توقع تقرير لـ «الجمان» أن يكون العام الحالي سلبيا بسبب التخبط في إدارة الدولة، لاسيما الشأن الاقتصادي، إضافة إلى انخفاض سعر النفط الكويتي وسعر صرف الدولار ومشكلات الشركات المدرجة المتعثرة.بمناسبة بداية العام الجديد فإنه جرت عادتنا على إصدار توقعات للعام الجديد سواء كانت إيجابية أو سلبية، وقد صدقت توقعاتنا السلبية لعام 2008، وذلك رغم عدم توقعنا لحدوث الأزمة العالمية، حيث كانت توقعاتنا عن أداء سوق الكويت للأوراق المالية فقط، أما بالنسبة الى عام 2009، فإننا لا نتوقع أن يكون عاماً إيجابياً من حيث أداء مؤشر سوق المال الكويتي، بل نتوقع أن يكون الأداء سلبياً، ونظراً الى غموض الوضع وتعدد المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، فإننا لا نستطيع في هذا الوقت تحديد نسبة الانخفاض المتوقع لسوق المال الكويتي خلال عام 2009، وتنبع توقعاتنا السلبية من التخبط في إدارة الدولة بشكل عام، وفي الشأن الاقتصادي بشكل خاص، ناهيك عن انخفاض سعر النفط الكويتي إلى دون 30 دولارا أميركيا، والذي يقل بنسبة 50 في المئة عن سعر التعادل المقدر لتوازن الإيرادات مع المصروفات، وانخفاض سعر صرف الدولار الأميركي أيضاً، بالإضافة إلى التداعيات السلبية الجسمية المرتبطة بمعظم الشركات المدرجة خاصة المتعثرة والورقية منها. من جهة أخرى، فإننا لا نسقط الأزمات السياسية المتلاحقة والمتفاقمة في البلاد على توقعاتنا الاقتصادية المستقبلية، حيث إن أثر تداعيتها السلبية خارج الحساب نظراً الى صعوبة حصرها وتوقع درجة تفاقمها. وبالرغم من نظرتنا غير الإيجابية للعام الحالي، فإننا لا ندعو الجميع إلى اعتناق وجهة نظرنا، حيث إنها معرضة للصواب والخطأ، وذلك رغم أن النظرة السلبية للعام الحالي هي على المستوى الإقليمي والعالمي، والتي يقول بها المعظم الساحق من المحللين الماليين وأصحاب الأعمال وأهل الاختصاص، ولا شك في أننا نأمل ان تكون التداعيات السلبية على بلدنا ومنطقتنا هي الأقل، بالمقارنة مع الوضع في بقية العالم.أرباح الربع الرابعلا شك في أن الظروف المحلية والعالمية ستلقي بظلالها على نتائج مجمل الشركات المدرجة خاصة في الربع الرابع، والتي ستؤثر في مجمل نتائج عام 2008، حيث انخفض المؤشر الوزني بمعدل 35 في المئة خلال الربع الرابع وهو أكثر ضعف انخفاض ذات المؤشر في الربع الثالث، مما سيترك أثراً سلبياً بالغاً على نتائج الشركات خاصة المتورطة منها في استثمارات في سوق المال، وهي شريحة عريضة من الشركات المدرجة، لكن تعديل المعيار 39 - والخاص بتقييم الاستثمارات المحتفظ بها للمتاجرة - سيخفف من وطأة التداعيات السلبية على نتائج الشركات، كما حدث خلال الربع الثالث، وبناءً عليه فإننا نتوقع أن يكون إجمالي الأرباح المعلنة للشركات المدرجة للربع الرابع 2008 نحو 450 مليون د.ك، وذلك دون الأخذ بالاعتبار خسائر بنك الخليج التي بلغت نحو 375 مليون د.ك على أثر تعاملات بعض عملائه في المشتقات المالية، حيث لا يُستبعد أن ينخفض إجمالي الأرباح المعلنة لجميع الشركات المدرجة بما فيها بنك الخليج إلى 100 مليون د.