يعلم سمو الشيخ ناصر المحمد مقدار محبتنا له، وتقديرنا لشخصه، لكن ذلك لا يمنعنا من أن نوجه إليه النقد حين نرى أن مصلحة البلاد تتطلب التصحيح، وفي هذا الوقت بالذات، فمنذ أن تولى الشيخ ناصر مسؤولية رئاسة الوزراء حرصت القوى الوطنية بتياراتها وكتَلها المختلفة على دعمه ومؤازرته في تبني الإصلاح الشامل، سياسياً واقتصادياً وإدارياً، وحظي بدعم غير مسبوق رغم الاستجوابات التي شهدتها حكوماته المتعاقبة. لكن ما نشهده وما نلاحظه لا يبشر بالخير، ولا يؤكد المضي في طريق الاصلاح، إذ تصادمت الأقوال بالأفعال، وأصبحنا نسمع قولاً ونرى فعلاً يناقضه، وهو أمر يضع مصداقية الحكومة ورئاستها عند مفترق طرق. نحن ندرك حجم الضغوط التي يتعرض لها رئيس الحكومة، ونفهم جيداً حجم الحساسية والخصوصية لطبيعة تداخل العلاقات الاجتماعية الأسرية بالعمل السياسي الحكومي، ونعرف مثلما يعرف كثيرون أن سمو الشيخ ناصر يحمل أعباء تلك الخصوصية والحساسية أكثر من غيره... لكننا في المقابل نعرف أيضاً أنه من يتحمل المسؤولية، وأنه المؤتمن على أداء الدولة عبر سلطتها التنفيذية، وأن أي تقصير أو مخالفة لشعار الإصلاح أمر يتحمل تبعاته وتداعياته هو نفسه أولاً، وأعضاء حكومته من بعده. قلنا وكتبنا وردَّدنا بأن الشيخ ناصر يتعرض لحملة من داخل الأسرة وحلف يؤازرها من الخارج، سواء في البرلمان أو في الشارعين السياسي والاعلامي، ودافعنا عن المشروع الاصلاحي الذي نادى وينادي به، لكن مجريات الأحداث أثبتت أن رئيس الحكومة بات ضحية لنفسه أكثر مما هو ضحية للتجاذبات السياسية داخل الأسرة وخارجها... رئيس الحكومة أخرج نفسه من تلك الدائرة معتمداً ومتكئاً على المدافعين عنه أكثر مما يقف - هو- مدافعاً عن نفسه بممارسة دوره في الحزم وتطبيق القانون. فدفعُ النواب أو غيرهم لإلغاء القرارات غير الشعبية من خلال البرلمان أو حثهم على اللجوء إلى رموز القيادة لإيقاف تلك الاجراءات، هو تفلُّت من المسؤولية غير مقبول. ولنا في القرارات الخاصة بإزالة التعديات على أملاك الدولة خير دليل وأنصع برهان. في الآونة الأخيرة، أصبح كل من يلوِّح باستجواب رئيس الحكومة أو أي من وزرائها، هو المستفيد، وهو الذي يحصل على مبتغاه... وجنح سمو الشيخ ناصر إلى أسلوب الهدوء وتسيير الأمور بإرضاء الجميع، وتلك غاية لا تحققها أي حكومة على هذه الأرض؛ فالرضا الحقيقي هو العدالة بتطبيق القانون على الجميع، والحزم في التطبيق، وهي واجبات من يتحمل المسؤولية. لقد حظي الشيخ ناصر بثقة سمو الأمير وكبار رجالات الأسرة ورموزها مثلما حظي بدعم ومؤازرة القوى والتيارات الوطنية، وتلك مقومات للقوة وليست عناصر ضعف... تلك أعمدة من الطمأنينة والثقة التي يجب أن تكون دعماً وتدعيما لأداء سمو الشيخ ناصر، وليس إخلالا بأطروحاته ومشاريعه الإصلاحية. فإن كان الشيخ ناصر غير قادر على التعاون مع مجلس الأمة، فليعلنها صراحة، وليدع القرار لصاحب القرار في حل مشكلة البلد. وإن لم يكن كذلك، فليس مطلوباً منه أكثر من أن يتصرف كرئيس لحكومة شعارها الإصلاح... وليس لحكومة عنوانها الاصلاح وطريقها الحقيقي يؤكد أننا «لا طبنا... ولا غدى الشر»، وأن شيئا لم يتغير، وأن مؤسسة الفساد هي الأقوى، وتغييب القانون هو السائد. ... نقولها بكل صدق وصراحة لسمو الشيخ ناصر: مارس دورك من خلال ما اؤتمنت عليه. وكلما مارست دورك وأكدت سيادة القانون على الجميع زاد مؤيدوك وضعف محاربوك. وكلما كنت كذلك صار السد المنيع في الدفاع عنك أكثر رسوخاً وأقوى بناء، لأنه في نهاية الأمر لا يصح غير الصحيح. الجريدة
أخبار الأولى
افتتاحية: مارس دورك يا سمو الرئيس
11-03-2008