لجأت مجموعة من أعضاء هيئة التدريس الوافدين في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب إلى القضاء الإداري الكويتي، لعدم إنصاف الهيئة إياهم في ما يتعلق بصرف مرتباتهم على مدى الأشهر الخمسة الماضية، في مخالفة صريحة لبنود العقد المبرم معهم، وكذلك لوضع الهيئة إياهم على بند المكافآت لما يحمله هذا البند من إجحاف بحقوقهم.

Ad

يتجرع ثلاثة وعشرون عضوا في الهيئة التدريسية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب من الوافدين كأسا مريرة من التعامل غير المنصف من قبل الهيئة متمثل في حرمانهم من الراتب منذ سبتمبر 2007 وحتى الآن، الامر الذي يضعهم في موقف حرج نظرا إلى متطلبات الحياة والغلاء الذي تفشى في كل المناحي ولا سيما أنهم أفنوا حياتهم في تعليم ابناء هذا الوطن وتربى على ايديهم العديد من الأساتذة الحاليين وكذلك الوزراء، حيث قضى بعضهم 25 عاما في التدريس بالكويت، فاضطر تسعة منهم إلى اللجوء الى القضاء الاداري لعدم وضع الهيئة حلا جذريا لمشكلتهم الاساسية في ما بينها وبين ديوان الخدمة المدنية وهي المشكلة التي يدفع ثمنها الاساتذة الذين رفضوا الانقطاع عن التدريس بعلم الهيئة، علما بأن الهيئة سلمتهم خطابا «لمن يهمه الامر» بعد انتهاء الفصل الماضي قبيل إجازة صيف 2006 حيث حجزت الهيئة لهم تذاكر الذهاب والاياب وهي لا تفعل ذلك إلا مع الأساتذة المجددة عقودهم، وقد ادرجوا في جداول الفصل الحالي وانتظم جميعهم في العملية التعليمية وقد فوجئوا بعدم تقاضيهم الرواتب منذ شهر سبتمبر، وعند سؤالهم كانت الحجة في ذلك وصولهم إلى السن القانونية وهي 65 عاما التي رفع سقفها الى 70 سنة -في بعض الهيئات مثل جامعة الكويت- في 14مارس 1999، بقرار من مجلس ادارة الهيئة، وسارت به منذ ذلك الوقت.

فصل تعسفي

ومما يحسب لهم أنهم لم يلجأوا إلى القضاء مباشرة حيث توجهوا بداية إلى مدير عام الهيئة د. يعقوب الرفاعي الذي قرر أن يستبدل هؤلاء الأساتذة الذين أفنوا شبابهم في خدمة الكويت بعقدهم نظاما غريبا يتضمن بندين اولهما العمل بالمكافأة الشهرية التي كان يتقاضاها الأستاذ قبل بلوغه السن القانونية (ويعني به الخامسة والستين)، والآخر أن يتم الصرف على «بند المكافآت» ومقتضى هذا أن لا أجر على جميع الإجازات بما فيها العطلة الصيفية وألا مقابل للساعات الزائدة علما بأنهم منتظمون في الجداول الدراسية للفصل الدراسي الاول 2008/2007 ولا يعد ذلك الا فصلا تعسفيا لأنهم لم يخطروا بذلك من قبل، كما طالبوا بمقابلة رئيس ديوان الخدمة المدنية تاركين خطابا له حيث لم تتسن لهم مقابلته وقاموا بالتصرف نفسه مع الوزيرة الصبيح.

قرارات مملاة

وقد عبر رئيس رابطة اعضاء هيئة التدريس في الهيئة العامه للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتور فيصل الحمد في حديث خاص لـ«الجريدة» عن استيائه لتعرض اساتذة الهيئة الاجلاء لهذا الوضع المخزي، والذين سيمثل تركهم للهيئة فراغا كبيرا خصوصا ان تسعة منهم في قسم العلوم، والهيئة في حاجة ملحة إليهم لقضائهم اكثر من 25 عاما في الكويت بالاضافة إلى خبرتهم الطويلة في مجال التدريس، وكان من الواجب في حال الاستغناء عنهم ان يتم ابلاغهم من قبل الإدارة وليس وضعهم امام الامر الواقع ومحاولة حل المشكلة بوضعهم على بند المكافآت، الامر الذي يوضح أن الهيئة لم تتخذ القرار المناسب علما بأن القرارات تملى عليها ووظيفتها اقتصرت على تسيير المهام لا اتخاذ القرارات، وقد شكلت الرابطة لجنة لمواجهة هذا الامر واجتمعت مع المدير العام بالاضافة إلى اجتماعها مع المستشار الثقافي المصري، كما اعتبر الحمد هذا الموقف إساءة إلى صورة الكويت، مشيرا إلى شلل ادارة الهيئة خاصا بذكره الادارة القانونية التي أشار إلى عدم اداركها للقانون وقال «انها ما وجدت الا لتبرير بعض الانشطة التي يقوم بها المدير العام ناهيك عن تسريبها أخبار الاجتماعات»، ودلل على ذلك بحق التفرغ الدراسي اذ تقول الادارة القانونية انه «حق مكتسب وللمدير العام أن يمنحه من يشاء»!.

