قدمت فرقة المسرح الكويتي عرضها المشارك في مهرجان أيام الشباب (4) في فناء مقر الفرقة، وهو بعنوان «وسمية تخرج من البحر»، للأديبة ليلى العثمان، إعداد وإخراج نصار النصار.

Ad

النص عن رواية تحمل الاسم نفسه، وقد اختيرت في عام 1999 بين أفضل مائة وخمس روايات عربية، حاصلة على المركز 55، وترتيبها الثالث على مستوى الخليج، ضمن قائمة أصدرها اتحاد الكتاب العرب بدمشق لأفضل أعمال القرن العشرين.

المؤلفة ليلى العثمان تعتبر من أبرز كتاب القصة في الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي، انطلقت في هذا العالم منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، لها الكثير من المجاميع القصصية منها: امرأة في إناء 1977 (التي ثبتت أقدامها في الساحة القصصية)، الرحيل 1979، في الليل تأتي العيون 1983، الحب له صور 1984، المرأة والقطة (رواية) 1985، وسمية تخرج من البحر (رواية) 1986، فتحية تختار موتها 1987، حالة حب مجنونة 1992، 55 حكاية حب (مجموعة حكايات) 1992، الحواجز السوداء 1994.

المخرج عبدالعزيز الحداد تعامل مع روايتها «وسمية تخرج من البحر» وحولها إلى سهرة تلفزيونية درامية عام 1996 لعب بطولتها الفنانة القديرة سعاد عبدالله والفنان خالد أمين، وشاركت في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون في العام نفسه.

تم تكريمها أخيراً في المهرجان الثقافي الخليجي الأول في إمارة الشارقة.

نص العرض يتناول قصة حب عذري لفتى اسمه عبدالله من أسرة فقيرة، والفتاة وسمية وهي من عائلة غنية، يولد حبهما منذ الصغر ويتطور في الكبر، ويصبح وطيداً، بيد أن الفارق الاجتماعي يقف عائقاً فهي بنت العائلة الأصيلة وهو ابن الفقر ابن مريومة الدلالة، البحر هو مكان تواعدهما، مع أعذب النسمات وهدير البحر الجميل الذي يشعل رومانسية حبهما العذري، يتفقان على الموعد بعد غيبة طويلة، والمكان هو شاطئ البحر، بعد صلاة العشاء، حيث ينام الجميع، فتسنح لهما فرصة الالتقاء والحديث وسرد الذكريات الجميلة والتعبير عن مكنوناتهما من حب وألم البعاد، يأتي رجلان من بعيد يمثلان الأمن أو الشرطة، فتختبئ وسمية في البحر ويبقى عبدالله وحيداً مع الرجلين ويمنعانه من المكوث في موقع البحر، وبرحيلهما يعود إلى محبوبته في البحر، فلم يجد منها سوى عباءتها، لقد غرقت، فيصبح كالمجنون لا يدري ماذا يفعل لقد فقد قلبه النابض بالحب، وأخيراً يذهب إلى والدته حاملاً عباءة وسمية.

هناك معضلة نلحظها في كل المهرجانات التي نجد فيها لجوء المخرج إلى الإعداد المسرحي، فلابد من الوقوف عند هذا الموضوع، خصوصا إذا ما أراد المعد أن يمسرح النص الروائي، يجب أن يفهم المغزى الحقيقي للرواية، وأن يعرف المعد أصول كتابة الرواية، وطبيعة قراءة الرواية وما بين السطور، فهو يتعامل مع نص أدبي وليس درامياً، فالنص الأدبي يحتاج إلى بحث في بناء الكلمة ومعناها اللفظي ومكانها في الجملة والبنية الخاصة في اللغة، أي أسرارها ودلالاتها، على اعتبار الكلمة في الجملة الأدبية لها معان أخرى عكس العبارات في النصوص العادية، النص الأدبي يتمتع بالاختزال وقراءة مستويين له هما الظاهري والباطني، لذا ينبغي أن يكون الكاتب المسرحي مثقفاً، ويتعرف على ماهية المؤلف الأصلي، وما نصوصه الأدبية، وما موقع ما اختاره بين النصوص الأخرى، وهذا يتطلب المزيد من الوقت.

إذا اختار برتولد بريشت «الأم شجاعة» لمكسيم جوركي، فقد تعامل درامياً مع شخصية الأم، وهنا يتحمل مسؤوليتها الكاتب في اختياره لجزئية من النص.

إن إعداد النصوص من وسط معين إلى آخر مختلف لا يتفق معه في البناء الدرامي وأساليب العرض، مثل تحويل قصة قصيرة إلى فيلم سينمائي، فلا تتقاطع مقومات العمل الأول مع آخر، كمادة لتطويعها وليس النقل الحرفي، ويجب أن يتحمل مسؤوليته تجاه ما قام به من تغيير الشخصيات، ويكتب على النص اسم الرواية الأصلية، مشيراً الى التغييرات التي طرأت عليها.

