كشفت دراسة اقتصادية أسباب إبقاء العملة السعودية مرتبطة بالدولار الأميركي. أبرزها أن معظم دخل المملكة يأتي من إيرادات النفط ومشتقاته في حين يتم تبادل هذه السلع وتسعيرها بالدولار الأميركي. حددت دراسة اقتصادية حديثة أعدها الباحث سعود بن هاشم جليدان المتخصص في الدراسات الاقتصادية، 11 سببا لإبقاء الريال السعودي مرتبطا بالدولار الأميركي. أبرزها أن أسعار صرف عملات معظم دول العالم في الماضي كانت بصورة أو بأخرى مرتبطة بالدولار.مضاعفات على الميزانيةوكشفت الدراسة التي نقلتها «الأسواق نت» ان من أسباب تثبيت سعر صرف الريال بالدولار، التخلص من تأثيرات تغير أسعار العملة ومضاعفاته على الميزانية الحكومية، حيث إن من شأن تعويم الريال مقابل الدولار، أن يسبب تذبذبا في إيرادات الحكومة النفطية (المقومة بالريال) التي تمثل معظم الإيراد الحكومي. وفي المقابل، فإن أبرز تكاليف رفع أسعار صرف الريال هو انخفاض قيمة صادرات المملكة.وقالت الدراسة «ان أسعار صرف العملات تتأرجح بشكل مستمر منذ التخلي عن نظام أسعار الصرف الثابتة في بداية السبعينيات من القرن الماضي. وتسيطر تقلبات أسعار صرف العملات الرئيسة على حركة أسواق العملات في مختلف أنحاء العالم. والعملات الرئيسة على مستوى العالم هي الدولار الأميركي واليورو الأوروبي والين الياباني والجنيه الاسترليني. وهناك العديد من العملات الأخرى الأقل تأثيرا في أسواق العملات، ومنها الفرنك السويسري والدولار الكندي والدولار الأسترالي». وقالت الدراسة إنه من خلال إلقاء نظرة على التطور التاريخي لأسعار صرف الريال السعودي أمام الدولار الأميركي، يبدو أن مؤسسة النقد العربي السعودي تبنت سياسة ربط وتثبيت سعر صرف الريال السعودي بالدولار. فلم يتغير سعر صرف الريال مقابل الدولار خلال الـ50 عاما الماضية إلا مرات محدودة وبنسب منخفضة وعلى فترات متباعدة. أسباب جوهريةوأكدت الدراسة أنه يوجد العديد من الأسباب التي دفعت المؤسسة إلى سياسة ربط الريال بالدولار. ولعل من أهم هذه الأسباب أن أسعار صرف عملات معظم دول العالم في الماضي كانت بصورة أو بأخرى مرتبطة بالدولار عندما كانت أنظمة الصرف الثابتة شائعة قبل بداية السبعينيات. والسبب الجوهري الآخر، هو أن معظم دخل المملكة العربية السعودية يأتي من إيرادات النفط ومشتقاته والغاز الطبيعي والمنتجات البتروكيماوية، وتضيف الدراسة ان من أسباب تثبيت سعر صرف الريال بالدولار هو التخلص من تأثيرات تغير أسعار العملة ومضاعفاته على الميزانية الحكومية. الدولار عملة العالمومن الدواعي الأخرى لربط أسعار صرف الريال السعودي بالدولار هو أن معظم دول العالم، عامة، تعد الدولار الأميركي عملة العالم، فهو الأوسع انتشارا والأكثر استخداما والأعظم قبولا. وقد عبر وزير الخزانة الأميركية الأسبق دونالد ريغان في الثمانينيات عن هذا الوضع، عندما وصف تقلبات أسعار الدولار بأنها مشكلة عالمية وليست أميركية. كما بين الأسباب الأخرى المهمة لارتباط الريال بالدولار، تمثيل الدولار الأميركي للجزء الأكبر من الأصول الأجنبية للبنوك المركزية والتجارية في دول العالم. وأُسوةً بهذه البنوك، يشكل الدولار معظم الاحتياطيات النقدية لمؤسسة النقد العربي السعودي والأرصدة الأجنبية للبنوك التجارية في المملكة.سياسات «المركزي» ناجحةويضيف الباحث الى الدواعي المهمة لتبني مؤسسة النقد سياسة تثبيت سعر صرف الريال والدفاع عن هذه السياسة، عامل كسب الثقة المحلية والدولية بالعملة السعودية وأنها ذات قيمة مرتبطة بعملة قوية. وبرأي الكاتب فقد أثمرت هذه السياسة على مرّ العقود في تعزيز الثقة بالريال السعودي كعملة يمكن استخدامها والاحتفاظ بها دون الخوف من تقلبات أسعار صرفها، وبذلك نجحت سياسة ربط سعر صرف الريال في زرع الثقة بالعملة السعودية. ولهذا فمن المجدي الاستمرار في السياسات الناجحة وعدم التخلي عنها بل والدفاع