ك في الربع الرابع 2008، وذلك بالمقارنة مع 927 مليون د.ك في الربع المناظر 2007، أي بانخفاض تقارب نسبته 90 في المئة، وإذا ما صدقت توقعاتنا بشأن الربع الرابع، فإن مجمل نتائج عام 2008 المتوقعة ستبلغ 3.252 مليارات د.ك بانخفاض معدله 32 في المئة عن عام 2007، والذي كان إجمالي أرباحه 4.810 مليارات د.ك.أداء المؤشراتتقلصت الفجوة بين المؤشرين الوزني والسعري إلى 5 نقاط مئوية في نهاية ديسمبر الماضي أو بتاريخ إعداد هذا التقرير تحديدا، حيث بلغ انخفاض المؤشر الوزني 41 في المئة منذ بداية العام بالمقارنة مع انخفاض المؤشر السعري بمعدل 36 في المئة، وقد بلغت تلك الفجوة ذروتها - على أساس شهري - نهاية سبتمبر الماضي حين كان بمقدار 11.5 نقطة مئوية.ويعني ذلك تقلص اختلال التوازن النسبي في أداء الأسهم الصغيرة والكبيرة منذ بداية العام حتى الآن، حيث كان الاتجاه لمصلحة الأسهم الصغيرة في ما مضى، وذلك إلى حين التدخل الحكومي في البورصة والمتمثل في شراء الأسهم التشغيلية التي هي كبيرة في معظمها.وبالرغم من كون المؤشر السعري قد انخفض بمعدل 37 في المئة بما يفوق انخفاض المؤشر الوزني الذي كان بمعدل 35 في المئة خلال الربع الرابع، فإن أداء المؤشر السعري كان أفضل من الوزني خلال ديسمبر الماضي، حيث انخفض بمعدل 5 في المئة في مقابل انخفاض «الوزني» بمعدل 7 في المئة، وقد صاحب التراجع في أسعار الأسهم لشهر ديسمبر 2008 انخفاض في متوسط التداول اليومي بمعدل 9 في المئة، حيث انخفض إلى 81.8 مليون د.ك في ديسمبر مقابل 89.6 مليون د.ك في نوفمبر 2008، وقد تسبب انكشاف الشركات الورقية إضافة إلى أزمة مديونيات بعض شركات الاستثمار في انخفاض مؤشرات التداول والأسعار، ناهيك عما يردده البعض من الامتعاض من تأخر الدولة في دعم البورصة من خلال الشراء المباشر للأسهم ودور ذلك في التأثير سلباً على نفسيات شريحة كبيرة من المتداولين، والذي أدى إلى انخفاض التداول إلى أرقام قياسية، حيث انخفض التداول بتاريخ 21/12/2008 إلى 26.7 مليون د.ك، والذي يقل بشكل حاد عن المتوسط اليومي لعام 2008 والبالغ 148.7 مليون د.ك، وقد تم إغفال تداول يوم الخميس الموافق 13/11/2008 والبالغ 23.6 مليون د.ك من اعتباره أقل يوم تداول، نظراً الى إيقاف التداول فيه خلال الجلسة بموجب حكم قضائي. تدخل الدولة وأزمة الثقة وعلى الرغم من احترامنا لوجهات النظر التي تقول بأهمية تدخل الدولة بشكل مباشر لدعم مستويات الأسعار في البورصة، فإننا نختلف مع وجهات النظر تلك، حيث إن التدخل بالطريقة التي تمت والتي ستتم ينطوي على عدة سلبيات، أهمها صرف النظر ولو مؤقتاً عن الأزمة الحقيقية للبورصة والمتمثلة في الفساد المتفشي بالشركات المدرجة ذاتها والأجهزة الحكومية المعنية بالبورصة وبعض المتداولين خاصة كبار المضاربين، ناهيك عن القصور التشريعي وموقف بعض الأجهزة الاعلامية - خاصة الصحف -من التعمد في تضليل المتداولين وخلق انطباع مُغاير للحقيقة، حيث تغذي وتعمق هذه المعطيات السلبية أزمة الثقة الراهنة في سوق المال، والتي لا تجدي معها مئات الملايين من الدنانير المتوقع ضخها في البورصة، فالحل الحقيقي لمشكلة البورصة هو الالتفات بجدية وحزم نحو حل أوجه القصور المرتبطة بها، والتي تم ذكر بعضها آنفا.