحاق بمعهد الموسيقى، وقف أمام الأستاذين أحمد باقر وهناء العشماوي، فطلبا منه أن يقدّم مقطوعة موسيقية، ففعل، حينها قيل له: «أكمل مشوارك معنا فأنت ناجح من دون أن نرى اختباراتك الباقية».

«الفنون المسرحيّة»

عندما ذهب الحربي للالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وقف أمام لجنة مشكّلة من: حسين الصالح، طارق عبدالطيف وزكي طليمات، الذي بادره بالقول: «هل تعرف شيئاً عن التمثيل؟» فرد الحربي فورا: «لا... لكنني أكتب شعراً، هل تريد أن أسمعك قصيدة...؟» فقال طليمات: «هذا كلام فارغ»، فدخل الإثنان في نقاش حاد. تأكد الراحل طليمات حينها من جرأة الحربي في طرح آرائه، الأمر الذي جعله يقتنع بقدراته، فقبل به ممثلاً. انطلق بعدها للمشاركة في مسلسل «درب الزلق».

البدايات

فتحت مسرحية «بني صامت» أمامه الباب واسعا وبدأ الحربي مشاركاته التلفزيونية بمسلسل «درب الزلق».عن بداياته يقول: «جسدت منذ بدايتي أدوارا متنوّعة، داخل الكويت وخارجها. من خلال تعاملي مع فنانين في مصر والمملكة العربية السعودية، حصدت خبرات كثيرة، لذ لا أقبل المشاركة الا في أعمال تضيف إلى رصيدي. وقد وجدت ما أريده مع شركة «سكوب سنتر» (برئاسة فجر السعيد) التي تعرف تماماً مقدار كل فنان لديها. نحن في الخليج متشابهون، لكن بالنسبة إلى الدول العربية الأمر مختلف. يكفي أن نتأمل أسماء لها باع طويل في التمثيل، مثل: توفيق الدقن وأمينة رزق ويوسف شعبان أو حسن حسني».

جيل مختلف

عما اذا كان الجيل الذي ينتمي إليه مظلوما فنياً قال الحربي: «لا أدري إن كان مظلوما، فتركيبة الزمن الذي نعيشه اختلفت تماماً، فثمة نقلة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية جعلت الجيل الراهن يتماشى مع الفكر الجديد، وهذا أمر طبيعي لأننا في وقت تغيّر فيه كل شيء، لذا يجب أن نتعامل مع هذا الجيل بمفاهيمه ونحتضنه».

التحق الحربي عام 1979 بفرقة «المسرح الشعبي»، وكان أعضاء الفرقة آنذاك ابراهيم الصلال، عبدالعزيز النمش، جاسم النبهان، عبدالإمام عبدالله، أحمد الصالح، أحمد مساعد وخليفة خليفوه. يؤكد الحربي أن الفضل في دخوله عالم الفن يعود الى أساتذته حسين الصالح، زكي طليمات، ابراهيم أبو الحكم، يوسف مرزوق المصري ووالدته. كذلك يشكر أصدقاءه وجمهوره وكل من وقف معه.

كُرم الحربي من قبل تلفزيون «الكويت» ودولة قطر والبحرين والإمارات ودول أخرى عدة، وفي مؤتمرات ومهرجانات دولية وعربية فنية وثقافية كثيرة.

«الفريج» القديم

يتذكر الحربي أيام «الفريج» فيقول: {هو المكان الذي نلتقي فيه مع أهلنا وأصحابنا، نلعب ونتعلم ونذهب ونعود معًا، وتحكمنا قوانين خاصة، و كل منا يعرف الثاني خير معرفة ويدخل بيته، ويحافظ على أهله وعرضه، وتربطنا علاقة عائلية، فكنا نجتمع لنلعب الكرة ونغني ونلهو ونذهب الى أماكن الألعاب ونتبارى مع «القطع» المقابلة لنا. أما أثناء رمضان فكنا نسهر عند باب البيت وتحديداً على «الدكة»، وهي عبارة عن كرسي طويل مصنوع من الطين، وفي الأيام الأخيرة من الشهر الكريم نذهب لجمع الـ «قرقيعان»، وفي آخر الليل نجتمع لنعرف من منا صاحب القسط الأكبر من «القرقيعان».

