مازال المشرع الكويتي يعيش بعيدا عن الطموحات، وذلك لعدم تلبيته حاجات المجتمع في معالجة قضايا كالتجارة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني ووضع نصوص للجرائم الإلكترونية، فضلا عن عدم تقييمه التشريعات الموجودة التي أصبح العديد منها غير قابل للتطبيق. في الوقت الذي يواصل فيه مجلس الأمة إصدار عدد من التشريعات السريعة التي تتعرض إلى جملة من الانتقادات في صياغتها وقصورها وعدم مراعاتها تبعات تطبيق البعض منها، مازالت المطالبات مستمرة بضرورة إصدار تشريعات جديدة تواكب التطور التقني الذي تعيشه البلاد لدفع تلك التشريعات للتنمية الإدارية في البلاد. وعلى طاولة مجلس الأمة قوانين كالتوقيع الإلكتروني بينما مازالت الحكومة تناقش منذ عام 2000 إنشاء قانون للتجارة الإلكترونية ولم يشع نور ذلك المشروع من لجان مجلس الوزراء بعد، لكن مجلس الأمة حرص على إصدار قوانين دافعها تحرك شخصي من نائب كقانون البلوتوث المقترح من النائب أحمد باقر وقانون التشبه بالجنس الآخر المطروح من النائب وليد الطبطبائي، لكن السؤال المهم أين التشريعات الجديدة المقدمة من الحكومة التي بصعوبة تقدمت بقانون كالعمل ولم يناقش بعد وقانون التوقيع الإلكتروني الذي لم يتسع صدر أعضاء مجلس الأمة لنقاشه بعد، ولربما يحتاج هو الآخر الى واسطة تحركه شأنه شأن المعاملات اليومية التي ينجزها النواب لناخبيهم! مطالباتجملة من التشريعات بحاجة إلى إعادة النظر فيها كجرائم الإنترنت والتجارة الإلكترونية وغيرهما من التشريعات التي أصبحت اليوم من مسلمات التشريع لدى كثير من الدول العربية ذات الإمكانات المتواضعة، وهو ما يطرح تساؤلا مهما: أين نحن من تطوير تشريعاتنا والدفع بعجلة التطوير بدلا من الاعتماد على المبادرات الفردية من النواب والتي تراعي مفهوم التشريع الحقيقي. ومع كثرة المطالبات بضرورة إعادة النظر في جملة من التشريعات، يتعين إصدار تشريعات بعد دراسة مستفيضة من دون التعجل في إصدار نصوص لاتواكب حتى اليوم الذي صدر فيه التشريع. إلى ذلك يقول الوكيل في إدارة الفتوى والتشريع ورئيس التحكيم الدولي والقضايا الخارجية المستشار فؤاد الماجد إن الكويت تعد من أفضل الدول لديها تشريعات تناقش مختلف القضايا، ولكنها بحاجة إلى تطوير العديد منها وإعادة النظر فيها، موضحا أنه يتعين علينا تطوير تشريعاتنا بشكل يتناسب مع المتغيرات الحديثة.تجاربويضيف الماجد قائلا: «إن قسم القضايا الخارجية في الفتوى لدىه تجارب كثيرة في التعامل مع التشريعات الغربية وبالإمكان الاستفادة من تجارب الدول في المجال التشريعي، والاستفادة منها في الكويت، ولا نحكر أنفسنا ببعض التشريعات العربية».ويبين الماجد قائلا «يتعين على القائمين على التشريع النظر إلى جميع الخيارات التشريعية، وعدم الوقوف فقط على التشريعات العربية، مشيرا إلى أن للدولة مكاتب صحية خارج الكويت ومكاتب عسكرية فلماذا لايكون فيها قانونيون من إدارة الفتوى أو من الخارجية ويكون من الادوار المنوطة بهم تتبع التشريعات وعمل دراسات ومقارنات وبالإمكان تعيين هؤلاء القانونين بوظيفة ملحقين قانونين في السفارات».الاختصاصفي حين يقول أستاذ قانون الجزاء في كلية الحقوق بجامعة الكويت د.محمد بوزبر إن التشريعات في الكويت بحاجة إلى إعادة نظر ومتابعة فاعلة من جهات الاختصاص لها، مشيرا إلى أننا نعيش في عالم متحرك يتطلب منا إشراك أناس على مستوى عال من دراسة التشريع بعيدا عن التقليد في التعامل معها. ويضيف بوزبر قائلا: اننا على صعيد التشريعات الجنائية نحتاج إلى مواجهة جرائم الإنترنت، موضحا أن التنمية الإدارية متوقفة على صدور بعض التشريعات يتعين النظر إليها كقانون التجارة الإلكترونية. ويشير إلى أنه يتعين تطوير لجنة مراقبة التشريعات في وزارة العدل، مع ضرورة إشراك عناصر جديدة في تلك اللجنة وتطوير أدائها، فضلا عن تطوير أداء الجهة المعنية بوضع التشريعات في إدارة الفتوى والتشريع. ويطالب بوزبر المشرع الكويتي بإصدار تشريعات مرنة العبارات وتتمتع بصيغ صالحة لأبعد زمن ممكن حتى تساير التطورات المستقبلية. ملاءمةويبين بوزبر قائلا إن هناك طفرة من التشريعات تصدر من مجلس الامة، لكنها تضيع مع السجال النيابي في المجلس لدى مناقشة بعض القوانين كقانون عمل المرأة في حين ان قانون التوقيع الإلكتروني مدرج ولم يناقش حتى الآن. ويقول بوزبر إن على المشرع الكويتي إعادة النظر في التشريعات الحالية ومدى ملاءمتها للمتغيرات التي طرأت عقب وجود تلك التشريعات، لافتا إلى أن العديد من الدول ومنها الخليجية طورت من تشريعاتها بما يخدم التنمية لديها. أما المحامي المتخصص في القضايا الجنائية والمترافع أمام المحكمة الدستورية والتمييز دوخي الحصبان فيقول إن التشريعات الكويتية ليست بحاجة إلى تطوير إلا فيما يستجد من أمور تتصل بتطور تقني، ولم يكن المشرع غطاه بمواد قانونية لعدم وجوده حينها. مؤثراتويضيف الحصبان قائلا: يتعين أن تنظم التشريعات علاقاتنا كأفراد بشكل مجرد من دون تمييز، وأن تعتمد على مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة والبعد عن الانتقائية وما قد يسمى «بالمواءمة» في وضع أي تشريع موضع التنفيذ أو التطبيق من دون اعتماد المؤثرات الداخلية أو الخارجية في تعطيل بعض التشريعات من حيث التنفيذ. وحول إعادة النظر في التشريعات الحالية يقول الحصبان إن هذا منزلق خطير جدا وعلينا التروي في هذا الأمر وعدم الاندفاع في إصدار تشريعات نكتشف في ما بعد أننا تعجلنا في إصدارها وعدم إمكان تنفيذها، ومثال ذلك قانون منع التدخين، موضحا أنه يتعين التريث في أمر تعديل التشريعات إلا بعد دراسة متأنية لأن الأصل في التشريعات أنها تسن لمعالجة الواقع من دون القفز إلى المثالية وعدم مراعاة الواقع.
محليات - قصر العدل
في الكويت... التشريعات رجعية ولا تحاكي الواقع! التجارة الإلكترونية في أدراج الحكومة منذ 7سنوات والتوقيع الإلكتروني يحتاج إلى واسطة تحركه!
25-08-2007