تمكنت السلطات الأمنية أمس من إلقاء القبض على المتهم بتهديد النائب علي الراشد بالقتل بـ«سبع رصاصات»، على خلفية تقديمه اقتراح قانون بإلغاء منع الاختلاط، في وقت أكد الراشد أن تهديده بالقتل لن يثنيه عن مواصلة خطواته ومنهجه المدافع عن الحريات.

Ad

وبرز في الأوساط النيابية تباين بشأن اقتراح نواب التحالف الوطني الديمقراطي بإلغاء منع الاختلاط. إذ أعلن عدد من النواب الإسلاميين رفضهم القاطع للاقتراح.

وبينما قال النائب دعيج الشمري إن الدين والعادات والتقاليد تحتم ضرورة فصل الطلاب والطالبات، توقّع النائب خضير العنزي ألّا يحظى الاقتراح بموافقة مجلس الأمة، مؤكداً أن النواب الإسلاميين سيسعون إلى إسقاطه، ورأى أن «من دوافع تقديم هذا القانون انشقاق التيار الليبرالي».

في موازاة ذلك، أكد النائب محمد الصقر أن الاقتراح الذي تقدم به وزميليه الراشد وفيصل الشايع «من شأنه أن يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح»، مبيناً أنه «أقرب إلى الواقع الذي يعيشه الطلاب والطالبات بعد تخرجهم في الجامعات»، رافضاً المزايدة الدينية في هذه القضية «والتي تذكّر بما حصل في قضية منح المرأة حقوقها السياسية، إذ أصر البعض على تأكيد أنهم أفهم بالدين من غيرهم في العالم الإسلامي». وتساءل عن مستقبل منع الاختلاط «هل سيمنعونه في الأسواق والمجمعات التجارية والشواطئ وغيرها من الأماكن التي يرتادها الناس؟».

وتطرق الصقر الى مثالب منع الاختلاط «إذ يجبر الدولة على تقسيم ميزانية التعليم العالي حتى توفر ضعف عدد المدرسين، فضلا عن ضعف المباني وضعف الهيئة الإدارية، ما ينعكس سلبا على مستوى التعليم في البلاد».

وعلى صعيد المجتمع المدني، أيد عدد كبير من النخبة الثقافية مقترح التكتل الوطني بإلغاء قانون منع الاختلاط، ورأوا أن تطبيقه «أدى الى مشكلات اجتماعية واقتصادية غير قليلة».

وفي حين لاحظت رئيسة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية شيخة النصف أن «هناك العديد من القوانين التي تقيد الحريات وتخالف الدستور، ومن بينها قانون منع الاختلاط»، أكد وزير النفط السابق المحامي علي البغلي أن التجربة أثبتت أن القانون «عبثي وعاجز عن تأدية الغرض الذي شرع من أجله»، بينما أشادت الناشطة السياسية إقبال العيسى باقتراح التحالف الوطني، مؤكدة أنه يثبت أن الكويت «تخطو فعليا نحو الأمام للحفاظ على ما تبقى لنا من حريات»، مشيرة الى أن تهديد الراشد بالقتل «أداة جديدة لاختطاف المجتمع الكويتي ونقله خطوة الى الوراء».

كذلك، نبه أستاذ الاجتماع السياسي في جامعة الكويت الدكتور علي الزعبي إلى أن سوق العمل لا يفرق بين ذكر وأنثى «فخريجو الجامعة يخوضون غمار سوق العمل الذي لا يعرف ما يسمى بمنع الاختلاط، وهو ما يجب أن يطبق أيضا داخل الحرم الجامعي». كما اعتبر الأديب الدكتور خليفة الوقيان الاقتراح بإلغاء منع الاختلاط «تصحيحا لخطأ تاريخي».

الى ذلك، أعلن وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد إلقاء القبض على المتهم في قضية تهديد النائب الراشد بالقتل، على خلفية تقديمه مشروع قانون إلغاء «منع الاختلاط».

وقال الخالد، في تصريح صحافي لـ«الجريدة» مساء أمس، إن «الإدارة العامة للمباحث الجنائية تتبعت الاتصالات الهاتفية الى أن توصلت الى المشتبه فيه»، مشيدا بجهود رجال الداخلية وإنجازهم مهمة ضبط المتهم بهذه السرعة القياسية، قائلا «نتمنى من الله أن يطرح البركة بأبنائنا رجال الامن الذين يسهرون على راحتنا، فأنا فخور بهم ولهم مني كل التقدير». وأشار الى أن التحقيقات جارية مع المتهم لحين إكمال ملف القضية وإحالته الى القضاء.

على الصعيد ذاته، علمت «الجريدة» من مصادر أمنية أن المتهم «يدعى سعود الجمران، في العقد السادس من عمره، متقاعد من وزارة الإعلام، ويقطن في منطقة الصليبخات، وأجرى اتصال التهديد بالقتل أثناء وجوده في ديوانيته وبحضور روّادها، من هاتف سائقه الآسيوي». وأضافت المصادر أن الداخلية ستستدعي بعض الشهود للتحقيق».

وذكرت المصادر أن رجال البحث والتحري توصلوا الى معلومات مفادها أن للمتهم سوابق أمنية وتحديدا في قضايا تهديد بالقتل. وأشارت الى أن رجال الأمن يتحفظون عليه لمزيد من التحقيقات لمعرفة الدوافع الحقيقية للتهديد، بغرض إقفال باب القضية نهائياً وإحالتها إلى الجهات المختصة.

وعن كيفية إلقاء القبض على المتهم، أفادت المصادر بضبطه في منطقة الفروانية عصر أمس، «بناء على معلومات مصادر المباحث الجنائية، إذ تم عمل كمين وألقي القبض عليه وأحيل على الفور الى إدارة المباحث الجنائية، وهناك اعترف بتهديده النائب علي الراشد».

وفي سياق متصل، أبلغ مصدر حكومي رفيع المستوى «الجريدة» أمس أن «الحكومة تقف عاجزة عن تنفيذ منع الاختلاط كاملا في المدارس الخاصة وجامعة الكويت والجامعات الخاصة الأخرى والكليات والمعاهد التطبيقية، نظرا إلى الكلفة الباهظة لتنفيذ الفصل الكامل بين الطلاب والطالبات».

وأكد المصدر أن ما تقوم به الحكومة حاليا «ما هو إلّا حلول ترقيعية في بعض المباني الجامعية والمعاهد التطبيقية لتجنّب التصادم مع مجلس الأمة»، مشيرا الى استحالة تطبيق منع الاختلاط كاملا في الوقت الحالي «لعدم توافر مبان جاهزة تفصل الطلاب عن الطالبات، فضلا عن عدم جاهزية الحكومة لمثل هذا الامر، إضافة الى العقبتين الكبيرتين أمام تنفيذ هذا المشروع كاملا، وهما الكلفة التقديرية الباهظة لإنشاء جامعات وكليات معاهد تطبيقية وتدريبية للطلاب وأخرى للطالبات، والمدة الزمنية الطويلة لتنفيذ مثل هذه المشاريع الجبارة، التي تحتاج الى جهد كبير وعمالة اضافية، وإيجاد الأماكن المناسبة لإقامة مثل هذه الجامعات والمعاهد».