مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، التي ستُجرى في يونيو المقبل، يسعى النظام الحاكم في طهران إلى تضييق الخناق على المنظمات الأجنبية والمحلية المناوئة له، بحجة الإخلال بالأنظمة العامة وبثّ أفكار مناهضة للثورة.

أعلن المجلس الثقافي البريطاني امس أنه علّق جميع نشاطاته في إيران، بسبب ما اعتبره «تهديد» السلطات الإيرانية لموظفيه، ورفضها منح البريطانيين منهم تأشيرات زيارة، وإرغام المحليين منهم على الاستقالة.

Ad

وذكر المجلس، المسؤول عن ترويج الثقافة البريطانية في الخارج، في بيان، أنه علّق عملياته في طهران بعد ثماني سنوات من بناء الروابط الثقافية والتعليمية بين الشعبين البريطاني والإيراني، وأضاف أن مكتب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد استدعى أغلبية الموظفين المحليين العاملين في المجلس، والبالغ عددهم 16 موظفاً، واقترح عليهم الاستقالة من مناصبهم في أعقاب مصادرة السلطات الإيرانية وثائق سفر اثنين من موظفي المجلس حاولا مغادرة البلاد لحضور اجتماع روتيني.

واعتبر الرئيس التنفيذي للمجلس البريطاني مارتين ديفيدسون أن الإجراءات الإيرانية «غير مقبولة ومُعَدّة للضغط على موظفينا، بهدف وقف عملنا الثقافي والتعليمي في البلاد»، وأضاف: «قررنا تعليق جميع نشاطاتنا الثقافية إلى أن يحين موعد استئنافها، وبشكل يكون فيه الموظفون قادرين على ممارسة عملهم من دون مضايقات وضغوط».

وأبدى ديفيدسون خيبة أمله مما اعتبره «خيار السلطات الإيرانية قطع الروابط الثقافية والتعليمية مع المملكة المتحدة»، وقال إنه «يترقب الفرصة لمناقشة اتفاق مع السلطات في طهران يسمح للمجلس البريطاني باستئناف عمله في إيران في المستقبل».

وفي السياق نفسه، اعلنت سفارة بريطانيا في ايران اسفها لتعليق نشاطات المركز الثقافي البريطاني في طهران، مبدية املها في معاودة نشاطات المركز قريباً.

وقالت الناطقة باسم القنصلية البريطانية ميترا بينهام مجتهدي إن «النشاطات الثقافية والتربوية للسفارة قد عُلِّقت، للأسف، نتيجة اجراءات اتخذتها السلطات الإيرانية».

خاتمي يترشّح

في غضون ذلك، أعلن الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي امس، استعداده لخوض الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في يونيو المقبل.

وذكرت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية شبه الرسمية أن خاتمي، الذي كان يتحدث لرؤساء المنظمات غير الحكومية، أكد أنه يعلن استعداده للمشاركة في الانتخابات الرئاسية وفاء بوعده الذي قطعه لأبناء الشعب الإيراني رغم عدم رغبته في ذلك.

وأعرب خاتمي عن أسفه لـ «عدم الاستفادة من الجيل الصاعد الذي يعتبر الرصيد العظيم، بالشكل الجدير به»، ووعد باستثمار طاقات هذه الشريحة الملتزمة والحيوية في مختلف المجالات.

«تعلّم المخاطبة»

من ناحيته، نصح الرئيس الايراني القوى الكبرى بأن «تتعلم كيف تخاطب الشعوب الاخرى باحترام» لتلقى آذاناً صاغية، واضاف: «نحن من انصار الحوار، نحن نستمع الى كلمات كل اولئك الذين يملكون في هذا العالم خطاباً عادلاً ومقترحات لتسوية قضايا العالم».

ورأى رئيس البرلمان الايراني علي لاريجاني، الذي يتوقع ان يشارك في نهاية هذا الاسبوع في مؤتمر ميونيخ الدولي للامن، أن «فشل الولايات المتحدة في لبنان والعراق يجسد نهاية القطب الواحد الأميركي».

يذكر أن نائب الرئيس الاميركي جوزف بايدن يشارك ايضاً في مؤتمر ميونيخ، غير انه ليس من المقرر عقد اي اجتماع مع الوفد الإيراني.

المحادثات مع واشنطن

وأكد كبير مستشاري الرئيس الإيراني مجتبي ثمره هاشمي امس، أن المحادثات مع الولايات المتحدة ستنجح اذا قبلت ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما حق طهران في الحصول على برنامج نووي.

وقال هاشمي في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، إنه «اذا تغيرت سياسة الولايات المتحدة فستتقرب الدولتان أكثر وستنجح فرص قيام حوار وتعاون».

وعن قيام ادارة اوباما بالاتصال بحكومة الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد مباشرةً او تخطيه للتواصل مع مرشد الجمهورية علي خامنئي، افاد هاشمي بأن «نظام القيادة موحد فلكل مسؤولياته، وعندما تتخذ الحكومة قراراً فإنه يكون قرار النظام كله».

وانتقد المستشار الإيراني سياسة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش في حل قضايا المنطقة، حيث «اراد بوش الوقوف في وجه ايران متحججاً بالبرنامج النووي»، واضاف أن ادارة الرئيس الأميركي السابق سعت الى تأجيل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن وقف اطلاق النار في حربيّ لبنان 2006 وغزّة 2008، مشيراً الى مواقفها المؤيدة لإسرائيل.

إلى ذلك، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني بيل راميل امس الأول، إن بلاده تعتقد أن أمام إيران بضع سنوات لامتلاك قدرات نووية، وان بريطانيا مستعدة للمضي قدماً وحدها لتشديد العقوبات إذا دعت الضرورة، وأضاف أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان «تقديرنا هو أن إيران يمكنها أن تكتسب قدرة نووية خلال سنوات وليس خلال عقود، وأعتقد أن العام القادم سيكون حاسماً».

استدعاء السفراء

على صعيد آخر، استدعت ايران السفراء الأوروبيين لديها للاحتجاج على قرار الاتحاد الاوروبي سحب «منظمة مجاهدي خلق»، أبرز حركات المعارضة الايرانية، من لائحة المنظمات الارهابية.

ونقلت الصحف الايرانية عن نائب وزير الخارجية الايراني مهدي صفري بعد استقباله الدبلوماسيين الاوروبيين، قوله إن قرار الاتحاد الأوروبي يجسد سياسة «الكيل بمكيالين، والنفاق في موقف الاوروبيين تجاه الارهاب»، واضاف ان قرار الاتحاد الأوروبي «دوافعه سياسية وهو غير مقبول».

(لندن - أ ف ب، أ ب، رويترز، كونا)