علا صوت الحكومة أمس للرد على الاتهامات النيابية الموجهة لها بالتقصير في معالجة الأزمة المالية التي تتعرض لها البلاد، لا سيما على صعيد هبوط مؤشر البورصة، وأكدت على لسان وزير المالية مصطفى الشمالي «متانة الاقتصاد الكويتي وقوته خلال المرحلة الحالية»، في وقت لا يزال النواب يعيبون على الحكومة تقصيرها في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحل الأزمة، فيما لم يخرج اجتماع اللجنة المالية البرلمانية بحضور الحكومة بأي نتائج إيجابية.

Ad

وفي تصريح لـ«الجريدة» قال الشمالي إن «قوة اقتصادنا قادرة على مواجهة كافة الأزمات التي تتعرض لها البلاد من الناحية المالية والمصرفية». وأضاف أن «أزمة البورصة عارضة، وليست الكويت فقط المعنية بها أو سوق الكويت للأوراق المالية المتضرر الوحيد، إنما كل بورصات المنطقة والعالم تعاني الأوضاع ذاتها»، مشيراً الى أن الحكومة «لديها من القدرات ما تستطيع من خلالها معالجة الأوضاع المالية الحالية، خصوصاً بعد أن يقدم البنك المركزي آلية علاج أزمة البورصة».

وذكر أن الحكومة «تثق بالاقتصاد الكويتي وبجهاتها المالية المعنية بعلاج أزمة البورصة والتي ستعود بها الى المؤشر الأخضر قربياً». وشدد على أن «لا يد للحكومة في الأزمة المالية الراهنة وهي لا تخص الكويت وحدها»، نافياً أن يكون الاقتصاد الكويتي متردياً، كما يدعي البعض «بل بنيته القوية تؤهله لعلاج أي أزمات مالية».

وكشف الشمالي أن الحكومة ممثلة بوزارة المالية والبنك المركزي «تعمل بآلية فنية ومحاسبية مدروسة جداً من أجل بث الثقة في الاقتصاد الوطني وتجاوز الآثار السبلبية لانعكاسات الأزمة المالية العالمية على البلاد»، معلناً أن الحكومة ستدعم الاقتصاد الوطني بكل ما تملك، سواء من خلال الأدوات التنفيذية أو التشريعية التي من شأنها استقرار الاقتصاد الوطني والبورصة.

وأوضح ان اجتماعه ووزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون مجلس الامة أحمد باقر باللجنة المالية البرلمانية «كان مثمراً ووضعت الحكومة خلاله النقاط على الحروف في ما يتعلق بالأزمة الحالية للبورصة»، موضحاً أن الحكومة استمعت لاقتراحات النواب حول حلول الأزمة «لكن ليس بالضرورة الأخذ بها كلها، نظراً لوجود جهات اختصاص متخصصة في علاج الأزمة».

وأشار الشمالي الى أن اجتماع مجلس الوزاء اليوم وتقديم محافظ البنك المركزي الشيخ سالم الصباح تقريره «سيكونان نقطة مهمة على صعيد حل أزمة البورصة الحالية وتوفير كافة الأطر القانونية والتنفيذية والتشريعية من أجل ثبات البورصة وتنمية الاقتصاد الوطني».

وختم الشمالي بدعوة النواب الى التعاون مع الحكومة وعدم التلويح باستخدام الأدوات الدستورية باكراً لا سيما انه لم يمض إلا فترة قليلة على عمل الحكومة، ولا بد أن تمنح الفترة الكافية للعمل والإنجاز».

وفي الجانب النيابي، لم يقدم اجتماع اللجنة المالية البرلمانية جديداً بشأن معالجة الأزمة المالية المتفاقمة بعدما حضرت الحكومة بتصور أثار حفيظة بعض النواب، لخلوه من أي تشريعات أو إجراءات واضحة في التعامل مع الأزمة. في حين توقعت مصادر برلمانية أن تكون جلسة مجلس الأمة غداً الثلاثاء بروفة لاستجواب وزير المالية الذي انفتحت أمامه ملفات عدة.

وكشفت مصادر نيابية لـ«الجريدة» أن اجتماع اللجنة كان عبارة عن نقاش عام حول القضية من دون الدخول في تفاصيل المعالجة الفعلية لعدم تقديم الحكومة أي قوانين أو إجراءات من شأنها الحد من التدهور الحاصل في سوق الأوراق المالية. وشهد الاجتماع انسحاب النائب مرزوق الغانم بعد جدل مع الوزير الشمالي، إذ طلب الغانم أن تحضر الحكومة اجتماعا للجنة غداً الثلاثاء لتقدم 4 قوانين تتعلق بتعديل قانون الشركات التجارية بما يتيح للحكومة إقراض الشركات، وقانون آخر يتعلق بأدوات الدين العام بما يمكّن الحكومة من إصدار سندات عامة، وقانون الصكوك، وقانون رابع يسمح لشركات الاستثمار بإصدار سندات. وعندها رد الوزير الشمالي بأنه «لا يمكننا أن نوفي بذلك خلال هذه المهلة»، فانسحب المرزوق قائلا: «هذا يعبر عن عدم جدية الحكومة ودليل على تقاعسها حيال الأزمة».