ولا يستبعد أن تنعش الأموال السيادية حركة التداول وأن تعزز المستويات السعرية لكن لفترة مؤقتة جداً، بعد أن يتم استنفادها، مثلما حدث تماماً عندما تم استنفاد ما لا يقل عن 300 مليون د.ك من أموال الدولة خلال أكتوبر الماضي خلال أقل من ثلاثة أيام دون أي جدوى تُذكر، بل ان المؤشر السعري انخفض بمعدل 31 في المئة منذ التدخل الملحوظ لهيئة الاستثمار بتاريخ 12/10/2008 عبر الصناديق الاستثمارية حتى الآن.من جهة أخرى، فإن من المرجح وبقوة توفر استعداد كبير لدى شريحة كبيرة من كبار المستثمرين لانتهاز السيولة الحكومية في تسييل جزء من استثماراتهم في البورصة، وذلك على ضوء المؤشرات غير الإيجابية عن العام الحالي 2009، والذي ربما يدعو باقي المتداولين -خاصة صغارهم- الى التفكير جدياً في حذوهم حذو هؤلاء الكبار، وذلك من حيث تسييل جزء من استثماراتهم على الأقل، ومن ثم الانتظار والترقب لما ستؤول إليه الأمور خاصة بعد اكتمال اعلان النتائج عن عام 2008 والتوزيعات المصاحبة لها، والتي نتوقع أنها ستكون أقل من طموحات الكثيرين.إيقاف تداول سهم «الخليج»لقد كان إيقاف تداول سهم بنك الخليج اعتباراً من تاريخ 26/10/2008 موفقاً للغاية، وذلك بمبادرة من بنك الكويت المركزي، على خلفية علمه بخسائر البنك بالمشتقات المالية والاستثمارية، ولكن بعد إعلان حجم الخسائر بدقة وبشكل رسمي بتاريخ 19/11/2008، وأيضاً عقد الجمعية العمومية بتاريخ 2/12/2008، فإنه ليس هناك مبرر إطلاقاً لاستمرار وقف تداول سهم البنك حتى الآن، وذلك لعدة أسباب، منها أن وضع البنك أصبح واضحاً، كما ان هناك شريحة مهمة من المساهمين يسعون الى تسييل جزء أو كل استثماراتهم في البنك، وبالمقابل نتوقع وجود مستثمرين مستعدين للشراء على مستويات سعرية منطقية، حيث إن استمرار الإيقاف غير المبرر للسهم يكبد مساهمي البنك خسائر إضافية، نظراً الى استحقاق التزامات مالية على بعضهم كان من المفترض تمويلها من خلال تسييل بعض أو كل مساهمتهم في البنك. من جهة أخرى، فإن سعر إغلاق السهم بتاريخ 23/10/2008 -وهو آخر يوم تداول له والبالغ 950 فلساً - يعتبر غير منطقي وغير عادل لتقييم المحافظ والاستثمارات، خاصة أننا على أبواب تقييم الأسهم بمناسبة إعداد البيانات المالية لعام 2008، حيث لم يتأثر سعر السهم بعاملين جوهريين وهما: التسوية الخاصة بإعادة هيكلة رأس المال، وأيضاً تداعيات الخسائر التي تكبدها البنك، ناهيك عن تقييم سوق المال للإدارة الجديدة للبنك، حيث إن سعر 950 فلساً إذا تم اتخاذه أساساً لتقييم السهم سواء كاستثمار أو للرهونات، فإن ذلك يعتبر مضللا للغاية، وينبئ بتعقيدات وإشكالات جسيمة في المستقبل المنظور.