عنها حال الظروف الاستثنائية، لأن السياسات الطويلة الأجل أكثر فائدة وأعظم مردودا من السياسات الظرفية. خفض مستويات المضاريةوأوردت الدراسة أسباباً أخرى لربط سعر صرف الريال بالدولار وعدم تعويمه أهمها خفض مستويات المضاربة بالريال السعودي. إذ تقود المضاربة بالعملة حال المبالغة في ارتفاع سعر صرفها إلى ارتفاع مستويات تذبذب العملة، مما يقلل استقرارها ويرفع تكاليف الدفاع عنها ويقلل الثقة فيها. ومن المعلوم، أن المضاربة تشوه مستويات العرض والطلب على العملة. فعندما يتوقع المضاربون رفع أسعار صرف الريال، فإنهم يعمدون إلى الاحتفاظ بالريال توخياً للاستفادة من فرق قيمته في ما بعد مما يضطر مؤسسة النقد إلى توفير كميات إضافية من الريال، وشراء كميات من العملات الأجنبية لتجنب ضغوط رفع أسعار الصرف. تكاليف الخدماتكما أن رفع قيمة الريال سيخفض من تكاليف الخدمات المستوردة ويعرض قطاع الخدمات المحلي الذي يواجه أساسا منافسة متزايدة من الخارج إلى ضغوط إضافية قد تهدد وجود كثير من الشركات القائمة في هذا القطاع. وتأتي قطاعات البنوك والتأمين والاتصالات وتجارة التجزئة ضمن القطاعات التي قد تتضرر من ارتفاع حدة المنافسات الخارجية. وسيؤدي رفع قيمة الريال إلى رفع تكاليف الحج والعمرة لملايين الفقراء من المسلمين، كما سيؤدي إلى رفع تكاليف السياحة إلى المملكة ويخفض من تكاليف السياحة إلى الخارج. قد يؤدي رفع سعر صرف الريال إلى استنزاف جزء كبير من فائض الحساب الجاري الذي تتمتع به المملكة في الوقت الحالي.وفي حال رفع سعر صرف الريال فستنخفض قيمة موجودات مؤسسة النقد من الأوراق المالية والعملات الأجنبية إذا قُيمت بالريال. ويرتفع باستمرار صافي الموجودات الأجنبية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، وستتأثر بعض البيانات الاقتصادية في حال رفع قيمة الريال، فسوف يؤدي رفع أسعار صرف الريال إلى رفع قيمة الناتج المحلي بالدولار، وفي المقابل سيرتفع حجم الدين المحلي بالدولار، كما سترتفع تكاليف العقود الحكومية وتحويلات العمالة الأجنبية في حال تقويمها بالدولار. ومن الأسباب الجوهرية لربط سعر الريال بالدولار، تمثيل تجارة المملكة مع الدول التي تستخدم الدولار الأميركي، أو تلك التي ترتبط عملاتها بالدولار لجزءٍ كبير إن لم يكن الجزء الأكبر من تجارتها الخارجية. أيهما افضل؟ورصدت الدراسة مطالبة البعض، في هذه الآونة، برفع سعر صرف الريال مقابل الدولار بحجة الحد من ارتفاع معدلات التضخم أو بحجج ارتفاع تكاليف السفر والسياحة الخارجية. ولعل رفع أسعار صرف الريال سيساعد على خفض فاتورة بعض الواردات وخفض تكاليف السفر إلى الخارج وخصوصا السياحة الخارجية التي تكثر في موسم الإجازات، ولكن هذه العوائد لا تقاس بما سيتكبده الاقتصاد من جراء رفع سعر صرف الريال على صعد أخرى. ومن المستغرب أن يكثر المطالبون برفع أسعار صرف الريال حال انخفاضها، ولكن لا أحد يطالب بخفض قيمة الريال حال ارتفاع أسعار صرفه. ويستدعي المنطق السليم المطالبة بخفض أسعار صرف الريال حال ارتفاعها وذلك لمساعدة الصادرات والتجارة بشكل عام.الى متى سيتراجع الدولار؟ويرى كثير من المراقبين أن انخفاض أسعار الدولار مؤقت ولن يستمر طويلاً، بل إنهم يرون أن أسعار صرف الدولار منخفضة في الوقت الحالي وأن أسعار صرف العملات الأوروبية مبالغ فيها. وفي حال تعويم الريال أمام الدولار في الوقت الراهن ورفع أسعار الصرف فإن ارتفاع أسعار الدولار مستقبلاً سيتطلب خفض الريال. فهل ستتم المطالبة بخفضه مستقبلاً؟ ويجيب الباحث هنا بأن لديه شكاً كبيراً في مطالبة الذين يرفعون أصواتهم الآن برفع أسعار صرف الريال بأن يطالبوا بخفضه مستقبلاً.(الأسواق نت)
اقتصاد
دراسة: أسباب عدة تبرر إبقاء الريال السعودي مرتبطاً بالدولار الأميركي أبرزها دولرة معظم إيرادات المملكة والسعي إلى تجنب انخفاض قيمة الصادرات
09-08-2007