مع انتهاء موسم الشتاء وذوبان ثلوجه من على قمة جبل موسى، سيتدفّق آلاف السيّاح خلال منتصف فبراير (شباط) الجاري إلى مدينة سانت كاترين في جنوب سيناء المصرية لزيارة المناطق السياحية، من مزارات أثرية ودينية وطبيعية، في شوق لمتعة تسلق الجبال، خصوصاً جبل موسى.

Ad

يحرص السيّاح على تسلّق جبل موسى عقب منتصف الليل ليصلوا الى قمته قبيل شروق الشمس. وعلى رغم مشقة الرحلة وصعوبة تسلّق الجبل، الذي يرتفع 2285 متراً عن مستوى سطح البحر، إلا أن الشروق في تلك البقعة مشهد رائع يستحق التعب.

يُطلق على جبال سيناء، خصوصاً جبل موسى، اسم «الجبال المقدسة»، وهو يشير إلى الاسم الذي ورد في الإنجيل، إلى القمة الجبلية التي نزلت فيها الوصايا العشر على النبي موسى عليه السلام.

وكما يوضح المدير العام في منطقة آثار جنوب سناء عبد الرحيم ريحان، فإن تاريخ تلك المنطقة، خصوصاً «جبل موسى» يرتبط بالديانات السماوية كافة، ففوقه ناجى موسى ربه، وفي وادي طور سيناء ذُكرت بعض آيات القرآن الكريم. وتتمثل أهمية جبل موسى في الاعتقاد الديني بأن هذا الجبل هو الذي كلّم الله سبحانه وتعالى منه النبي موسى، لذا سمِّي «جبل المناجاة»، وفي «العهد القديم» عُرف بجبل «حوريب» الذي أمضى عنده أتباع نبي الله موسى سنة خلال خروجهم من مصر.

السيرة النبويّة

تقع عند جبل موسى أديرة وكنائس عدة اكتُشف فيها بعض النسخ القديمة من الأسفار، في اللغات اليونانية والسريانية والجورجية والأثيوبية والسلافية والعربية وغيرها.

ورد في السيرة النبوية أنه من فوق قمة هذا الجبل صعد النبي محمد صلى الله عليه وسلّم إلى السماء في ليلة الإسراء والمعراج. وفي تاريخ الرهبنة المسيحية، وجد الرهبان السكينة والرحمة في منطقة الجبل المقدس فشيّدوا بجواره أديرة عدّة في القرن الرابع الميلادي، أي قبل ميلاد الرسول محمد بنحو مائتي عام. ووجدوا متعة التعبّد في أعلى قمة الجبل، فأقاموا سلماً في شمال الجبل يتألف من ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمسين درجة من الأحجار.

يضيف ريحان: «يمكن تسلّق الجبل عن طريق هذه الدرجات الحجرية أو من الطريق الأسهل في شرق الدير. وكلا الطريقين يؤديان إلى المسرح المدرج، ومنه تستطيع بعد صعود سبعمائة وخمسين درجة الوصول إلى القمة حيث كنيسة الثالوث المقدس التي بُنيت عام 1934، وإلى جوارها جامع صغير. وعند هبوط الدرجات وعبر ينبوع موسى يمكن الوصول إلى كنيسة العذراء الصغيرة وبوابة القديس ستيفن وبوابة القانون».

وفوق قمة جبل موسى يمكنك مشاهدة خليج العقبة وخليج السويس. بينما تقترب منه قمتا جبل البنات وجبل كاترين حيث «جبل البنات»، وهو جبل عظيم باتجاه جبل سريال، ويفصل بينهما وادى فيران.  وقد كثرت الروايات حول هذه التسمية، وأشهرها رواية تقول إن بنات البادية هربن من أهلهن للتخلص من الزواج بمن لم يحببن، ولجأن إلى هذا الجبل فطاردوهن إليه فعقدن ضفائرهن بعضها إلى بعض ورمين أنفسهن إلى الوادي.

أما جبل كاترين، فهو أعلى جبال مصر، إذ يبلغ ارتفاعه 8563 قدماً فوق سطح البحر. وورد في حكايات الرهبان أن الملائكة قديماً حملوا جثة القديسة « كاترينا « من مكان استشهادها في الإسكندرية عام 307 ونزلوا بها إلى هذا الجبل، ولم يبق منها راهناً سوى الجمجمة وعظم إحدى اليدين، وهما محفوظتان في صندوق داخل الكنيسة. 

وبحسب عبد الحفيظ دياب المستشار الأثري لدير سانت كاترين، يعود هذا الدير إلى القرن الرابع الميلادي، إذ بني بأمر من الإمبراطورة هيلانه والدة الإمبراطور قسطنطين عام 432، ثم اكتمل تشييده في عهد الإمبراطور جستينيان عام 545، ليكون معقلاً لرهبان سيناء.

خصوصيّة

مدينة سانت كاترين إحدى أكثر مدن سيناء خصوصية وتميزاً، فهي أعلى الأماكن المأهولة في سيناء، إذ تقع على هضبة ترتفع 1600 متر فوق سطح البحر، وتحيط بها مجموعة جبال هي الأعلى في مصر كلها، وتتمثّل في جبال عدّة متباينة الارتفاع هي جبل سانت كاترين وجبل موسى وجبل الصفصافة وجبل الصناع وجبل أحر وجبل عباس.

وتشتهر المدينة بالسياحة الدينية وسياحة السفاري وتسلق الجبال، وقد أُعلنت محمية طبيعية منذ عام 1988، وهي أكبر المحميات، إذ تبلغ مساحتها 5130 كم مربعاً.