ولعل السبب في استمرار وقف تداول السهم هو خشية المعنيين خاصة البنك المركزي من تدهور تقييم استثمارات بمئات الملايين من الدنانير، وكذلك مئات ملايين أخرى متعلقة بالرهونات، وانعكاس ذلك على سوق المال ومخصصات البنوك، وإن كان هذا هو سبب استمرار وقف تداول السهم حتى نهاية العام الحالي، فإن ذلك السبب غير منطقي وغير مبرر، حيث يعتبر ذلك تأجيلا قصير المدى للمشكلة وليس حلاً لها بكل تأكيد، فتداول السهم سيتم عاجلاً أو آجلاً وسينعكس سعره على الاستثمارات والرهونات المرتبطة، وبالتالي ستحدث المشكلة وربما بشكل أكبر، نظراً الى تأجيل الاعتراف بها في التوقيت الصحيح والمناسب.صفقة بنك بوبيان... اختراق وفي إطار الحديث عن البنوك، فقد قامت شركة دار الاستثمار ببيع حصتها في بنك بوبيان والبالغة 19 في المئة من رأسماله إلى البنك التجاري، وذلك وفقاً لتفاصيل معينة تم الاعلان عنها في حينه، وقد تمت الصفقة في السوق الرسمي بتاريخ 15/12/2008، بينما تم الإعلان عنها في اليوم التالي، ونظراً الى كون الكمية المباعة تزيد على 5 في المئة من رأسمال بنك بوبيان، فإن طريقة البيع التي تمت بها من خلال التداول الاعتيادي تعتبر مخالفة صريحة لإجراءات وقواعد بيع ما يساوي أو يزيد على 5 في المئة من رأسمال الشركات المدرجة.وعلى الرغم من حدوث تطورات جديدة بشأن بيع حصة «الدار» في بنك بوبيان، الذي أدى إلى إلغاء الصفقة والذي تم الإعلان عنه بتاريخ 24/12/2008، فإن عملية البيع كانت غير صحيحة وتعتبر مخالفة واضحة، حيث تعتبر إدارة سوق الكويت للأوراق المالية مسؤولة عنها بشكل مباشر، والذي يؤكد تقصير المعنيين بسوق المال، وهو ما يجني الاقتصاد الوطني تبعاته الكارثية، مما يؤكد حالة الفوضى في معظم مرافق الدولة بشكل عام، والذي يضعف -إن لم نقل: يعدم- التوقعات الايجابية الخاصة بالبورصة لعام 2009 على الأقل.هرطقة الدمج والاستحواذ!في خضم حالة تدهور البورصة، تتردد تصريحات وتحليلات بأن الفترة المقبلة أو العام الحالي مرشح لحدوث العديد من حالات الدمج والاستحواذ، وذلك كإحدى الوسائل للخروج من الأزمة الحالية أو التخفيف منها، ولا شك أن عمليات الدمج والسيطرة -أو الاستحواذ بالمصطلح الدارج - هي عمليات متعارف عليها ومفيدة إذا كانت مبنية على دراسة سليمة ومهنية، أما ما يتردد حالياً عن احتمالات الدمج والاستحواذ فإنها من قبيل الهرطقة والكلام الفارغ من وجهة نظرنا، كما أن بعض من يردد تلك المصطلحات لا يفقه معناها الحقيقي، حيث تصدر تلك التصريحات عن أناس غير مهنيين إن لم نقل مشبوهين، وذلك كونهم مسؤولين عن شركات ورقية ليس لها قيمة إطلاقا، سواء تم دمجها أو الاستحواذ عليها أو بقيت كما هي، حيث يجب أن يكون مصير تلك الشركات هو سلة المهملات، ويمكن ترديد اسمها لغرض السخرية والتندر لا أكثر، وليس على سبيل العمل الاقتصادي والمهني الذي يؤدي إلى نتائج إيجابية ونقلة نوعية في مسيرة الشركات المتعثرة والاقتصاد بشكل عام، ولا يعني كلامنا عن عمليات الدمج والاستحواذ استحالة تطبيقها في كل الحالات، حيث من الممكن أن تتوافر مستقبلا حالات تنطبق عليها تلك العمليات بشكل ناجح، مما يمثل قيمة مضافة، لكننا لا نرى في الوقت الحالي خطوات جدية وسليمة في هذا الاتجاه.
اقتصاد
الجمان: توقعات السوق في 2009 سلبية لغموض الوضع وتعدد المتغيرات 450 مليون دينار أرباح متوقعة للشركات في الربع الرابع
05-01-2009