إن كان من بين أعضاء مجلس الأمة من يغلّب مصالحه الانتخابية على المصالح الوطنية وعلى حساب سيادة القانون، فلا يجب - في أي حال من الأحوال- أن يكون من بين أعضاء السلطة التنفيذية من ينحو هذا المنحى، ويقدم رضا النواب وإرضاءهم على حساب هيبة القانون، الذي تتحمل الحكومة قبل غيرها ودون سواها مسؤولية عدالة تطبيقه على الجميع حفاظاً على مبدأ سيادته، وصيانة للدولة المدنية التي قوامها العدل والمساواة. نسمع هذه الأيام عن تحركات بشأن وقف العمل بإزالة التعديات على أملاك الدولة، أو ما يسميه البعض إزالة الدواوين... وهو أمر متوقع من بعض النواب الذين يقدمون مصالحهم الانتخابية على مصلحة البلاد في تطبيق قوانينها، لكن المسؤولية في التصدي لذلك بل «الواجب» في مواجهته هو واجب ومسؤولية حكومية بحتة، إن كانت فعلاً حكومة اصلاحية كما تقول وتردد، وسمو رئيس الوزراء هو أكثر من يتحمل هذه المسؤولية. لقد عاشت البلاد سنواتٍ بل تاريخاً من الفوضى والفساد بالتعدي على أملاك الدولة منذ زمن «البراميل» ونهب الأراضي، إلى غيرها من التجاوزات التي أوقفها المرحوم الشيخ عبدالله السالم، والتي تحولت في زمن الانحسار الديموقراطي إلى واقع وحقيقة وأصبحت حقاً مكتسباً... لكننا -الآن- في زمن لم يعد فيه مجال لتبرير التجاوزات على أملاك الدولة، بمقارنتها بذلك التاريخ وتلك المراحل... لقد ولى ذلك التاريخ ولم يعد لزمن الفوضى مكان في دولة عصرية قوامها القانون والعدل في تطبيقه. الحكومة التي تستطيع أن تحشد لرد بعض القوانين أو رغبات النواب يجب أن تكون قادرة على الالتزام بتطبيق قانون الإزالات والتمسك به، حتى إن كان على حساب بقائها.. وليس مطلوباً منها أن تحتمي بلجوء النواب إلى تشريع يقنن الفوضى ويبرر التجاوز على أملاك الدولة بأي شكل كان... أو حث النواب على اللجوء إلى رموز الدولة وقادتها لوقف العمل بهذا القانون حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وحتى تتخلص من هاجس المواجهة أو الصدام مع بعض النواب. إن صمت الحكومة عما يدور لتشريع الفوضى هو مشاركة في تعميمها، مثلما هو تخل عن مسؤوليتها وهروب من واجباتها... أكثر من هذا وذاك هو عودة «عصرية» إلى زمن «البراميل» واحتلال أراضي الدولة، الذي كان يقوم به النافذون آنذاك، أما الآن فقد أصبح ظاهرة عامة يقتدي الصغار فيها بكبار المتنفذين سابقاً. فليكن موقف الحكومة موقفاً واضحاً وصريحاً ورافضاً «لإزالة» القانون وهيبة الدولة وعدالتها. الجريدة
أخبار الأولى
افتتاحية: لا لإزالة القانون
16-03-2008