وفي سياق متصل، ذكرت المصادر أن النائب أحمد السعدون قال في الاجتماع إن «كتلة العمل الشعبي لا تمانع في إصدار قانون لمعالجة أوضاع الشركات الاستثمارية المتعثرة ولكن بشرط تحديد أسماء الشركات التي سيتم دعمها، مع ذكر المركز المالي لكل شركة على حدة ونشاطها وبياناتها المالية، وسنبحث حقيقة تلك الشركات ومركزها، ودون ذلك فهو مرفوض وسنتصدى له». وقالت المصادر إن الحكومة ردت على الانتقادات التي وجهت لها بعدم تقديم مشاريع بقوانين بأنها طلبت تأجيل عقد اجتماع اللجنة الى حين الانتهاء من اعتماد المقترحات المطروحة لمعالجة القضية، إلّا أن اللجنة أصرت على عقد الاجتماع في موعده. وأشارت الى أن المقترحات الحكومية ستعرض في اجتماع مجلس الوزراء اليوم، وفي حال تمت الموافقة عليها سيتم تقديمها الى المجلس لمناقشتها والتصويت عليها.

وذكرت المصادر أن غالبية النواب الذين حضروا اجتماع اللجنة شاركوا في النقاش وعبروا عن آرائهم بشأن كيفية الخروج من الأزمة والمعالجات المناسبة لهذه القضية، كما أن بعض النواب طرحوا قضية قروض المواطنين وشددوا على ضرورة أن تشمل أي معالجة لأزمة شركات الاستثمار مديونيات المواطنين على البنوك وشركات التمويل.

وبينما كشف وزير التجارة والصناعة أحمد باقر عن وجود تباين في وجهات النظر خلال الاجتماع، كشف عن مشروع تم إنجازه لمعالجة الأزمة سيعرض على مجلس الوزراء في اجتماعه اليوم، فيما أكد رئيس اللجنة المالية عبدالواحد العوضي أن الأزمة المالية بحاجة لحزمة قوانين، كتعديل قانون البنك المركزي وقوانين جديدة تعطي أسساً ومعايير لطلب الإفلاس الذي يسمى «تشابتر إلفن». ورأى النائب صالح عاشور أن «الوضع المالي جيد بشهادة الحكومة من خلال البيانات التي قدمتها للنواب»، مشيراً الى أن هناك «متنفذين وأصحاب شركات لديهم مشاكل مالية ويريدون استغلال المال العام لإنقاذ شركاتهم بضغط سياسي بحجة إنقاذ الاقتصاد».

الى ذلك، عاب رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي على الحكومة «البطء في اتخاذ إجراءاتها»، لافتاً الى أنه أوصل هذه الرسالة الى ذوي الشأن. مشدداً على ضرورة «الاستعجال في معالجة الأوضاع الاقتصادية بطريقة جذرية وعدم تركها بهذه الطريقة، حتى لا تزداد الأعباء في المعالجة».

وأعلن النائب محمد العبدالجادر أنه تم جمع تواقيع 15 نائباً لجلسة خاصة لتشريع القوانين الضرورية لحل الأزمة الاقتصادية. وقال: «لن نعطي الحكومة الفرصة لأن تكون الجلسة هايدبارك أو فش خلق بل ستكون لإنجاز القوانين والتشريعات، وسيتم إعلان موعد هذه الجلسة». في حين حذّر النائب حسن جوهر من «استغلال الأزمة المالية وتحويلها إلى جبهة مواجهة بين أبناء المجتمع الكويتي، من خلال التسويق لحلول جزئية تخدم مصالح فئوية على حساب الاموال العامة».

وبينما أبدى النائب ناصر الدويلة استياءه الشديد من عدم تقديم الحكومة تصورها المنتظر لحل الأزمة «التي تعصف بالبلد»، قال النائب خالد السلطان أن الوضع الاقتصادي «يمر بمرحلة خطيرة ستكون نتائجها مدمرة»، محملاً الحكومة مسؤولية هذا الانهيار.

ولم يعف النائب محمد المطير النواب من مسؤولية تفاقم الأزمة المالية، إذ قال إن «نواباً والحكومة يتحملون تداعيات الأزمة المالية الخانقة التي يمر بها الاقتصاد الكويتي» على اعتبار أنهم كانوا وراء إفشال محاولاته السابقة تقديم طلب عقد جلسة خاصة لمناقشة الأوضاع المتدهورة في البورصة ومناقشة الأزمة الاقتصادية.

وتقدم النائب عسكر العنزي باقتراح بقانون يقضي بسجن من يروجون الإشاعات بالبورصة بالحبس مدة سنتين، وتغريمهم 10 الاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، فيما أعلن النائب ضيف الله أبورمية أنه سوف يجمع تواقيع نواب على هامش جلسة مجلس الأمة غداً، لتحديد جلسة لمناقشة مشروع إسقاط القروض الذي تقدم به في الأسبوع الماضي.