مواقف طريفة

يتوقف الحربي عند بعض المواقف الطريفة، قائلاً: {كنت أشارك لأول مرة في مسرحية مع عبد الحسين عبدالرضا، وكنت أقوم بدور شرطي، فتأخرت بعض الوقت. عند وصولي اعتذرت لأبو حسين، فقال لي: «دورك غير مهم لأنه شرطي لا يتكلم، وإن حدث وتأخرت فالأمر بسيط، نأتي بواحد غيرك ونوقفه»، تعلمت حينها الالتزام بالوقت، حتى وصلت الى ما أنا عليه الآن. وعندما تسجّلت في المعهد، كنت أراجع دوري في إحدى المسرحيات وتحاورت مع الأستاذ زكي طليمات فاشتد بيننا الحوار وطردني من المسرح فتقبلت الموقف وذهبت، وبعد 10 أعوام قال لي: {طردتك وأنا أعلم أنك ستصبح ممثلاً، وشديت عليك لأنني أريد أن أرى مقدرتك على الحوار». جسدت آنذاك شخصية قاتل معتوه في مسلسل «عمارة 20»، فتطلب الدور أن تكون ذقني طويلة وشعري كذلك، ولسوء حظي كان ثمة قاتل فعلاً في البلاد، وعندما انتهيت من التصوير رأتني الشرطة فاشتبهت بي وأخذوني إلى المخفر، وخرجت حينها بأعجوبة».

يواصل الحربي ذكرياته: {في آخر عام لنا في المعهد، كنت أعد مسرحية التخرج مع أصدقائي، ولم ندرس الموضوع جيداً، وكنا سنعرض على مستوى الوزارة والدولة، فانتاب أستاذنا في المعهد الخوف، فاستأذناه في أن نكتب على حائط المسرح من الداخل، فتردد ثم قال «كما تشاؤون». نفذنا الخطة ونجحنا فصفق الأستاذ لنا، لكنه أنّبنا كي لا نكرر ما حدث».

من المواقف الطريفة التي يتذكرها الحربي، موقف حدث مع القدير عبدالحسين عبد الرضا في مسرحية «قناص خيطان»، حينها كان يغازل الفنانة الهام الفضالة فخرج عن النص وقال جملة مضحكة، فسقط الحربي أرضا، فتوقف عبد الرضا وغازله وأفسد المشهد، وظل يغازله حتى بعد انتهاء العرض حتى ترجاه الحربي أن يكف عن ذلك، ففعل.

يؤكد الحربي أنه يعاني من صفة سيئة وهي المجاملة، فقد جامل فنانين استطاعوا تحقيق مكانة كبيرة في ما بعد. وتأتي تلك المجاملات على حساب أجره، وتجبره على المشاركة في أعمال دون المستوى أحياناً. عن الأعمال التي تمنى المشاركة فيها ذكر: «خالد بن الوليد»، «هولااكو»، «الزير سالم».

من أعماله

قدّم الحربي أعمالاً كثيرة منها مسلسلات: «درب الزلق»، «الأسوار»، «حبابه»، « العائلة»، «الحب يأتي متأخراً»، « من يقتل الأحلام»، «سر الحياة»، «الماضي وخريف العمر»، «السندباد»، «أثنان على الطريق»، «أضحك ولا أبكي»، « مرآة الزمان»، «على بابا»، «أحلام نيران»، «الوريث»، «عش الزوجية»، «الدعوة عامة»، «ناس من زجاج»، «بيت أولاد جاسم»، «وفاء»، «ثمن عمري»، «أمال وأحلام»، «دنيا القوي»، «أسرار العمارة» ، {نقطة تحول»، «عديل الروح»، {بسمة الألم»، «الأمبراطورة»، «لعبة الأيام»، «بيت من ورق»، «الخطر معهم3 «، «عمارة 20»، «طيور على الماء»، و{بدر الزمان».

أما المسرحيات التي شارك بها منذ بداية مشواره الفني فقليلة ومنها «قناص خيطان»، «الغجرية والأحدب»، «عنتر بن شداد»، «شهر العسل بصل»، «واحد + واحد»، «رجل مع وقف التنفيذ»، «غزل السوق»، و»رأس المملوك». وكانت للحربي مشاركة سينمائية وحيدة من خلال فيلم «منتصف الليل».

ظلموه فقالوا

تعرّض الحربي لإشاعة أطلقها صحافي حصل على صورة له وهو في حالة نفسية سيئة ويضع يده على رأسه، فأتى بالصورة و{فبركها» داخل سور حديدي للمخفر وأطلق في صحيفته أن الحربي مسجون في قضية كبيرة. ادعى الصحافي أنه فعل ذلك على سبيل المداعبة، لكنه أمر أقلق الجمهور. ويشير الحربي أيضاً إلى أن ثمة من يطلق عليه صفة الغرور، وذلك ظلم كبير.

من هو؟

ابراهيم الحربي من مواليد 1955 منطقة «الشامية»، تعلم في مدرسة «المأمون» الإبتدائية، وتوقف عن التعلّم لمدة عام انتقل خلاله الى المملكة العربية السعودية، لكنه سرعان ما عاد الى الكويت وانتقل الى منطقة «الفروانية» وأكمل المرحلة الإبتدائية والمتوسطة في مدرسة «عمار بن ياسر»، وكان من أصدقائه فيها سعد البراك، صقر نصافي، أولاد محارب، محمد جمعة، عباس مناور، علي الهيفي، عباس دشتي، محمد الفجي، من ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.