بالتأكيد هناك رؤية جديدة قائمة على أصول فن الكتابة المسرحية سواء كان كلاسيكياً أو رمزياً أو عبثياً، فما هي أمانة الكاتب تجاه الرواية وإزاء الكاتب؟ أن ينقل فكره على شكل مسرحي، وأن يأخذ المغزى الحقيقي من الرواية حسب ما فهمه من قراءاته المتعددة لها، ولا بأس من مقابلة شخصية لصاحب الرواية، لمعرفة آرائه الخاصة وبعض الكلمات التي لم تفهم، فهذه المقابلة ستفتح آفاقاً للكاتب المسرحي.

وإذا أراد أن يقدم فكرة مغايرة للمؤلف الأصلي، يجب هنا أن يشير الى أن الإعداد مختلف، ولابد أن يذكر أنه من وحي الرواية، ويقدم رأيه بالطريقة التي تحترم فكر وفلسفة كاتب الرواية من دون تشويه.

وهناك حرية للكاتب في اختيار أزمنته وتنوع الأحداث وأماكنها، وانتقاء الشخصيات، وإضافة شخصيات أخرى، وحريته أيضاً في بناء درامي جديد، وقد يكون العمل الأصلي تراجيدياً فيقدمه على هيئة كوميديا، أو ميلودراميا ويعرضه بشكل فارس، أو أن يكون النص الأصلي في عصر واحد من العصور، ويقوم الكاتب بمزج أكثر من عصر في نصه المسرحي، لذا فإن حرية الكاتب وحلوله الدرامية تبقى حاضرة في النص المسرحي الجديد.

ونقول هنا ان السرد يجب معالجته لفعل درامي، وبعد هذا الشرح المستفيض لماذا أقحم المعد شخصية الراوي في إعداده؟ فهي تقدم قراءة سردية للنص!

نأتي إلى العملية الإخراجية التي تحتوي على السلبيات والايجابيات، فمن سلبيات العمل هو الإظلام التام الذي جعلنا مغيبين عن الصورة، إذ إن الصوت بمفرده هو تمثيل إذاعي، وجزئية أخرى تكمن في الإضاءة أيضاً، حيث احتاج موقع البحر إلى اللون الأزرق بصورة متواصلة، إضافة إلى عدم استخدام مؤثر صوتي لهدير أمواج البحر أو صوت الطيور، شخصية الراوي التي أقحمت فلو حذفت لن تؤثر في مجريات الأحداث، كما أن التمثيل الذي حدث في المقدمة لم نره.

ومن الأمور الايجابية استغلال المخرج لكل قطع الديكور، وتحريكه لشخصيتي عبدالله ووسمية في أماكن متنوعة من فضاء العرض، والفرقة الموسيقية الحية والغناء المباشر الرائع الذي جسد أجواء البحر والعلاقة بين الإنسان الكويتي قديماً والبحر، فهو ملاذه في تلك الفترة، لقد أضفى العزف والغناء جمالية خاصة في الإيقاع البحري الكامن في الطبل والمرواس، والنهمة، والفن الشبيثي من خلال «لي خليل حسين يعجب الناظرين»، وموسيقى رائعة لسامرية عبدالله فضالة «الا يا أهل الهوى واعز تالي، عديل الروح مكن في صوابه، عشيري بالمحبة سم حالي، وانا واحسرتي قلبي عذابه».

كذلك استخدام الصورة السينمائية كحل إخراجي للتغلب على معضلة موقع العرض، وادماج المتلقين بصورة الكويت القديمة من بيوت طين والفريج والبحر وما طرأ عليها من طمس للماضي العبق بالأصالة والتراث، وتحويلها إلى بيوت حديثة واختفاء جزء كبير من الشواطئ بسبب المشروعات الجديدة.

وكان هناك تميز واضح للممثل حمد أشكناني في أداء شخصية عبدالله، والممثلة ياسمين كوجه نسائي جديد للساحة.

وعلى الرغم من الهنات وبعض المواقف ذات الإيقاع البطيء إلا أن العرض كان جميلاً في مضمونه.

طاقم العمل: الممثلون: حمد اشكناني، منامة الحشاش، أريج العطار، زينب دشتي، عبد الوهاب الموسوي.

ديكور صادق الموسوي، ازياء سارة فايق العياضي، المخرج المساعد خديجة ناصر، مساعدة مخرج مشاعل السميط، الفرقة الموسيقية: علي النصار، مشاري الغانم، عبدالله البلوشي، خالد البلوشي، حامد النصار.