الحماية هي الجهد المبذول للدفاع عن حقوق وسلامة المستضعفين غير القادرين على حماية أنفسهم أو حقوقهم. فنجد جماعات لحماية الحيوانات والبيئة والأقليات... وغيرهم. لذا لا يمكنني أن أفهم كيف يمكن أن يكون منع الاختلاط ومعارضة مشاركة المرأة الانتخابية وفرض الحجاب على عضوات المجلس ومقترح قانون العمل الجديد «حماية» للمرأة؟!! ما هو ومن هو الذي وضع المرأة ضمن فئة المستضعفين؟ من أعطى «الأوصياء» حق الوصاية؟ ومن طلب حمايتهم؟

Ad

فعندما تحتاج المرأة الى قانون صريح يمنعها من «الأعمال الضارة بالأخلاق التي تقوم على استغلال أنوثتها بما لا يتفق مع الآداب العامة» فهل ذلك لأنها لا تملك الرادع الشخصي؟ أم لرغبتها الدفينة في تدمير الذات؟ ألا يعني عجزها عن الحكم والتمييز فشل والدها «الرجل» في تربيتها؟ وهل يعني ذلك أن هذا الرجل يجوز له العمل في الأعمال التي تستغل «رجولته» بما لا يتفق مع الآداب العامة؟ ومن يحدد ما يتفق وما لا يتفق مع الآداب العامة؟

واذا افترضنا ان المرأة بحاجة الى حماية «عوير وزوير»، ألا يفترض أن تكون جهود الحماية لمصلحة المحمي؟ فالقانون المقترح سيمنع شريحة كبيرة من الشابات من العمل في وظائف مجزية تتطلب الدوام بنظام النوبات الذي بدوره يعني العمل أحياناً بساعات متأخرة من الليل (مثال: العمل في مراكز الاتصال وخدمة العملاء). هل أرغم أحد هؤلاء الفتيات على العمل في تلك الوظائف طوال الأعوام الماضية؟ هل اشتكَين أو طلبن الحماية؟ هل شكل عملهن في ساعات متأخرة من الليل ظاهرة سلبية على المجتمع تحتاج قانوناً لردعها؟ هل سيجد السادة الرجال بدائل لتلك الوظائف بالرواتب والمزايا نفسها في ظل ظروف السوق والبطالة الحالية؟ أم تلك خطة «ذكية» لتوفير وظائف للشباب على حساب الشابات؟

لماذا لا نرى هذا الحماس والعمل الدؤوب لحماية «حقوق المرأة وكرامتها» في قضايا حماية المستضعفين فعلاً، مثل الأطفال والخدم؟ كم قانوناً اقترح أعضاء مجلسنا الأشاوس لحماية الأطفال من الإساءة اللفظية والنفسية والضرب والاستغلال والاعتداء الجنسي من قبل المدرس والوالد وأمير الجماعة وغيرهم من «الرجال» كاملي العقل والدين؟ ما الأسئلة والإجراءات المتخذة لحماية الخدم وحقوقهم الأساسية مثل الراتب والإجازة والمعاملة الإنسانية؟ كم اتفاقية وقعت دولة الكويت لضمان حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الأطفال بشكل خاص؟ ما الضوابط الموضوعة للحد من عمالة الأطفال والأعمال القائمة بعرق الأطفال؟

عندما تكون الحمية والشهامة اختيارية ومزاجية، فلنا الحق في الشك في مصداقيتها والشك في وجود أهداف أخرى «إن تبد لكم تسؤكم» ! هذا الحماس لحماية المرأة، هو في الحقيقة خوف دفين منها وليس عليها. هذه الجهود تنصب باتجاه الهيمنة على المرأة والحد من استقلاليتها لأن نجاحها سيسقط الكثير من الأقنعة، فالخوف الحقيقي ليس من نجاحها، بل من فشله أو ضعفه أمامها.