تتناول الحلقة الخامسة والأخيرة الفترة التي أعقبت اعتداءات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، إذ أدت الضربات الأميركية لتنظيم «القاعدة» الى تشتت قياداته وهروبها، فتقلص دور التنظيم الى تسويق «ماركة القاعدة» عالمياً، على الرغم من أن هذا الأمر جعل القيادة المركزية غير قادرة على السيطرة على استخدامات ماركتها من قبل الجماعات «التابعة»، التي تنشئ نفسها بنفسها.

Ad

وتورد الحلقة تفاصيل خلاف التنظيم مع أبي مصعب الزرقاوي، الذي لم يكن راغباً في الالتزام بقواعده.

وتتطرق الحلقة بإيجاز الى «استبداد» أسامة بن لادن والفئة المتشددة من بين كبار نوابه، الأمر الذي أدى الى إحداث صدع أكبر في التنظيم، وأفسد علاقته بصورة خطيرة مع حاميه الوحيد، وهو تنظيم «طالبان».

وتختم الدراسة بعرض سريع للظروف التي مرّ بها تنظيم «القاعدة»، وما آلت اليه أموره في الوقت الراهن، كما تورد احتمالات التعامل معه لتقليص جاذبيته وجاذبية ايديولوجيته.

في حين أدت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 إلى جعل «القاعدة» كلمة شائعة الاستعمال، فقد أدت أيضا الى جعل قيادات «القاعدة» أشد الرجال مطاردة في العالم، إذ تعرض كثيرون منها للأسر أو القتل خلال السنوات التي أعقبت تلك الهجمات، وأدى التشتت من معقلهم الحصين في أفغانستان إلى تقليل قدرة القيادة المركزية بشدة على تنفيذ مزيد من العمليات.

تقلص الدور

وباستثناء دعم فلول قوات حركة «طالبان» التي لا تزال تحارب في أفغانستان، تقلص دور مركز قيادة «القاعدة» في معظمه لتنفيذ جهود إدارة «ماركة القاعدة». وعلى أية حال، أدى غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة إلى فتح فرص جديدة للجهاديين المنتظرين، حيث واصلت جماعات مختلفة هناك وفي أماكن أخرى من العالم مهاجمة الولايات المتحدة وحلفائها تحت راية «القاعدة»، وفي أغلب الأحيان في ظل وجود ارتباطات ضعيفة للغاية مع قيادة «القاعدة» المركزية أو الأصلية. وهناك عدد من الوثائق من قاعدة بيانات «هارموني» تلقي الضوء على صراعات «القيادة» التي ظهرت ردا على هذه التطورات الأخيرة.

«استبداد» بن لادن

 

كما ذكرنا سابقاً، أدت هجمات الحادي عشر من سبتمبر على الولايات المتحدة إلى انشقاق أساسي بين فئتين من القادة داخل «القاعدة»: فمجموعة القيادة التي عارضت الهجمات، حتى وقد أجبرت على الهرب إلى إيران، لم تبق صامتة حول أوجه اعتراضها، ففي رسالة فظة على وجه الخصوص، مؤرخة في 13 يونيو 2002، وموجهة من قبل سيف العدل إلى شخص يدعى مختار، كتب الأول بمرارة عن حماقة أسامة بن لادن المتهورة، التي أدت إلى تدهور القاعدة «من بلية إلى كارثة».

