لم تكد الأزمة الاقتصادية تلقي بظلالها القاتمة على الوضع السياسي في البلاد، حتى تداخلت القضايا وتشابكت الملفات، وبرزت على السطح ملفات قديمة رأى نواب أن الوقت ملائم، بل ملائم جداً لطرحها وإثارتها بقوة، ولو من باب المساومة مع الحكومة. فما إن تردد الحديث عن نية الحكومة دعم شركات الاستثمار المتعثرة، حتى علا الصوت النيابي ملمحاً بموافقته على ذلك في مقابل إسقاط قروض المواطنين وشراء مديونياتهم، فيما رأى آخرون أن ربط الملفين يشكّل ملامح أزمة سياسية مقبلة. ورغم ما يتردد عن اتفاق نيابي ـ حكومي يحظى بتأييد أكثرية النواب حول شراء مديونيات المواطنين، فإن اجتماع لجنة المالية البرلمانية اليوم، الذي دعي الى حضوره سمو رئيس مجلس الوزراء ولجنة الإنقاذ الحكومية، والمخصص للبحث في الأزمة المالية، قد يتمخض عن اتفاق على تصورات معينة لمعالجة الوضع الاقتصادي. إذ قال مقرر اللجنة احمد لاري لـ«الجريدة» أن «ثمة معلومات بأن الحكومة أنجزت تصوراً بشأن معالجة الأزمة الاقتصادية، وهو ما نريد الإطلاع عليه». وأضاف لاري أن اللجنة ليس لديها جدول أعمال «إنما تريد أن تسمع من الحكومة ما لديها من مقترحات، إذ لم يعد ثمة مبر ر للتأخير في معالجة الوضع»، مشيرا الى ضرورة اتخاذ إجراءات تنفيذية سريعة «أمّا إذا احتاجت الحكومة الى تشريعات فعليها ان تحيل ما تريد الى المجلس ليتخذ قراره»، مؤكداً أن اللجنة ستدفع نحو التعجيل بالإجراءات الحكومية لمعالجة الأزمة وإحالة التشريعات المطلوبة بأسرع وقت الى المجلس. وبينما واصل النواب مطالبتهم بإسقاط قروض المواطنين، محذرين من تجاهل هذه القضية في معالجة الازمة الاقتصادية رأى النائب علي الراشد أن البعض يستغل هذه الأزمة «وبدلاً من أن يساهم بإنقاذ البلد من الكارثة الاقتصادية يدغدغ مشاعر بعض المدينين من أجل تحقيق مصالح انتخابية». وعملياً، قدم النائب عبدالله راعي الفحماء اقتراحاً بقانون جديد يدعو الدولة الى إسقاط مديونيات المواطنين وإعادة جدولتها عليهم دون فائدة. مطالباً أعضاء السلطتين بإقرار المُقترح، مؤكداً أن رفض الحكومة المقترح «يعد بداية تأزم العلاقة بين السلطتين ونهاية لكل الجهود التي تُبذل من أجل التعاون»، مشيراً الى أن معالجة الوضع الاقتصادي لن تتم بلا معالجة أوضاع المواطنين المقترضين. أمّا النائب محمد هايف فاعتبر أن «سياسة الحكومة الاقتصادية غير عادلة، وستكون هناك أخطاء وتجاوزات على المال العام إذا ما تم دعم الشركات المتعثرة بنحو ستة مليارات دينار في مقابل تجاهل الحكومة مديونيات المواطنين التي لا تتجاوز نحو ملياري دينار». وحذر النائب جمعان الحربش من خطورة تقديم حلول لأزمة الشركات الاستثمارية على حساب المال العام تحت ضغوط سياسية، فيما استغرب النائب عصام الدبوس التباطؤ الحكومي الشديد إزاء حل قضية قروض المواطنين الكويتيين، مشيرا الى ضرورة شراء المديونيات وإعادة جدولتها وإسقاط الفوائد. كذلك، طالب النائب ضيف الله أبورمية الحكومة بأن «تتخلص من عقدة عدم الإنصاف وتلتفت إلى مشاكل الشعب الكويتي المالية مثل التفاتها إلى المشاكل المالية لبعض التجار وبعض المضاربين بالبورصة والعمل على سرعة حلها». وأكد أنه لن يسكت أو يقف مكتوف الأيدي عندما تعطي الحكومة الشركات والتجار من المال العام لإنقاذهم وتترك المواطنين المهددين بالسجن، بسبب قضايا مالية، دون حل. ورأى النائب محمد العبيد أن الأزمة التي تمر بها الكويت تتطلب حلولاً استثنائية وتدخلاً حكومياً جاداً لإنقاذ الاقتصاد، داعياً وزير المالية الى «التحلي بالشجاعة والاعتذار لمن غرر بهم ويقتص الحق من نفسه».
آخر الأخبار
إسقاط القروض مقابل دعم الشركات المتعثرة...ملامح صفقة أم بوادر أزمة نيابية - حكومية؟
25-01-2009