«شهادة» إدانة

واشار إلى ما حدث مع أحد أعضاء الهيئة الوافدين «ومن ناحية اخواننا وزملائنا الوافدين فقد راجع احدهم الادارة المالية فأعطته بناء على طلبه شهادة راتب تفيد بانه ما زال على راتبه» تدين بدورها الهيئة في موقفها من الأساتذة وتشير الى تخبطها وفقدانها الجانب الانساني مبينا أن هذه المشكلة ليست سوى مشكلة من بين عدة مشاكل تعانيها الهيئة، ونحن نضع ثقتنا في القضاء الذي لا شك سينصفهم في هذا الشأن.

كما اعلن رئيس رابطة التدريب في الهيئة محمد الحاتم تضامنه مع الأساتذة المتضررين لما وقع عليهم من ظلم واجحاف من دون النظر الى ماهية جنسياتهم مشيرا الى انه موضوع انساني بالدرجة الاولى قبل ان يكون موضوعا ماديا.

الحق لا يتجزأ

ذكر محامي الاساتذة التسعة الذين لجأوا إلى القضاء الاداري عادل العبدالهادي ان موضوع الاساتذة هو موضوع انساني بالدرجة الأولى وموضوع حق وقانون مؤكدا أن الحق لا يجزأ وان الاساتذة الاجلاء قد خدموا الكويت مدة كبيرة وتخرج على ايديهم اجيال شغلت مناصب كبيرة وان عقودهم حددت منذ سنة 1991 في الكويت بمجموعة من الشروط التي ينص عليها العقد والذي يتجدد كل سنة بشكل تلقائي بالشروط نفسها مع الزيادات والبدلات المستحقة «وفي هذه السنة جرت الحال على كما هي عليه طوال السنوات الماضية فعقودهم جددت علما بوجود القرار791 الصادر عن مجلس ادارة الهيئة في شأن الاساتذة الذين وصلت اعمارهم ما فوق 65 سنة، واخذوا استثناء بذلك للتجديد الى عمر 70 سنة، اسوة بأساتذة جامعة الكويت»، مشيرا إلى عدم اخطارهم قبل ثلاثة اشهر من نهاية العقد، موضحا أنه تم صرف تذاكر الذهاب والاياب لهم والاجتماع بهم لإعطائهم الجداول الدراسية للفصل الدراسي الأول 2008/2007 واستمروا في التدريس في هذا الفصل من دون راتب ثم علموا ان الهيئة اوقفتهم بعد مخاطبة ديوان الخدمة المدنية الذي كان رده انه لا يجوز التجديد لهم علما بأن عقودهم مجددة قانونا تلقائيا كونهم لم يخطروا بمدة محددة للعقد وعلى الهيئة الاستجابة لذلك.

واكد العبد الهادي ان القضية الاساسية بين الاساتذة والهيئة وان موقف الديوان بالنسبة لهم موقف تنظيمي لا اكثر، وأوضح أنه على ثقة بالقضاء الاداري الكويتي الذي انصف احد المتقدمين إليه والباقون في انتظار الأحكام التي ستنصفهم.

... ويبقى السؤال:

إلى متى التخبط في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي بهذه الكيفية التي تجعل اساتذتها يضطرون إلى اللجوء إلى القضاء لحل مشاكلهم بعيدا عن الحلول السلمية؟! وما الاجراءات التي ستتبعها الهيئة لحل مشكلة باقي الاساتذة؟ هل ستتركهم على هذه الحال حتى يلجأوا إلى القضاء كزملائهم طلبا للإنصاف أم إنها ستحل المشكلة باتخاذ القرار المناسب؟