وفي تكرار لوجهة النظر التي ظهرت في كثير من الأحيان في كتابات أبي الوليد، شكا سيف العدل من قيادة بن لادن الاستبدادية للمنظمة، حيث «إذا عارضه شخص ما، يقدم شخصا آخر على الفور ليسدي رأيا يدعمه، متشبثا برأيه». كتب سيف أن القيادة العاجزة «في كل مرة تتعثر فيها، تنهض ثانية وتندفع بتهور، من دون فهم أو وعي». وفي محاولة ظاهرة لانتزاع بعض السيطرة على «القاعدة» من قيادة بن لادن الكارثية، يحث سيف المرسل إليه على أن «يوقف جميع الأعمال الخارجية، والتوقف عن إرسال الناس إلى الأسر، والتوقف عن التخطيط لعمليات جديدة، بغض النظر عن ورود أوامر بذلك من أبي عبدالله أم لا». كما أشار أيضا إلى أنه يعتزم الكتابة إلى بن لادن أيضا، «لكي يوقف اندفاعه في الأعمال الخارجية، سنناقش المسألة على الوجه الملائم، وبعد ذلك نبدأ الهجوم من جديد ضد أعداء الله». وفي ما يتعلق بأبي الوليد، كما كتب في عدد من الكتابات النقدية التي نشرت في الصحافة العربية منذ عام 2001، أثبت المشروع الكامل لـ«القاعدة» كونه فشلا ذريعا، «كان ذلك مثالا مأساويا لحركة إسلامية تمت إدارتها بشكل أخرق لدرجة مخيفة».

الخلاف مع الزرقاوي

 

إن آخر انشقاق في القيادة كما تعكسه وثائق «هارموني» هو ذلك الذي حدث بين مركز قيادة «القاعدة» وبين أبي مصعب الزرقاوي، الذي تعهد بالولاء لـ«القاعدة»، ووافق على القتال في العراق تحت رايتها في أواخر عام 2004، بيد أن الخلاف بينه وبين قيادة «القاعدة» يعود إلى بداية العلاقة بينهما- فعندما دعا أسامة بن لادن الزرقاوي الى الانضمام إلى «القاعدة» في عام 2000، رفض الأخير على أساس أنه لا يستطيع أن يدعم جهاد بن لادن ضد الولايات المتحدة.

أما سيف العدل، الذي كتب لاحقا ان الزرقاوي كان «متشدداً في ما يتعلق بأوجه الخلاف مع المجموعات الأخرى»، فقد توسّط في التوصل إلى ترتيب تقدم «القاعدة» بموجبه الدعم المادي للزرقاوي لإقامة معسكر للتدريب في هيرات، أفغانستان، برغم أن الزرقاوي بقي في ذلك الوقت مستقلا رسميا عن بن لادن. وبعد غزو أفغانستان بقيادة أميركية في أكتوبر 2001، دمّر تحالف الشمال معسكر الزرقاوي، رغم أنه هرب إلى قندهار، وفي النهاية إلى إيران، ومنها دخل العراق. ونظرا الى ظهوره مباشرة بعد غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة كزعيم سنّي جهادي مُهم، اقتنع الزرقاوي في النهاية بمبايعة بن لادن وبتغيير اسم جماعته إلى «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين». لكنه، على أية حال، لم يكن راغباً في الالتزام بقواعد تنظيم «القاعدة».

رسالة الظواهري إلى الزرقاوي

 

في «رسالة الظواهري إلى الزرقاوي»، وهي وثيقة تم الحصول عليها في العراق وسُمح بنشرها من قبل مكتب مدير الاستخبارات المركزية في أكتوبر 2005، ثمة دليل واضح على الخلافات المهمة في الفكر الاستراتيجي والأولويات التي كانت موجودة بين القيادة المركزية لـ«القاعدة» و«قاعدة الزرقاوي» في العراق. وبرغم أن أسلوب الظواهري كان ودياً، فقد طرح تقييما صريحاً للطرق المختلفة التي يبدو منها أن الزرقاوي ينفّر الشعب العراقي والمجتمع المسلم كله. وحذّر من تكرار الخطأ الذي وقعت فيه «القاعدة» عندما تحالفت مع «طالبان»، التي لم تكن ممثلة للشعب الأفغاني، وبالتالي لقيت معارضة تامة من العديد من قطاعات المجتمع الأفغاني، وحث الزرقاوي على توسيع صلاته مع «جميع زعماء الرأي والنفوذ على الساحة العراقية». كما انتقد الزرقاوي لقيامه بإصدار تصريحات استخفافية عن الزعماء الدينيين العراقيين، مبينا مرة ثانية كيف يتعارض هذا مع الحاجة الى حشد الدعم الشعبي.

وفي حين امتنع عن معارضته، طرح الظواهري أسئلة حول النتائج السلبية المحتملة لهجمات الزرقاوي على الشيعة وإثارة حرب طائفية سنية- شيعية. واحتفظ الظواهري بالتركيز الأكبر في انتقاداته على ممارسة الزرقاوي بقطع رؤوس الأسرى وبث أشرطة فيديو تصور هذه الاغتيالات على شبكة الإنترنت. وبالإشارة إلى أن «أكثر من نصف هذه المعركة تقع في ساحة المعركة الإعلامية»، حثّه الظواهري على الكف عن تلك الممارسة البغيضة التي كانت تُفقدهم قلوب وعقول العالم الإسلامي بصورة واضحة.

وبينما تمت مناقشة مدى أصالة هذه الرسالة في الصحافة الغربية، والتي أنكرها الزرقاوي نفسه عند نقطة ما، فهناك رسالة لاحقة موجهة إلى الزرقاوي من القيادة المركزية لـ«القاعدة»، والتي تم اكتشافها بعد مقتل الزرقاوي في يونيو 2006، تؤكد أنها أصلية، وأظهرت التوسّع في نقد القيادة لأساليب الزرقاوي.

هذه الرسالة المكتوبة من قبل أحد كبار زعماء «القاعدة»، الذي لم يستخدم سوى اسم «عطية»، تكرّر العديد من نقاط النقد والنصيحة السابقة التي أبداها الظواهري، بيد أنها تفعل ذلك بلهجة أشد بكثير.

وبالتشديد على أن الزرقاوي حقق شهرة ونفوذا دوليا من خلال قيادته في العراق، ركّز عطية على عنف الزرقاوي المفرط، وفشله في إدراك أن ذلك يؤدي إلى نفور جمهور المسلمين، كما وبّخ الزرقاوي لعدم طلبه أو إطاعته للتوجيه من القيادة المركزية للقاعدة، محذرا إياه من أن العمل العسكري الذي لا يسير وفق سياسة عليا مدروسة لن يحقق شيئا. وأمره باستشارة قيادات «القاعدة» قبل الاستمرار، طالبا من الزرقاوي أن يرسل مندوبا عنه إلى وزيرستان، والتشاور مع الزعماء العراقيين السنة أيضا. حذّر عطية الزرقاوي أيضا من السماح لبطانة متملقة أن تجعل غشاوة على بصيرته أو تعميه عن حقيقة أنه ارتكب أخطاء فادحة ويجب أن «يعزّر» على «الاستبداد وظلم الناس» ، وارتكابه لجريمة «الفساد في الأرض» وتنفير الناس من «القاعدة» والجهاد وحتى الإسلام.

من الواضح أن النقد الذي وجهته القيادة المركزية لـ«القاعدة» إلى الزرقاوي لم يكن متعلقا كثيرا بالاستراتيجية العسكرية، بل كان متعلقا أكثر بإدارة «الماركة» العالمية للقاعدة. فبالنسبة الى ملايين المسلمين الذين كانوا بصدد تكوين رأي بشأن أهداف وايديولوجية «القاعدة»، فلم يكن من الجيد ببساطة أن يروا جهاديين يحملون راية «القاعدة»، وهم يقومون بصورة منهجية وحماسية بقتل مسلمين آخرين، وخصوصا المدنيين منهم. وبرغم أن محاولة إغراق قوات التحالف في صراع طائفي يهدد استقرار المنطقة بأسرها قد تمثل تكتيكا عسكريا فعالا من وجهة نظر الزرقاوي، فقد مثلت واحدا من أهم التهديدات التي تواجه سلامة «ماركة القاعدة».

الخاتمة

إن صورة الصراع الداخلي التي تظهر من وثائق «هارموني» لا تلقي الضوء على حالات فشل «القاعدة» السابقة فحسب، بل تقدم كذلك لمحة عن ضعفها الحالي- وهو الأكثر أهمية.

تكتنف «القاعدة» اليوم التحديات التي ظهرت على السطح خلال خلافات القيادة في بداية تاريخ التنظيم، ومن المرجح أن تواصل الانشغال بهذه القضايا مادامت باقية. في أول مرحلة من تطورها، وقبل فترة طويلة من صياغة برنامج أيديولوجي متماسك، أثبت الزعيم الأعلى لـ«القاعدة» أنه فاشل تماما كقائد عسكري. كانت جهود أسامة بن لادن الأولية لتشكيل «القاعدة» كجيش فدائي كله من العرب مضحكة في أحسن الأحوال، ومصدرا لإحباط صاعق بالنسبة الى الاستراتيجيين الأكثر قدرة في مداره. وحتى عندما كان لديها هدف محدّد بوضوح -أي هزيمة الشيوعيين في أفغانستان- كانت قيادة «القاعدة» غير قادرة على حشد الكفاءة التنظيمية للعمل بشكل كاف حتى في دور مساند، فكيف في دور مباشر أو قيادي؟

إثر الانسحاب السوفييتي، ازداد تقييد زعماء «القاعدة» بفعل الخلاف بشأن الأهداف الآنية والبعيدة المدى، وباقتناعهم الوطني المتطرف بأن الجهاد كان شأنا عربيا بالمعنى الضيق للكلمة. قاد بن لادن وكبار نوابه التنظيم إلى المستنقع السوداني، مهدرين موارده، ومُظهرين أكثر لعيوبه المنهجية وحساباته الاستراتيجية الخاطئة.

عند عودته القسرية إلى أفغانستان، وجد تنظيم «القاعدة» ملاذا وشريكا أيديولوجيا محتملا في طالبان، وهي جماعة كانت تسعى «بنجاح» الى تحقيق نفس الهدف المتمثل في إعادة تأسيس الخلافة الإسلامية، لكن التطرف الضيق الأفق والتعصب الأعمى أديا إلى مزيد من الصراع الداخلي في ما بين قيادات «القاعدة» بشأن التحالف مع «طالبان». أخذت «ماركة» القاعدة شكلها النهائي خلال تلك الفترة، لكن بوضع الدعوة الى حرب الولايات المتحدة في القلب من تلك الماركة، تسبب بن لادن والفئة المتشددة من بين كبار نوابه في إحداث صدع أكبر في منظمتهم، وأفسد علاقتها بصورة خطيرة مع حاميها الوحيد، وهو تنظيم «طالبان». أدت هجماتها الناجحة على أميركا، أولا على السفارتين في إفريقيا وبعد ذلك خلال أحداث الحادي عشر من سبتمبر، الى منح رسالة «القاعدة» جمهورا عالميا فوريا، لكن الرد العسكري الأميركي على تلك الهجمات أدى إلى تقليص قدرتها التنظيمية لدرجة كبيرة، بحيث إن تلك الرسالة كانت عمليا هي كل ما تمكنت القيادة المركزية لـ«القاعدة» من الحصول عليه.

الضعف مستمر

 

كانت هناك في الفترة الأخيرة بعض التخمينات التي تقول إن تنظيم «القاعدة» بدأ يعيد تنظيم صفوفه في مناطق باكستان القبلية ذات الحكم الاتحادي، وربما انه استعاد حتى القدرة التنظيمية لإدارة العملاء الإرهابيين بشكل فعّال، لكن ليس هناك دليل يشير إلى أنه تغّلب على أوجه الضعف المستديمة التي تم عرضها في هذا التقرير. وعلى العكس من ذلك، أبرزت الأحداث الأخيرة حساسية «القاعدة» المستمرة لها.

في عام 2005، على سبيل المثال، وبعد أن ألقي في باكستان القبض على قيادي «القاعدة» الكبير أبو فرج الليبي، اتضح أن الجهاديين من بلدان وسط آسيا، وهي فرقة أسست لنفسها موطئ قدم في مناطق وزيرستان القبلية، هم من زودوا الاستخبارات الباكستانية بالمعلومات التي قادتهم إلى الليبي. أدت الضغائن التي ولدها الاستنكاف الوطني المتطرف بالجهاديين من بلدان وسط آسيا، التي أظهرها منتسبو «القاعدة» العرب في المنطقة، أي بالجهاديين الشيشانيين والطاجيك والأوزبكيين الذين تم أسرهم إلى تقديم معلومات حول عمليات «القاعدة»، مما أدى إلى سلسلة الغارات والاعتقالات التي أفضت إلى أسر الليبي في النهاية.

وبرغم استمرار جاذبية رسالة «القاعدة» بالنسبة الى بعض الشعوب، يجب ألا ننسى أن تحوّل «القاعدة» من طائفة متطرفة معزولة في جبال جنوبي آسيا إلى حركة عالمية تتم مناقشة أفكارها علنا، يخلق مجموعات جديدة من نقاط الضعف، والتي يمكن استغلالها من قبل أي طرف مهتم يمتلك الوسائل اللازمة لعرض رسالته.

انفلات «الماركة»

ونظرا الى افتقارها إلى بنية واسعة للقيادة والسيطرة، وجدت القيادة المركزية للقاعدة نفسها غير قادرة على السيطرة على استخدامات -وانتهاكات- ماركتها من قبل الجماعات «التابعة» التي تنشئ نفسها بنفسها، أدت التكتيكات الإعلامية الدموية لـ«قاعدة» الزرقاوي في العراق الى إلحاق ضرر بالغ بالشعبية الجماهيرية لرسالة «القاعدة»، حاولت الرسائل الموجهة من القيادة المركزية لـ«القاعدة» إلى الزرقاوي احتواء الضرر عندما كان على قيد الحياة، وفي ظهور حديث على شريط مصور بالفيديو، حاول أسامة بن لادن شخصيا دعم «ماركته» ضد التأثيرات التي خلفها تراث الزرقاوي من خلال التلاعب الإعلامي المباشر، فقد قام، على سبيل المثال، بإلقاء اللوم على الولايات المتحدة في إشعال الحرب الأهلية بين الشيعة والسنة، رغم أنه كان مدركا بالتأكيد دور الزرقاوي في إشعال فتيل الصراع الطائفي الدامي في العراق، كما هو واضح تماما في الرسائل الموجهة من الظواهري وعطية، والتي تمت مناقشتها أعلاه.

كان الضرر الذي ألحقته تكتيكات الزرقاوي باسم «القاعدة» يُرى على أنه بالغ السوء من قبل شركائه السابقين في العراق لدرجة أنهم، مدعومون في ذلك من قبل القيادة المركزية لـ«القاعدة»، غيروا اسم منظمتهم من «تنظيم القاعدة في العراق» إلى «الدولة الإسلامية في العراق»، آملين بهذه الخطوة استعادة علاقاتهم مع المتمردين السنة الذين انصرفوا عنهم بسبب عمليات اغتيال الزعماء السنة التي نفذت باسم «القاعدة»، بيد أنهم فشلوا في ذلك حتى الآن.

إن الفشل المستمر لـ«الدولة الإسلامية في العراق» يمثل إشارة رمزية لموضوع أكبر لهذا التقرير: تنظيم «القاعدة» رديء في بناء الدول. طالما ظل بن لادن والظواهري ممسكين بدفة القيادة، فإن عدم قدرتهما على التنظيم سيخيب أي آمال لديهما في إقامة دولة إسلامية. وإذا حكمنا من الأدلة الوثائقية، لا يبدو أن بناء الدولة يمثل أكثر من شعار بالنسبة إليهما. وبدلا من ذلك، فهما يعتمدان على المظالم وعدم الاستقرار المحلي لتسويق ماركتهم حول العالم.

يمثل بن لادن والظواهري تجسيدا لماركة «القاعدة»، وماداما قادرين على بث صور جديدة لهما، ستواصل ماركتهما النمو. على أقل تقدير، يجب أن يتم تقليص انتشارهما الإعلامي؛ وفي أقصى تقدير، يجب تصفيتهما أو أسرهما. صحيح أن الأسر أو الموت سوف لن يمنعا الجهاديين الآخرين من تبجيل بن لادن والظواهري، أو من مواصلة القتال، لكن تحقيق أيهما لن يكون بالأمر التافه. وعلى العكس من ذلك، فسيؤدي، بمرور الوقت، الى تقليص جاذبية «القاعدة» بشدة كشعار، مما سيؤدي في النهاية إلى تقليل جاذبية الأيديولوجية التي يعتنقها الجهاديون.